(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Wednesday, 17 December 2014 07:11

القرآن مدرسة المسلمين الأولي

Written by  الدكتورة فاطمة عبد الرحمان رمضان بن حسين
Rate this item
(0 votes)

الحمد لله ربّ العالمين، و الصّلاة و السّلام على سيّدنا محمّد، خاتم النبيّين، و أشرف المرسلين، و بعد:

فإنّ القرآن الكريم مدرسة المسلمين الأولى، و هي المدرسة الّتي دَرَس فيها الصحابة الكرام، و تخرّجوا فيها، و أسهموا في بناء الحضارة الإسلاميّة، و الّتي لم تختف لحظةً من اللّحظات، و الّتي تعمل دائماً و أبداً على سعادة البشريّة. و إنّ العمود الفقريّ لهذه الحضارة الإسلاميّة القرآن الكريم، الموحي به ربّ العالمين، الّذي تبيّنه السّنّة النّبويّة المطهّرة.

و من متعلّقات القرآن الكريم الّتي انعكست على حضارته الخالدة ما يأتي:

1- القرآن الكريم هو الكتاب السّماويّ الوحيد الّذي تكفّل الله تعالى بحفظه إلى يوم الدّين. قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، فخلود الحضارة الإسلاميّة من خلود القرآن الكريم و خلود مدرسته.

2- القرآن الكريم كتاب هداية أَوّلاً و آخراً. قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9) سورة الإسراء.

3- السّنّة النّبويّة المطهّرة هي المبيّنة لهدي القرآن الكريم. قال تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَ الزُّبُرِ وَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.

4- إنّ لنا نحن المسلمين، تلاميذ مدرسة القرآن الكريم، أسوةً حسنة في محمّد بن عبدالله - صلى الله عليه و سلم -. قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.

فما هي الدّروس الّتي ينبغي أن يتعلّمها تلاميذ مدرسة القرآن الكريم من هدي محمّد - صلى الله عليه و سلم -, الّذي كان خُلُقه القرآن الكريم، كما قالت السّيدة عائشة - رضي الله عنها - في تبيين خلقه صلى الله عليه و سلم. و قد قال الله تعالى خطاباً له صلى الله عليه و سلم في سورة القلم (الآية4): {وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.

إنّا بتدبّر هذا الجانب من حياة النّبيّ صلى الله عليه و سلم نتبيّن أنّ هناك ثلاث درجات متوالية، تسير على النّحو الآتي:

1- تلاوة القرآن الكريم و ترتيله ترتيلاً مجوّداً. و قد جاء خطاباً للنّبيّ صلى الله عليه و سلم، و أمّته تَبَعٌ له في ذلك، بقوله تعالى: {وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}.

2- فهم معاني القرآن الكريم، و هو ما يُسمَّى بعلم التّفسير.

و قد بيَّن الله تعالى للنّبيّ صلى الله عليه و سلم معنى القرآن الكريم. جاء في سورة القيامة قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}. و حرف العطف (ثمّ) يفيد التّرتيب مع التّراخي كما يقول النّحويّون. فمرحلة التّبيين أو التّفسير تالية.

3- العمل بهدي القرآن الكريم. و الهداية أهمّ وظائف القرآن الكريم، و هذه هي المرحلة الثّالثة و الأخيرة.

هذه المراحل الثّلاث متلازمة، و إنّ لنا في تلاميذ محمّد صلى الله عليه و سلم أسوةً حسنة. و هذا التّلازم بين المراحل الثّلاث هو الّذي يبيّن لنا معنى القول: إنّ عمر - رضي الله تعالى عنه - تعلّم سورة البقرة بفقهها و ما تحتوي عليه من معانٍ في اثنتي عشرة سنة، و ابنه عبدالله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما - في ثماني سنين (تفسير القرطبيّ. ص 34).

و يبدو معنى تداخل هذه المراحل الثّلاث جيّداً حينما يتبيّن قارئ القرآن الكريم و حافظه أنّه يستطيع أن يقرأ سورة البقرة قراءةً مجوّدة في حدود السّاعتين الاثنتين.

هذا هو الّذي تبيّنته شخصيّاً، و تبيّنته من طالباتي في الجمعيّة الخيريّة لتحفيظ القرآن الكريم. و إنّ البَوْنَ لَشاسِعٌ بين الوقت الّذي نستغرقه في تلاوة سورة البقرة و الاثنتي عشرة سنة أو السنوات الثّماني.

إنّ كلاًّ من المراحل الثّلاث غاية في الأهمّيّة. مرحلة التّلاوة: روى مسلم عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «إنّما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقّلة (المقيّدة) إن عاهد عليها أمسكها، و إن أطلقها ذهبت. و إذا قام صاحب القرآن فقرأه باللّيل و النّهار ذكره، و إن لم يقم به نسيه» (تفسير القرطبي 1-7).

و إنّ تطبيق الصحابة - رضي الله عنهم - هذه المراحل الثّلاث في فجر الإسلام هو الّذي جعلهم يوحّدون الجزيرة العربيّة تحت إمرة النّبيّ صلى الله عليه و سلم في زهاء ثماني سنوات.

و هو الّذي جعل دولة الإسلام بعد مئة عام من وفاة النّبيّ صلى الله عليه و سلم تمتدّ دون انقطاع من الصّين شرقاً إلى فرنسا غرباً. و هي دولة هديها القرآن الكريم، و لسانها العربيّة لغة القرآن الكريم.

إنّ لنا في السّلف الصّالح لأسوةً حسنة.

1- القرآن الكريم معجزة نبينا محمّد صلى الله عليه و سلم الكبرى الخالدة.

2- أخرج الله تعالى بالقرآن الكريم النّاس من الظلمات إلى النّور.

3- لنا فيه صلّى الله عليه و سلّم الأسوة الحسنة، و لنا في الصّحابة - رضوان الله تعالى عليهم - القدوة المثلى.

4- تتجلّى مدرسة القرآن الكريم دائماً و أبداً في ثلاث مراحل (التّلاوة، الفهم، العمل).

لننظر أولاً إلى النّبيّ صلى الله عليه و سلم بشأن هذه المراحل الثّلاث.

أ‌- الترتيل أو التّلاوة: {وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}، و يشمل ترتيل القرآن الكريم نظراً و غيباً.

و النّبيّ صلى الله عليه و سلم الرّسول الأمّي يتلو القرآن الكريم غيباً. و الأمّة وراء ذلك تتلُوه نظراً و غيباً. تكفل الله تعالى بجمع القرآن الكريم في صدره و إقرائه إيّاه بواسطة جبريل عليه السّلام. فعلينا العناية بالقرآن تلاوة و حفظاً.

الفهم - و المراد التفسير - و هذه المرحلة تأتي بعد الأولى. و إلى ذلك أشارت سورة القيامة في قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}. و معروف أن حرف العطف ثمّ يفيد الترتيب مع التّراخي؛ فعلينا أن نفهم القرآن الكريم، و نتدبّره، و القرآن الكريم حثّنا على ذلك: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.

العمل: إن أول وظيفة للقرآن الكريم، و أهم هدف منه هو الهداية إلى الطّريقة الّتي أقوم من كل طريقة {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، و تأتي وراء ذلك أهداف القرآن الكريم و غاياته الّتي لا يأتي عليها الحصر.

إنّ هذه المراحل الثّلاث قد وعاها السّلف الصّالح؛ و لهذا احتاج عمر - رضي الله تعالى عنه - إلى اثني عشر عاماً كي يقرأ سورة البقرة، و احتاج عبدالله بن عمر - رضي الله تعالى عنهم - إلى ثمانية أعوام.

و نحن يستطيع الواحد منّا أن يقرأ سورة البقرة في أقل من ساعتين اثنتين. و إنّ السّنوات الّتي احتاجها كل من عمر و ولده عبدالله - رضي الله تعالى عنهما - من أجلّ المرحلتين الثّانية و الثّالثة.

و إنّ المرحلة الثّالثة هي الّتي احتاجت أكثر السّنوات.

إنّ عمر و ابنه - رضي الله تعالى عنهما - مثال للقدوة الصالحة في صدر الإسلام، و هؤلاء هم الّذين وحَّدوا الجزيرة العربيّة و حوّلوها تحت قيادة نبينا محمّد صلى الله عليه و سلم من الشّرك إلى التّوحيد في زهاء ثماني سنوات، و هؤلاء هم الّذين امتدت دولتهم بعد مئة عام من وفاة النّبيّ صلى الله عليه و سلم من الصّين شرقاً إلى فرنسا غرباً دون انقطاع.

وإنّ لنا فيه صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، و إنّ لنا في الرعيل الأول أسوة حسنة، والله تعالى من وراء القصد، وهو حسبي ونعم الوكيل.. نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، وأن يهب لنا من أمرنا رشداً.

الرابط:

http://www.halqat.com/Article-702.html

Read 1700 times Last modified on Wednesday, 08 July 2015 09:34