قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Thursday, 20 August 2015 07:49

الحجاب و الحرية

Written by  الأستاذ مرتضي مطهري رحمه الله
Rate this item
(0 votes)

 

النقد الآخر الذي يوجه إلي الحجاب هو أنه يسلب المرأة حريتها و حقها الطبيعي كإنسان، و لذلك فهو يعتبر إهانة إلي كرامة المرأة الإنسانية.

و يقولون إن إحترام كرامة الإنسان و شرفه من المواد التي أقرت في حقوق الإنسان، فكل إنسان شريف و حر، رجلا كان أم إمرأة، أبيض أم أسود، و بصرف النظر عن بلده و دينه. فإجبار المرأة علي إرتداء الحجاب نقض لحق الإنسان في الحرية و إهانة إلي الكرامة الإنسانية، أي أنه يظلم المرأة ظلما فاحشا. لذلك إن كرامة الإنسان و حقه في الحرية، و كذلك الحكم القانوني و العقلي القاضي بعدم حجر أي شخص أوجبه بغير موجب، و القاضي بعدم الإجحاف بحق أحد بأي شكل من الأشكال و بأية ذريعة كانت، كل ذلك يوجب إزالة الحجاب. للرد علي ذلك لا بد من التنويه ثانية بأن هناك إختلافا كبيرا بين أن تحبس المرأة في البيت أو أن يطلب منها الستر إذا أرادت مواجهة رجل أجنبي. حبس المرأة أو إحتجازها لا وجود له في الإسلام إن الحجاب في الإسلام واجب ملقي علي عاتق المرأة يطلب منها بموجبه أن تكون متسترة بصورة خاصة عند تعاملها مع الرجل.

إن الرجل ليس هو الذي فرض عليها هذا الواجب، و لا هو مما يتعارض و كرامة المرأة، و لا هو إعتداء علي حقوقها الطبيعية التي أقرها الله لها.

إذا إقتضت رعاية بعض الشؤون الإجتماعية الخاصة وضع بعض القيود علي الرجل أو المرأة بحيث يلزمهما أن يسلكا سلوكا معينا للحفاظ علي هدوء الآخرين و راحة أعصابهم و عدم الإخلال بإتزانهم الأخلاقي، فإننا لا يمكن أن نطلق علي تلك القيود إسم"الحبس" أو "الحجر" أو " الإستعباد" و لا أن نعتبرها مناقضة لكرامة الإنسان و لا لحقه في الحرية.

إن أمثال هذه القيود مفروضة في بعض الدول المتحضرة في العالم علي الرجل. إذا خرج رجل عاريا إلي الشارع، أو خرج بلباس النوم أو بالبجامة، فإن الشرطة تقبض عليه بتهمة إهانته كرامة المجتمع. فإذا قيدت بعض الإعتبارات الإجتماعية و الأخلاقية الرجل بلزوم إلتزام سلوك خاص في المجتمع، كأن لا يخرج عاريا إلي الشارع، فإننا لا يمكن أن نسمي هذا"سجنا"أو"إستعبادا" أو أنه ضد الحرية و كرامة الإنسان، أو أنه ظلم و يتنافي مع العقل و المنطق.

إنما الأمر علي العكس من ذلك، إذ أن حجاب المرأة، ضمن الحدود التي حددها الإسلام، يرفع من مقامها و يزيد في كرامتها و يوجب إحترامها، لأنه يردع عنها الأجلاف و الذين لا خلاق لهم.

إن شرف المرأة يقتضيها أن تكون عند خروجها من الدار علي وقار و إحتشام و أن لا يكون في ملبسها و مظهرها ما يبعث علي التهيج و الإثارة عن تقصد، بحيث تكون و كأنها تدعو الرجل إليها. فلا ترتدي لباسا ينطق، و لا تمشي مشية تنطق، و لا تتفوه بكلمة أو بلهجة ذات إيحاءات مغرية، و ذلك لأن الزي و الهيئة ينطقان أحيانا، كما تنطق مشية الإنسان أحيانا، و حتي طريقة كلامه قد تقول شيئا آخر.

و لأضرب لكم مثلا إنتزعه من طبقتي، طبقة رجال الدين. فلنأخذ أحد الروحانيين و هو يصطنع لنفسه قيافة خاصة تختلف عما هو متعارف عليه، كأن يزيد من حجم عمامته، و يطيل كثيرا في لحيته، و يقبض علي عصا بيده، و يرتدي جبة جليلة المظهر و الطراز، فإن لهذه القيافة نفسها لسانا ينطق و يقول: إحترموني، إفسحوا الطريق أمامي قفوا متأدبين!

كذلك هي حال الضابط بنجومه و أوسمته و رتبته، إذ يرفع رأسه عاليا، و يضرب الأرض بقدمه، و يخبط الهواء بيديه، و يخشن صوته عند الكلام، فلكل هذا نطق بغير لسان. إنه يقول: خافوني! عليكم أن تملأوا قلوبكم رعبا مني!

كذلك يمكن أن ترتدي المرأة ملابس معينة، أو أن تمشي مشية معينة، بحيث أن ذلك ينطق، دون كلام مسموع: إتبعني!! تحرش بي! إعترضني!! إركع أمامي! أظهر الحب و الهيام لي!

أفتقتضي حقيقة المرأة أن تكون هكذا ؟

إذا كانت بسيطة تروح و تجيء بهدوء، لا تشرد الأذهان، و لا تجتذب إليها نظرات الرجال الداعرة، فهل تحط بذلك من كرامة المرأة أو الرجل ؟ و هل تكون ضد مصلحة المجتمع و ضد الحرية؟

صحيح أنه إذا قال أحد بوجوب حبس المرأة في البيت وراء أبواب مغلقة، و حرم عليها الخروج، فإن ذلك يناقض، بالطبع، حرية المرأة الطبيعية و الكرامة و الحقوق التي وهبها الله لها، و لقد كان هذا موجودا فعلا في الحجاب غير الإسلامي، و لكنه لا وجود له في الحجاب الإسلامي.

إنك لو سألت أي فقيه: أيحرم علي المرأة الخروج من الدار؟

لأجابك بالنفي. و لو سألته: أيحرم عليها أن تبتاع شيئا من السوق حتي إذا كان البائع رجلا؟ أي هل أن قيام المرأة بالبيع و الشراء مع الرجل حرام ؟ لقال لك:لا. أحرام عليها الإشتراك في المجالس و المحافل و الإجتماعات ؟ لقال أيضا: لا. فهن يحضرن في المساجد و يستمعن إلي الوعظ في المجالس الدينية، و لم يقل أحد أن مجرد حضور المرأة و الرجل في مجلس واحد حرام. هل أن تعلم المرأة العلوم و الفنون و الآداب و تربية المواهب التي وهبها الله لها حرام ؟ الجواب ما يزال بالنفي.

هنالك مسألتان فقط بهذا الخصوص. الأولي إنها يجب أن تكون مستورة و أن لا يكون خروجها بقصد عرض مفاتنها لإستثارة الرجال، و الثانية هي أن خروج المرأة من بيتها يجب أن يكون مقرونا بموافقة زوجها حسب معرفته بالمصلحة المشتركة لهما. و هنا ينبغي علي الرجل أن لا يتجاوز حدود ما تقرره المصلحة.

النص مقتطف بتصرف من كتاب "مسألة الحجاب" للأستاذ مرتضي مطهري رحمه الله.

Read 1451 times Last modified on Wednesday, 26 August 2015 12:39

Comments   

0 #1 رومانسية 2015-08-23 14:12
بسم الله الرحمن الرحيم

نقاط مهمة جدا ذكرها كاتب المقال لو فهمتها جيداالمسلمة صاحبة الحجاب الملتزم لما صرنا اليوم إلى ما نحن عليه
Quote

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab