قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Thursday, 24 December 2015 07:57

و أنت العزيز يا رسول الله

Written by  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق .
Rate this item
(0 votes)

" الآن نغزوهم و لا يغزوننا " بهذا القول أسدل رسول الله صلى الله عليه و سلّم الستار على مشاهد غزوة الخندق، و هو يؤمّل أصحابه الصابرين المجاهدين لإعلاء كلمة الله سبحانه و تعالى بالنصر.

و يقرّر بحديثه الذي هو وحي يوحى أن قريشاً لن تعاود الكرّة أبدا و لن تغزو مدينة الإسلام أبداً بل إنّها البشارة بالفتح و التمكين و أنّ الدولة التي أقامها نبي الله صلى الله عليه و سلّم بدستورها الرباني الحكيم المنتصر، ستتحول من الدفاع إلى الفتح العادل الرّحيم و يبلغه خبر تجمّع بني المصطلق لحرب الإسلام و مدينته، فيحشد لهم و يلاقيهم على ماء المريسيع و تكون الغلبة لله و لرسوله و للمؤمنين، و تدور أحداث المعركة و تنتهي ببني المصطلق أسرى لدى المسلمين .

و يشاء الله تعالى أن يكشف رؤوس النّفاق كما يكشفها في كل موطن لكي يظل النّفاق أبدا محلّ النبذ و الرفض و الاحتقار في كل قلب مؤمن خالص الإيمان.

إذ يتلاحى غلامان على ماء المريسيع أحدهما مهاجر و الآخر أنصاري و يستنجد كل منهما بقومه و عبد الله ابن أبيّ يسمع و يرى، و ينطلق لسانه بما في قلبه من النّفاق و كراهية محمد صلى الله عليه و سلّم فيقول : و الله ما أعدّنا و جلابيب قريش هذه إلّا كما قال القائل سمّن كلبك يأكلك، أما و الله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل.

و في القوم زيد بن أرقم غلام صغير، يسمع قول المنافق فينطلق بالكلمة حتى أسرّ بها لرسول الله صلى الله عليه و سلّم و عمر بن الخطاب يستشيطه الغضب، و يطلب من النبي أن يأمر بقتل رأس النّفاق ابن أبيّ و الرسول الحليم الحكيم الذي بعث بالهدى و الرّحمة يجيب عمر قائلا : كيف يا عمر إذا تحدّث النّاس أنّ محمدا يقتل أصحابه لا و لكن آذن بالرّحيل.

و المسلمون المحبّون لنبيّهم يعرفون أعماله و طباعه، و يدركون أن الرحيل في ساعة لم يرتحل فيها النبي قبل ذلك إنما يشير إلى أمر طارئ.

و يدركها أسيد بن حضير و يسأل النبيّ قائلاً : يا رسول الله! لقد رحت في ساعة منكرة لم تكن تروح بمثلها ؟ فقال له صلى الله عليه و سلّم: أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟ قال أسيد: فأي صاحب يا رسول الله ؟ قال: عبدالله بن أبيّ، قال و ما قال ؟ قال: زعم أنّه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الاذلّ.

قال أسيد: فأنت و الله يا رسول الله تخرجه إذا شئت، هو و الله الذليل و أنت العزيز يا رسول الله، ارفق به يا رسول الله، فو الله لقد جاءنا الله بك و إن قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه فإنّه ليرى أنّك قد استلبته ملكا.

فهو التاج إذن يابن أبيّ، و هو الملك الذي ظننت أنّ محمداً أزاحك عنه فنافقت و هلكت، و ما دريت أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم عرض عليه الملك و المال و النّعيم و الخلد و لكنها لم تحرّك في قلبه نبضا و لا في نفسه رغبة، بل الفردوس الأعلى من الجنة هو مطلبه الدائم، و الشفاعة بأمته هي مبتغاه.

و مع سريان الليل يسري الخبر و تتناقل القلوب المؤمنة باستنكار مقولة زعيم المنافقين و تصل إلى ولده عبد الله بن عبد الله بن أبيّ مع مقولة تزعم أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم سيضرب عنقه، و يستنكر الابن المؤمن كلمة أبيه المنافق، و يغضب لنبيّه الحبيب فقد بلغ نفاق أبيه حدّا عظيماً و لكنّه والده و هو به برّ مشفق عطوف.

و يسعى الابن المؤمن إلى نبيّه و قد هاله ما قاله بحق رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقول: " يارسول الله ! بلغني أنّك تريد قتل عبد الله بن أبيّ فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلاً فمر لي به، فأنا أحمل إليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبرّ بوالده منّي و إنّي أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في النّاس فأقتله، فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( بل نترفق به و نحسن صحبته ما بقي معنا ) .

و تصوّر لنا أوراق التاريخ المشرق لمدينة رسول الله صلى الله عليه و سلّم لوحة الوفاء و الإيمان، و الحبّ الخالص في قلوب الصحابة لنبيهم الحبيب، و افتدؤهم إيّاه بالمال و النفس و الأحباب، فالركب المحمدي يصل أبواب المدينة، و الابن المؤمن يقف لأبيه على باب المدينة يمنعه من دخولها قائلا :قف فو الله لن تدخلها حتى يأذن رسول الله صلى الله عليه و سلّم في ذلك .

و يظل عبد الله بن أبي واقفاً على باب المدينة و هو الاذلّ حتى يأذن له المصطفى صلى الله عليه و سلّم بالدّخول، فيعرف أن رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الأعزّ.

فتلك بدور طيبة تنير للسالكين طريق الهدى، و تعلّم من ادّعى حبّ النبي صلى الله عليه و سلم كيف كان أحبّ إلى أصحابه من نفوسهم و نفائسهم و أهليهم.

اللهم صلّ على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

http://www.denana.com/main/articles.aspx?selected_article_no=12232
Read 1588 times Last modified on Friday, 25 December 2015 06:33

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab