في غفلة تمضي بنا الايّام و الساعات، و هي من أعمارنا محسوبة، و علينا معدودة اللحظات و الأنفاس
في غفلة نتعايش مع مشاغلنا اليوميّة، و في غفلة نتعاطى مع همومنا و مشاكلنا الحياتيّة.
في غفلة تمرّبنا الليالي الطّوال، و نحن نعمرها باللهو و اللغو و الفراغ و التفكير فيما فرغ منه ربّ الحياة جل و علا
أيتها القلوب الغافلة عن المحبة الحقيقية، المحبة التي تملأ القلوب سكينة و اطمئنانا، المحبة التي تلهج الألسن بذكر الله، فتطمئن إليه القلوب، و تخلف وراءها غبار الحزن، و تطرح عنها بعيدا مخاوف الغد الآتي في علم الله، لا تغفلي عن ذكره، فتتخطاك رحمته القريبة، و تغدين بعيدة مبعدة من خالقك الرحيم.
أيتها النفوس الواجفة المرتقبة للحظات الفرج بعد الضيق و الكرب و الضنك، الآملة ببرد الرضى بعد طول عناء، الراجية للمسة الرحمة بعد قسوة الياس، لا تغفلي عن نسائم الذكر و التذكر، فتهلكي في متاهات الغفلة، و تنبذي في صحراء القنوط
أيتها النفوس السادرة في الغي ألا فلتعلمي أن ما تستهترين به و تتلاعبين بمقدراته و تهدرين خيراته هو العمر الذي ستسألين عنه يوم العرض على رب العالمين حين تقفين للسؤال فإذا أنت متنبهة يقظى تعضين أنامل الحسرة و تدعين ثبورا كثيرا
أين هي الدقائق الغالية و الأيام النفيسة التي أضعناها و نحن لا ندري متى نسأل عنها.
و أين هي الأبدان الصحيحة السليمة و قد غفلنا عن استعمالها في السعي و العبادة و الجهاد و القيام على أمر الله ؟
و أين هي الاموال التي قدّرها لنا ربنا سبحانه رزقا حلالا،له فيه حق نؤدّيه لعباده الذين ضاقت عليهم معيشتهم و جهدوا للحصول على رغيف يقيم أودهم و نحن متخمون شبعا و ريّا و ترفا ؟
فهل يكون رمضان هو شهر الصحوة و الانتباه بعد طول الغفلة و الانفلات من قواعد الحياة الجادة المثمرة المتوازنة ؟ و هل يكون صفحة جديدة لحياة جديدة لا يغلب فيها العبث على الجد و لا الباطل على الحق و لا الشيطان على القلوب و لا البطر على الشكر ؟
هل نسلم قيادنا منيبين للذي فطرنا و هدانا و اكرمنا و كرّمنا على كثير ممن خلق تفضيلا ؟
اللهم تسلم منا رمضان و قد قبلتنا و قبلته منّا يا عفو يا كريم.