(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 28 تشرين1/أكتوير 2020 15:10

شهادة أهل التوراة والإنجيل في حق النبي صلى الله عليه وسلم

كتبه  د. عبدالجبار فتحي زيدان
قيم الموضوع
(0 أصوات)

اللهم أجِرْنا و والدينا و ذريَّاتنا من النار، و لا تُخزِنا يوم يُبعَثون، اللهم آمين.

بسم الله، و الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله، و على آله و صحبه و مَن والاه، يا حي يا قيوم، بك نستغيث؛ فأصلح لنا شؤوننا كلَّها، و لا تكِلْنا إلى أنفسنا و لا إلى غيرِك طرفة عين.

ليس غريبًا إذا وجدنا اليهود و النصارى يطعنون في شخصية محمد - صلى الله عليه و سلم - فهم الذين اتَّهموا إبراهيم - عليه السلام - بأنه كذَّاب، و اتهموا لوطًا - عليه السلام - بأنه زنا بابنتيه، و اتهموا داود - عليه السلام - بأنه اغتال "أوريا" و زنا بزوجته حتى حملت منه، و اتهموا سليمان بأنه عبد الأصنامَ، و إذا كانت هذه حالَهم مع أنبيائهم، فكيف يكون حالُهم مع محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي قال عنهم: ((و الذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأُمَّة يهودي و لا نصراني، ثم يموت و لم يؤمن بالذي أُرسِلتُ به إلا كان من أصحاب النار))؛ رواه مسلم.

و من سنة الله - سبحانه - أن يُهيِّئ من أعداء الإسلام مَن يرُدُّ على زملائه الذين هم من بني قومه و جنسه و مذهبه؛ دفاعًا عن هذا الدين و نبيه صلى الله عليه و سلم.

و هؤلاء المدافعون غالبًا ما يكونون من المعروفين عند أقوامهم بالعلم و السيرة الحسنة، إنها سنة قوله - تعالى -: ﴿ وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [يوسف: 26].

شهِد بحقه - صلى الله عليه و سلم - الكهَّان من العرب، و الأحبار من اليهود، و الرهبان من النصارى، فهؤلاء جميعًا كانوا قد أُخبِروا بقرب مبعث محمد - صلى الله عليه و سلم - قبل بعثته لما تقارب زمانه، أما الأحبار من اليهود و الرهبان من النصارى، فقد وجدوا في كتبهم من صفته و صفة زمانه، أخبرتهم بذلك أنبياؤهم، أمَّا الكهان من العرب، فقد أتتهم بأخباره الشياطين من الجن الذين كانوا يستَرِقُون السمعَ من السماء قبل أن تُحجَب دونهم بالشُّهب و رجمهم بها، فما يزال الكاهن و الكاهنة يتحدَّثان عن أخبار النبي محمد - صلى الله عليه و سلم - و عن أحواله و صفاته، و العرب ما كانت تُعِير لذلك اهتمامًا، حتى إذا بُعث النبي - صلى الله عليه و سلم - وجدوا أن ما كان يتحدَّثان به ينطبق عليه - عليه الصلاة و السلام.

شهِدوا جميعًا بحقِّه؛ فمنهم مَن آمن، و منهم مَن بقي على استكباره، يقول المستشرق "واط" في كتابه "تأثير الإسلام على أوروبا" ص119:

"إن القديس (توماس أكونياس) على الرغم من عدم إيمانه برسالة محمد أشار إلى أن الكتاب المقدَّس قد تنبَّأ بمجيئه - صلى الله عليه و سلم"، و أكد هذا المستشرق أن التمحيص و(التحقيق) أوضح أن التوراة و الإنجيل قد حُرِّف فيهما الكَلِم، منها علامات نبوة محمد صلى الله عليه و سلم.

و روى البخاري في صحيحه عن جرير بن عبدالله البجلي - رضي الله عنه - قال: كنتُ في اليمن، فلقيتُ رجلينِ (نصرانيَّينِ) من أهل اليمن كان اسم أحدهما ذا كلاع، و اسم الآخر ذا عمرو، فجعلتُ أُحدِّثهما عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقال لي ذو عمرو: لئن كان الذي تذكُرُ من أمر صاحبك (أنه رسول حق)، فقد مر على أجلِه (و وفاته) منذ ثلاث (ليالٍ)، و أقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركبٌ من قِبَل المدينة، فسألناهم فقالوا: قُبِض (و توفِّي) رسول الله - صلى الله عليه و سلم - و استخلفه أبو بكر و الناس صالحون؛ فتح الباري 9/ 138.

فحتى يوم وفاته كان عند النصارى في إنجيلهم، و عند اليهود في توراتهم، فقد كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، قال الله - تعالى  -: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146].

و روى أحمد في مسنده عن سلمة بن سلامة - رضي الله عنه - و كان من أصحاب بدر، قال: كان لنا جارٌ من يهود في بني عبدالأشهل، قال: فخرج علينا يومًا من بيتِه قبل مبعث النبي - صلى الله عليه و سلم - فوقف على مجلس بني عبدالأشهل، قال سلمة: و أنا يومئذٍ أحدثُ و أصغر مَن في هذا المجلس عمرًا، فخاطب مَن في المجلس: إنه سيظهر نبيٌّ من هذه البلاد، و أشار إلى مكة، قالوا له: و متى نراه؟ قال: فنظر إليَّ فقال: إن يستنفذ هذا الغلام عمره يُدرِكه، قال: فو الله ما ذهب الليل و النهار حتى بعَث الله رسوله - صلى الله عليه و سلم - و هو حيٌّ بين أظهرنا، فآمنا به، و كفر به بغيًا و حسدًا (يعني أنه لما بعث الرسول - صلى الله عليه و سلم - كان جار سلمة اليهودي ما يزال حيًّا، فآمنا بالرسول - صلى الله عليه و سلم - و كفر به اليهودي الذي بشَّرَنا بقرب ظهوره)، فقلنا له: ويلك يا فلان، ألستَ قلت لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى.

و في سيرة ابن هشام: و قال ابن اسحاق: و كان من حديث مُخَيْرِيق و كان حبرًا (من اليهود) و عالمًا (من علمائهم)، و كان رجلاً غنيًّا كثير الأموال من النخل، و كان يعرف رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بصفته و ما يجد في علمه (و مما كان يقرؤه في التوراة عنه و عن صفته و اسمه و زمانه)، و غلب عليه إلفُ دينه، فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم أُحُد و كان يوم أُحد يوم السبت، قال: يا معشر يهود، و الله، إنكم لتعلمون أن نصر محمد لحقٌّ (لأن ذلك مسطر عندكم من صفته)، قالوا: إن اليوم يوم سبت، قال: لا سبت لكم، ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بأُحد (ليقاتل مع المسلمين) و عهد إلى مَن وراءه من قومه: إن قُتِلْتُ هذا اليومَ فأموالي لمحمد - صلى الله عليه و سلم - يصنع فيها ما أراه الله، فلما اقتتل الناس قاتل حتى قُتل، فكان رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فيما بلغني يقول: ((مخيريق خير يهود))، و قبض رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أمواله، و كانت كافة صدقات رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في المدينة منها.

و في سيرة ابن هشام أيضًا: و قال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه، قالوا: إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله -تعالى- و هُدَاه لنا، لما كنا نسمع من رجال يهود، كنَّا أهل شرك و أصحاب أوثان، و كانوا أهل كتاب عندهم علمٌ ليس عندنا، و كانت لا تزال بيننا و بينهم شرور (و عداوات)، فإذا نِلْنا منهم بعضَ ما يكرهون قالوا لنا: إنه قد تقارب زمانُ نبيٍّ يُبعَث الآن، نقتُلُكم معه قتلَ عاد و إرم، فكثيرًا ما كنَّا نسمع ذلك منهم، فلما بعَث الله رسوله - صلى الله عليه و سلم - أجبْناه حين دعانا إلى الله - تعالى - و عرَفْنا ما كانوا يتوعَّدوننا به، فبادرنا إليه فآمنا به و كفروا به، ففينا و فيهم نزلت هذه الآيات من البقرة: ﴿ وَ لَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَ كَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89].

و في سيرة ابن هشام أيضًا: و قال ابن إسحاق: و حدَّثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حُدِّثْتُ عن صفية بنتِ حُيَي بن أحطب (و هي زوجة رسول الله - صلى الله عليه و سلم - و كانت من اليهود) أنها قالت: لما قدِم رسولُ الله - صلى الله عليه و سلم - المدينةَ و نزل قُباء (و هي قرية قريبة من المدينة دخلت الآن ضمن المدينة) في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي حُيَيُّ بن أحطب و عمي أبو ياسر بن أحطب مُغلِّسَينِ (أي أقبل أبوها اليهودي و عمها إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في ظلام عميق)، فرجعا (منه) مع غروب الشمس، كالَّين (متعبين) ساقطين يمشيان الهُوَيْنَى، (مما أصابهما من الإعياء فقد كانا عند رسول الله - صلى الله عليه و سلم - من ظلام الفجر حتى غروب الشمس)، قالت: فهشِشْتُ إليهما (فاستقبلتهما بابتسامة و فرح و ترحيب) كما كنتُ أصنع (عند استقبالهما في كل مرة)، فو الله، ما التفت إليَّ أحدٌ منهما، مع ما بهما من الغم (فلم يحتفلا بي كما احتفلتُ بهما، و لم يرحِّبا بي كما رحَّبتُ بهما؛ و ذلك من شدة ما أصابهما من غم و هم و حزن)، قالت: و سمعتُ عمي أبا ياسر و هو يقول لأبي حُيَي بن أحطب: أهو هو؟ (أي: إن محمدًا الذي قابلناه فجر هذا اليوم، هل هو نفس النبي المنتظر المكتوبة أوصافه و زمانه عندنا في التوراة؟ هل تنطبق عليه العلامات كلها كما أُخبِرنا بها في كتبنا؟ هل هو نفس النبي الذي وعَدنا بمجيئه موسى نبي الله؟) قال: نعم و الله، قال: أعرَفْته و تُثبِتُه؟ قال: نعم، قال: فما في نفسك منه؟ (أي قال عم صفية لأبيها: و ماذا تقول في نفسك بعد أن عرَفْتَه بأنه هو النبي؟ أتؤمن به أم ماذا تصنع؟) قال: عداوته و الله ما بقيتُ (يعني على الرغم من أني عرفت بأنه هو النبي نفسه الذي بشَّرَنا موسى بمجيئه، إلا أني مع ذلك سأبقى أُعاديه ما بقيتُ حيًّا و ما بقي حيًّا).

و قال ابن إسحاق: و كان من حديث عبدالله بن سلام كما حدَّثني بعض أهله عنه و عن إسلامه حين أسلم، و كان حبرًا و عالمًا (من أحبار اليهود) - قال: لما سمعتُ برسول الله - صلى الله عليه و سلم - عرفتُ صفته و اسمه و زمانه الذي كنا نتوكَّف له (و نترقب لمجيئه)، فكنتُ مسرًّا لذلك صامتًا عليه، لا أُحدث أحدًا بذلك، فبقي هذا السر عندي حتى قدم رسول الله - صلى الله عليه و سلم - المدينة فلما نزل بقُبَاء في بني عمرو بن عوف (مهاجرًا من مكة إلى المدينة)، أقبل رجلٌ حتى أخبر بقدومه و أنا في رأس نخلة أعمل فيها، و عمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة، فلما سمعتُ الخبر بقدوم رسول الله - صلى الله عليه و سلم - كبَّرتُ (فصِحْتُ: الله أكبر)، فقالت لي عمتي حين سمعتْ بتكبيري: خيَّبك الله، و الله لو كنتَ سمعتَ بموسى بن عمران قادمًا ما زدتَ (و ما كبَّرتَ هذا التكبير، و ابتهجت هذا الابتهاج)، قال: فقلت لها: أَيْ عمة (يا عمَّة)، هو و الله أخو موسى بن عمران، و على دينه، بُعث بما بُعث به، قال: فقالت: أَي ابن أخي (يا بن أخي)، أهو النبي الذي كنا نُخبَر أنه يبعث مع نفس الساعة؟ قال: فقلت لها: نعم، فقالتْ: فذاك إذًا، قال: ثم خرجتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فأسلمتُ ثم رجعتُ إلى أهل بيتي فأمرتهم فأسلَموا، قال: و كتمتُ (و أخفيتُ) إسلامي (عن قومي) من يهود، ثم جئتُ رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقلتُ: يا رسول الله، إن يهود قوم بُهْت (إنهم قوم باطل و كذَّابون، لا يقولون بالحق الذي عرَفوه، و هو ما مذكور من صفتك في التوراة)، و إني أُحب أن تدخلني في بعض بيوتك و تُغيِّبني عنهم، ثم تسألهم عني حتى يُخبِروك كيف أنا فيهم قبل أن يعلموا بإسلامي، فإنهم إن علموا به، بهتوني (و كذَّبوني) و عابوني.

قال: فأدخلني رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في بعض بيوته، و دخلوا عليه فكلَّموه و ساءَلوه، ثم قال لهم: ((أي رجل الحصين بن سلام فيكم؟))، قالوا: سيدنا و حَبْرُنا و عالمنا، قال: فلما فرغوا من قولهم، خرجتُ عليهم فقلت لهم: يا معشر يهود، اتَّقوا الله، و اقبَلُوا ما جاءكم به، فوالله، إنكم لتعلمون أنه لرسول الله، تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة باسمه و صفته، فإني أشهد أنه رسول الله و أؤمن به و أعرفه و أصدِّقه، فقالوا: كذبتَ، ثمَّ وقعوا بي، فقلتُ لرسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ألَم أُخبِرك يا رسول الله أنهم قوم بهت، أهل غدر و كذب و فجور؟ قال: فأظهرت (حينئذٍ و أعلنت) إسلامي و إسلام أهل بيتي، و أسلمتْ عمتي خالدة بنت الحارث فحسُن إسلامها.

اللهم إنا نشهَدُ أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدَك لا شريك لك، و نشهد أن محمدًا عبدك و رسولك، أرسلته بالحق بشيرًا و نذيرًا، اللهم إنا آمنَّا؛ فاكتبنا مع الشاهدين.

الرابط : https://www.alukah.net/sharia/0/69455/

قراءة 793 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 28 تشرين1/أكتوير 2020 16:54