(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 29 أيار 2022 12:21

تدبر آية

كتبه  الأستاذة كريمة عمراوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و على آله و صحبه و سلم:

قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله واسع عليم} 54 المائدة.

عندما نتدبر هذه الآية الكريمة نجد عدة فوائد عزيزة منها:

  • ·الفائدة الأولى: في الآية إشارة للردّة التي حصلت بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم، فأخبر سبحانه و تعالى أنه سوف يأتي بقوم يحبونه و يحبهم، و هذا دليل علم الله تعالى بالغيب، و ما سيحصل بعد وفاة النبي صلى الله عيه و سلم في هذه الأمة.
  • ·الفائدة الثانية: أن الردّة لا تكون إلا بعد إيمان، و من هنا فرّق العلماء بين الكفر الطارئ و الكفر الأصلي؛ و هو الذي لم يسبقه إسلام، و الكفر الطارئ و العياذ بالله هو الذي يكون بعد إسلام، يدلّ على هذا:{ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم} فدلّ أن الردّة لا تكون بعد كفر.
  • ·الفائدة الثالثة: أن الدين الحق هو الإسلام لقوله تعالى:{عن دينه} و لم يقل لم يرتد عن الإسلام، فعلم أن الدين هو الإسلام، في المعنى اللغوي يقال دين النصارى و دين اليهود، و سائر الوثنيين أصحاب أديان، و لكن إذا قيل فلان صاحب دين فيراد به الدين الحق؛ الإسلام.

بل يطلق في مجتمع المسلمين الدين على من استقام، فيقال هذا صاحب دين، و هذا ليس بصاحب دين، و لا يقصد أن ينفوا أصل الإسلام، و لكن يطلق الدين على العدالة في الإسلام، و من هنا أيضا اعتبار الكفاءة في الدين في النكاح، فيقال إنّ المرأة العفيفة الديّنة لا يكافؤها إلاّ صاحب دين، ما المقصود بالدين؟ المقصود صاحب العدالة و الاستقامة على الإسلام، ليس المقصود أن المرأة يجوز أن ينكحها كافر، و لكن شرط الدين يعود إليها أو إلى وليها، لا يحل أن يعقد كافر على مؤمنة؛ لكن الكفاءة المعتبرة و هي شرط؛ فيجوز للمرأة أن تسقط هذا الشرط أو وليها و العقد صحيح، فإن عقد لمرأة سنية على مبتدع جائز و العلماء يقولون أن الكفاءة شرط يسقطه الولي أو المرأة، أما شرط الإسلام فلا يسقطاه.

  • ·الفائدة الرابعة: إن الدين عند الله الإسلام، و لم يثبت الله له دينا بعد الردّة، لم يقل من ارتد عن دينه إلى دين آخر، الردّ هنا تكون عن الإسلام، و لو ارتد إلى اليهودية أو النصرانية فقد ارتد من دينه إلى الكفر، فهذا يدل على أن الدين المعتبر الذي يكون عليه الإنسان هو الإسلام.
  • ·الفائدة الخامسة: أن الحكم الشرعي إنما ما يكون موجودا في الناس ليس ما كان سابق في علم الله عزّ و جل، فقد علم أنّ من المؤمنين الذين هم داخلون في عموم خطابه فلا يكون مؤمنا باعتبار العاقبة، و لهذا خاطبهم باسم الإيمان، هذه فائدة عزيزة، قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه} أثبت الله لهم حكم الإيمان و هو يعلم منهم من يرتد؛ و هذا يدل على أنّ الله لا يعاقبهم إلاّ بما وقع منهم، و ليس بما يعلم أنه سيكون منهم.

علم الله بعباده على نوعين؛ علمه بما سيقع و هذا لا يترتب عليه عقاب أو ثواب، و علمه و علمه تعالى أنّ هذا وقع من العبد و هذا الذي يثيبه و يعاقبه عليه، الله عزّ و جل لا يحاسب الناس بما في اللوح المحفوظ، و لكن يحاسبون بما في صحف الملائكة؛ لأنه لا يكتب الذنب إلاّ بعد وقوعه و ما كتب في اللوح المحفوظ مطابق لما في صحف الملائكة، لكن متى كتب؟ كتب قبل خلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة، سبحان الله العظيم.

الله عزّ و جل لا يزال يحب المؤمنين في حال إيمانهم، و إذا غيّروا ما بأنفسهم يغيّر الله عليهم؛ قال عزّ و جل:{ لا يغيّر الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

  • ·الفائدة السادسة: في قوله تعالى:{ من يرتد منكم} فهذا ما حدث في الواقع، فإن الردّة وقعت في بعض الناس و لم يحصل هذا بحمد الله و بعصمته و توفيقه لأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم من المهاجرين و الأنصار، لم يعرف بحمد الله من ارتد منهم، بل هم من أبعد الناس عن هذا الأمر، إنما حصل هذا من بعض الأعراب، و ممن لم يتفقه على النبي صلى الله عليه و سلم، و لله الحكمة من قبل و من بعد.
  • ·الفائدة السابعة: في قوله تعالى:{ من يرتد} و هو فعل مضارع دال على المستقبل، فلم يذكر الفعل الماضي "من يرتد".
  • ·الفائدة الثامنة: في قوله تعالى:{فسوف يأتي الله بقوم} أضاف الإتيان له تعالى و لم يضفه للقوم، فلم يقل " سوف يأتي قوم"، و هذا دليل على أن الفضل بيد الله و هذا بمقابل إضافة الردّة للمرتد فقال عزّ و جل:{من يرتد منكم} فأضاف الخير لنفسه، و أضاف الشر لصاحبه، و هذا شاهده من من الكتاب في قول الخليل عليه السلام:{ فإذا مرضت فهو يشفيني} فأضاف المرض لنفسه و الشفاء لله، لم يقل يمرضني و يشفني، و كذلك قول الجن:{ و إنّا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد الله بهم رشدا} أضيف الشر لمن لا يسمى فاعله، و أضيف الرشد إلى الله تبارك و تعالى.
  • ·الفائدة التاسعة: في قوله تعالى:{ فسوف يأتي الله بقوم} فيه بشارة عظيمة للأمة أنّ من ارتد منها فسوف يعوض الله الأمة بخير من المرتدين، و هم الموصوفون بالصفات العظيمة في الآية كما سيأتي أن شاء الله تعالى، هذا و الله أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و سلم..........(يتبع إن شاء الله).

 

*

المقالة مؤخوذة من رسالة حسن الإفادة من تدبر آية المائدة للشيخ إبراهيم الرحلي حفظه الله.

قراءة 624 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 01 حزيران/يونيو 2022 09:17