(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 22 آذار/مارس 2023 07:24

استعدوا لرمضان

كتبه  الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن ديننا دينُ علمٍ، لا يُعبَد الله فيه بالجهل و لا بالتقليد الأعمى، و لا يقول فيه المسلم عند السؤال: ((رأيت الناس يقولون شيئًا فقلته))[2]، بل المقرر فيه أن: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم))[3]، و معناه أن كل ما وجب على المسلم عمله، وجب عليه أن يتعلم أحكامه التي لا يصح إلا بها، فعلى الجميع أن يسعى لتعلم أحكام الصيام و آدابه و مستحباته؛ ليؤدي صيامه على أكمل الوجوه، و على أن يتعلم نواقضه و مكروهاته ليتجنبها.

و على العلماء و الدعاة و القادرين من أئمة المساجد أن يُعلِّموا الناس تلك الأحكامَ و الآداب؛ فإن العمل بالجهل قد يتسبب في رد العمل؛ قال صاحب الزبد:

وكل من بغير علم يعمل 
أعماله مردودة لا تُقبَلُ 

و على العلماء و طلبة العلم و الخطباء و المذكِّرين أن يتكلموا في الأمور المتفق عليها و الواضحة و بينة الأدلة، و يتجنبوا الخوض في المسائل الغامضة و ذات الخلاف الشائك، بل يَدَعُوا ذلك لأهل العلم القادرين على اختيار الأصح من مسائل الاجتهاد، فَرَحِمَ الله امرأً عَرَفَ قدر نفسه.

عباد الله:

كما أن الجهل قد يَحُول بين المسلم و بين الاستفادة من رمضان و ما فيه من الأعمال الصالحات، و في مقدمتها الصوم، فهناك أمور أخرى تحول دون الاستفادة منه؛ منها: الإصرار على الذنوب؛ قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 14، 15].

1- و أخبر النبي صلى الله عليه و سلم كما في حديث حذيفة عند مسلم بأن المصر على ذنوبه: ((لا يعرف معروفًا، و لا ينكر منكرًا، إلا ما أُشرب هواه))[4]، فالقلب المغلَّف بران الذنوب لا يستفيد من رمضان، و لا ما فيه من الخير حتى يُغسَل عنه رانه، و ذلك بالتوبة النصوح؛ قال صلى الله عليه و سلم: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئةً، نُكِتَتْ في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع و استغفر و تاب، صُقل قلبه، و إن عاد زِيد فيها حتى تعلو قلبه؛ و هو الران الذي ذكر الله؛ ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]))[5].

فعلى المسلم أن يتفقد نفسه و يعرف ذنوبه، ثم يتوب منها ذنبًا ذنبًا، فيدخل رمضان بقلب صافٍ.

2- و من الموانع من قبول الأعمال، و الاستفادة من نفحات رمضان: الأحقادُ و البغضاء، و المشاحنات و الهجر و القطيعة؛ قال صلى الله عليه و سلم: ((تُفتَح أبواب الجنة يوم الاثنين و يوم الخميس، فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه و بين أخيه شحناء، فيُقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا))[6]، فلنبادر بإصلاح ذات بيننا؛ ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1].

و مما يُضيِّع على المسلمين الاستفادة من رمضان، ما يعده أهل الدنيا في الأسواق و غيرها، و أهل الإفساد في القنوات الفضائية من برامج مختلفة، تجتمع على هدف واحد؛ هو تفريغ رمضان من محتواه الروحي، و صد عما فيه من سبيل الخير، و صد الناس فيه عن العبادات إلى المعاصي و الشهوات، أو الملهيات التي لا فائدة فيها.

إن رمضان هذه السنة يختلف عن السنوات الماضية؛ و ذلك لأنه يأتي في ظل ظروف صعبة، و حالة معيشية متدهورة، و علينا أن نُعِدَّ لذلك العُدَّة من جوانب:

الجانب الأول:

تعويد أنفسنا و أسرنا و ترويضها و تعويدها على الاقتصاد و القناعة، و حسن التصرف مع متطلبات رمضان، و ذلك باختصار ما أمكن من المصاريف و المتطلبات الكمالية التي لا لزوم لها، و لا يترتب على تركها ضرر و لا نقصان مؤثر، حتى لا نُغْرِقَ أنفسنا في الديون، أو نعرضها لذل السؤال، و مِنَنِ المحسنين، و اليد العليا خير من اليد السفلى، بل إن ذلك الاقتصاد المتفق عليه بين أفراد الأسرة يجنبها الوقوع في المشاكل العائلية.

الجانب الثاني:

الجود و الإحسان: فرمضان شهر الجود و الإحسان، و من حِكَمِ الصوم أن يشعر الصائم بمعاناة الصائمين؛ ليعطف عليهم و يرفق بهم؛ قال الشاعر:

جاعت بطون المترفين 
فقدروا ألم الجياعِ 
فامتدت الأيدي إلى 
المحتاج تنضح بالمتاعِ 

و لذا يقول ابن عباس: ((كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجودَ الناس، و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، و كان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فَلَرَسُولُ الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة))[7].

الجانب الثالث:

المواساة، و هي أن نستشعر حاجة و فَاقَةَ و ألمَ مَن حولنا مِنَ الناس، ثم نحاول أن نخفف عنهم من ذلك.



[1] 21/ شعبان / 1429هـ، مسجد خالد بن الوليد.

[2] جزء من الحديث المشهور في عذاب القبر، وهو في البخاري 1/ 44 برقم: 86، مسلم 2/ 624 برقم: 905.

[3] رواه ابن ماجه 1/ 81 برقم: 224، وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم: 3913.

[4] رواه مسلم 1/ 129، رقم: 144.

[5]رواه الترمذي 5/ 434 برقم: 3334 من حديث أبي هريرة، وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، ورواه غيره، وحسنه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم: 1670.

[6] رواه مسلم 4/ 1987، برقم: 2565.

[7] رواه البخاري 1/ 6 برقم: 6، مسلم 4/ 1803 برقم: 2308.

 
قراءة 466 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 22 آذار/مارس 2023 07:52