ذكر بعض أهل العلم :" أن الرجل قد يقوم بعمل فاضل باعتبار جنسه، لكن لا ينتفع به، لعدم قدرته عليه أو لعدم إتقانه له، إذا قام العبد بعمل فاضل لكن لا يطيقه و لا يتقنه، هذا قد يكون فتنة لنفسه و للناس، لعجزه عنه، و لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم: ( عليكم من العمل ما تطيقون) فاشتغال الإنسان بما يحسن و يتقن هو أفضل ما يكون في حقه."
إذا كان العبد لا يطيق العمل لا يتكلفه، أما إذا اشتبه عليه الأمر، هل ينفعه هذا العمل ؟ هل يفيده في دينه و دنياه ؟ عليه أن يستخير الله مرارا، و يكثر من مسألة الله أن يرشده لأحسن الأعمال فيوفق للخير الكثير، فالدعاء خير و عبادة عليه أن لا يعجل، بقي يعقوب عليه السلام يدعوا أربعين سنة ليرجع إليه يوسف عليه السلام، ثم رجع إليه بفضل الله تعالى، و زكريا دعا الله سبع سنوات حتى رزقه الله الولد، و إبراهيم عليه السلام لم يرزق الولد إلاّ و هو شيخ كبير، حتى تعجبت زوجته.
الأشياء الدنيوية قد تعين الرجل على أمور الآخرة و قد تشغل أخرين، الناس ليسوا سواء العبرة بانتفاع الإنسان، و من أراد أن يرزقه الله مالا أو زوجة أو نحوه، فليدع الله قائلا:" اللهم ارزقني مالا و اجعله عونا لي على طاعتك، و اجعل زواجي و ذريتي عونا لي على طاعتك".
من الذي يعيش في النعيم بجانب الزوجة الحسناء و البيت الفاخر و الأولاد و الخدم ثم يكون مقبلا على العبادة مؤثرا الله عزّ و جل، لا يكون هذا إلاّ ممن عصمه الله عزّ و جل ، و لهذا تقللّ سلف الأمة من الدنيا لما علموا من ضعف النفوس، ليس من العقل أن يقول الإنسان أن هذه الأشياء مباحة و لا تضر.
السلف من تأمل حالهم، مهما بلغوا من الإيمان و الفضل ، كان الواحد منهم يرى نفسه أمام المعصية ضعيفا و أنه عرضة لأي ذنب، و كان يقول أحدهم " لو ائتمنوني على أموال الدنيا لكنت عليها أمينا، و لو ائتمنوني على جارية سوداء ما كنت عليها أمينا" لما يعلمون من شدة فتنة النساء، كذلك كانوا يعملون باب سد الذرائع، لو تجنّب العبد أسباب المعصية و أسباب الفتن لكان قويا على الكثير من الطاعات بتركه لأسباب المعاصي و تجنبها.
جاء الدين شاملا لكل أفراد المجتمع، كتاب الله و سنة الرسول صلى الله عليه و سلم تغنينا عما سواهما، في الزواج ، في تربية الأبناء، و غيرها من المعاملات، و هذا لا يعني أن لا نستفيد من خبرات أهل الخبرة، في الطب و الاقتصاد و غيرها، لكن لا يكون لآراء الناس و هؤلاء الخبراء أراء في دين الله عز و جل، عندما تحدث فتنة يسأل عنها كل الناس، الصغير و الكبير، المرأة، الطفل، و الصحيح أن يرجع فيها لأهل العلم ينبغي أن نراجع أنفسنا و لا نخادعها، العاقل لا يخادع نفسه و يقف مع الحق حيث كان.