من أعظم المكفرات التوبة، بل هي من أعظم الأعمال الصالحة، المشرك ليس له مكفرات إلاّ التوبة، فإنّ العبد إذا تاب من الشرك، و من البدعة و من الكبائر و من الصغائر غفر الله له.
أحكام التوبة:
التوبة واجبة في كتاب الله، و سنة النبي صلى الله عليه و سلم قال تعالى :(و توبو إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) النور
أهل التوبة هم خير الناس، قال العلماء :" لعلّ ...في كتاب الله تدلّ على التحقيق، و أنّ هذا الأمر سيحدث، (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا)التحريم 8.
التوبة النصوح هي أن يتوب العبد من الذنب ثمّ لا يرجع إليه، النصح هو الإخلاص و الصدق، التائب صدق مع الله عزّ و جل، و قيل الندم، هذه التوبة سارع إليها النبي صلى الله عليه و سلم :( و الذي نفسي بيده إنّي أتوب إلى الله عزّ جل في اليوم أكثر من سبعين مرة) و التوبة النصوح تشمل الصدق فيها، و صدق العزيمة في أن لا يرجع إلى الذنب، و يقوم بأعمال البر الكثيرة مع التوكل على الله تعالى في أن يسدده و يوفقه إلى التوبة، قال صلى الله عليه و سلم:" يا أيها الناس توبوا إلى الله فإنّي أتوب إلى الله في اليوم أكثر من مائة مرة" الخلق محتاجون كلهم في تجديد التوبة أكثر من مائة مرة، أن يصدقوا مع الله عزّ و جل.
من فضل التوبة أن العبد إذا تاب محا الله ذنوبه كلّها " التوبة تجب ما قبلها" و لم يبق من الذنوب شيء، يعني تذهب بما قبلها، و لم يبق له ذنب، و لم يبق له معصية فأي عمل يماثل هذه الطاعة.
من لقي الله بالتوبة النصوح دخل الجنة، الله عزّ و جل يتوب على عباده حتى تطلع الشمس من مغربها.
" انّ الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل " و يقبل التوبة من العبد ما لم يغرغر. قال عمر بن الخطاب :" إذا وفقت للدعاء فإني أعلم أنّ الإجابة معه"
أستجب لكم هذه مكفولة من الله (أدعوني أستجب لكم ) يبقى أن يعتنى بالعبادة، بالتوبة، بالعمل، لا بدّ للنظر في شروط هذه التوبة حتى تصح.
شروط التوبة:
1-الإقلاع عن الذنب : أن يهجر المعصية و يقلع عنها لله عزّ و جل.
2-الندم : قال صلى الله عليه و سلم " الندم توبة" قال بعض أهل العلم :"التوبة النصوح أن يكره المعصية بقدر ما أحبها".
و هذه الشروط فيما بين العبد و ربه، أمّا إذا رجع الذنب إلى الخلق لا بدّ من تأدية المظالم، أمّا الغيبة فإنه إذا دعا له وثنا عليه بقدر ما اغتابه غفر الله له، و بعض أهل العلم قال يستسمحه.
لا بدّ من الإخلاص في التوبة، التوبة لله و ليست للناس.
ذكر العلماء أنّه من شروط التوبة البيان، كما من كتم علما أو شهادة، أو كتم حقا، لأن هذا من إقلاعه عن الذنب، كالتائب من البدع كالأشعري و غيره من أهل العلم.
المسلم يجب أن يستحضر التوبة العامة من كل الذنوب و المعاصي.
اختلف العلماء هل يرجع إلى ما كان عليه من الإيمان بعد التوبة ؟ منهم من قال نعم يرجع لكن ما دلّت عليه النصوص أنّه إذا قبل منه الدعاء بالتوبة لم يبق له ذنب، و قبل ذلك كان له ذنوب، فدّل أن التوبة إذا كانت صادقة و نصوح فإنها ترفع صاحبها درجات عند الله عزّ و جل.
التوبة لها أثر عظيم على العبد إما أن تكون مقبولة أو مردودة، إن كانت مقبولة نفعت صاحبها، التوبة مقبولة من كل مسلم، حتى الكافر تقبل توبته من الكفر و الشرك.
قال تعالى:( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم و آمنتم و كان الله شاكرا عليما)147 النساء قال الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية " الحال أن الله شاكر عليم يعطي المتحملين لأجله الأثقال، الدائبين في الأعمال جزيل التواب، و واسع الإحسان، و من ترك شيءا لله أعطاه الله خيرا منه، و مع هذا يعلم ظاهركم و باطنكم، و أعمالكم، و ما تصدر عنه من إخلاص و صدق، و ضد ذلك، و هو يريد التوبة و الإنابة منكم و الرجوع إليه."