فالعامة غالبا ما يقصر فهمها علي ما تجنيه مباشرة في يومياتها، و أما الخاصة، فتضيع بين المفاهيم و الأطروحات بينما كل شيء حبيس الفعل في الواقع، ماذا فعلنا لطاعة الله و لمحاربة الأهواء و هل حياة الرفاه هدية تقدم علي طبق من ذهب ؟ أم أنها معايشة يومية لفعل الإستخلاف و تعبيد الطريق للخيرين الأمناء ؟
كثيرا ما نكون في موقع مسائلة الغير و يغيب عنا تماما محاسبة أنفسنا أولا : ماذا فعلنا في محيطنا الضيق بداية ؟ إحدي معضلات التغيير، كيف نسمو بأنفسنا عن الخلافات و ننزل إلي الميدان بذهنية المؤمن المخلص لله المقبل علي فعل الإنعتاق بالتحرك الإيجابي نحو الآخر في بيئة سمتها التنوع ؟
رفض ذهنية التصادم تكون بتوليد الفعل المحي للنفوس و لتجنب الأحكام المسبقة، علينا بالحكم علي أفعال الناس و ليس علي نواياهم و ما بدواخلهم، فالله وحده المطلع علي السرائر. و الفعل وحده ترجمان التغيير، لنتذكر جيدا أن المسلمين الأوائل فتحوا العالم بفضل أخلاقهم و ليس بالحروب. و الخلافة الراشدة لم تقم علي الظنون و إنما علي أفعال القائمين عليها، فكان دستور الجميع، تحري العدل في معاملة الجميع المسلم و غير المسلم.
فكيف بنا و نحن نعيش زمن التصحيح علي كل المستويات، لنتمثل صور من تجاربنا المتعددة ، ألا نرمي من وراء التفاعل العملي تطليق حالة الركود و السلبية و في ذلك التفاعل تعاليم و توصيات تصلح لكل الأعمار و الشرائح ؟
ها أننا اليوم نشارف علي بداية مرحلة جديدة من عمر الأمة الإسلامية، يتقدم الفعل الأمنية و يعلو الحق علي كل الأكاذيب و يقود العقل الوجدان، فلا يكبله و لا يزدريه. أليست هذه تباشير في الأفق و أي كانت التحديات و المخاطر و التهديدات و سوء نية البعض، فنحن ننكب علي العمل، إنكباب الفلاح علي أرضه يحرثها. في سماءنا سحب الغيث و في أفئدتنا شوق إلي بر الآمان و الأفهام تتطلع إلي ما وراء البشائر و هكذا هي الحياة، صراع حق و باطل، تدافع بين الخير و الشر.
فلا ينبغي التراجع أو التعلل بالضعف أو التخوف من المجهول، لأن الآت وعد إلهي، سبقنا إليه محمد صلي الله عليه و سلم و اللحاق به إختبار عصيب لإيماننا و توحيدنا، و توكيد للآية القرآنية 55 من سورة النور، بسم الله الرحمن الرحيم (وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض...).