ما أشبة الليلة بالبارحة...مثل قالته العرب قديما و نحن نقول على نفس النسق ما أشبة هذه السنة بخمسين سنة مضت و انقضت.

أعدمت السلطات العلمانية الجائرة في بنغلاديش يوم الخميس 12/12/2013 البروفيسور عبد القادر ملا صاحب ال65 ربيعا في حياة كلها جهاد و وطنية و ثباث على مبدأ العمل لنصرة الحق و تمكين الشريعة في بلاده.

أعدم هذا الرجل لاتهامه بأنه أراد أن يحافظ على وحدة بلاده باكستان الشرقية و تماسك ترابها حين أراد الهندوس أن يفصلوها بالقوة و الحديد عن باكستان الغربية سنة 1971م

و لكن الأمر ليس كذلك، فقد صرح هو قبل استشهاده قائلا: "يقتلونني لأني زعيم حزب إسلامي، فأنا لم ارتكب أي جريمة على الإطلاق، سيشنقونني لأني مسلم، وعلى الرغم من أن هذه الحكومة على علم بأني لم ارتكب أيا من تلك الجرائم، إلا أنها مصرة على قتلي" .

مصرّة تلك الحكومة على قتله لأنه قال " ربي الله "، و دافع عن عقيدته و أراد إحياء شريعته و التمكين لمبادئه.

مصرّة تلك الحكومة على قتله لأنه رفض الخضوع للعلمنة و لإلغاء مواد الإسلام من الدستور و من السير في ركب الخنوع و الانبطاح.  

لقد مات هذا الشهيد ميتة تعتبر شهادة ميلاد لأفكاره و جهاده، و أداة تحميس و توهج في طريق أتباعه و مريديه.

لقد أذن الله لدمائه الطاهرة أن تكون زيت سراج التحرر و الانعتاق من العبودية العلمانية في تلك البلاد الجائرة على أبرّ أولادها و أحسن نسلها.

إن ميتة كهذه تذكرنا بسير الأسلاف الأماجد الذين ضحوا في سبيل عقيدتهم و قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل أفكارهم و مبادئ دينهم، لتتحرر الأجيال من بعدهم.

و كما كانت دماء شهيد الإسلام سيد قطب لعنة على من قتله، فستكون كذلك دماء أخيه في طريق الجهاد البروفيسور عبد القادر ملا الذي انتهج نهجه و قال في آخر كلماته: " إنني لم ولن اطلب عفوا رئاسيا من أحد ، فلا أحد في هذا الكون يستطيع أن يتحكم في حياة أو موت أحد ، فالله سبحانه وتعالى هو وحده يقرر طبيعة موت عباده ، فالحكم لن ينفذ بقرار أحد وإنما سينفذ بقرار الله تعالى ".

ضحى هؤلاء الرجال لتكون كلمة الله هي العليا، و أن طريق الحق مفروش بالأشواك و المخاطر، و أن حرية الشعوب يلزمها تضحية الرجال، و أن الشعوب تنهض باستشهاد قادتها.

 و ما أجمل ما قال شاعر اليمن الحرّ محمد محمود الزبيري:

خرجنا من السجن شمّ الأنوف     كما تخرج الأسد من غابها

نمرّ علـى شفــرات السيـــوف     و نــــأتي المنيّة من بابــها

ونأبـــى الحيــاة إذا دنســــــت     بعسف الطغاة و إرهابـــها
ونحتقــر الحادثـــات الكبــــار     إذا اعترضـــتنا بأتعــــابها
ونعلم أن القضــــــا واقـــــــع     وأن الأمور بأسبـــــــــابها
ستــــــعلـــــم أمــتــــنا أننــــا      ركبنا الخطوب حناناً بهــا

و في إطار آخر...ألا تدعو كل هذه الأعمال إلى التعجب على حالنا، التفكر في واقعنا، و التأمل في أوضاع المسلمين في كل أرض الله تعالى.

أنغولا تحارب المساجد و تهدمها، بورما تقتل المسلمين و تبيد نسلهم، بنغلاديش تقتل الدعاة المخلصين و تحارب توجهاتهم، ناهيك عن بلداننا العربية التي تئن تحت وطأة الاستبداد الداخلي و الاستعباد الخارجي و الاستحمار الصهيوأمريكي.

أما آن لنا أن نفيق و نحن تحت كل هذا الكمّ من الضرب و التنكيل في كل البلاد، لنعلم أن الحق بأيدينا و النجاة أقرب إلينا مما نتخيل، و أن ديننا مركز قوتنا و مربط عزتنا ؟؟؟؟.

محمد سبرطعي/ عنابة

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.">This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.