لقد أثر عن رسول الله أنه قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُمَيْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَحِيزَتْ جُمِعَتْ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نَحْوَهُ وَ فِي الْبَاب عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ

و أثر عن الخليفة العباسي المأمون أنه قال:

"من لي بثلاثة رجال و أتنازل عن نصف عمري، فقيل له:

-          و من هم يا أمير المؤمنين؟

فقال:

-          والٍ كفؤ، و قاضٍ عادل، و صاحب خبر ثقة!

-          و جاء في كتاب المستطرف الجديد للعلوي:أن  أحد أعيان بني أمية سئل عن الأسباب التي كانت وراء انهيار الدولة الأموية، فقال:

-          انشغلنا بملذاتنا و أوكلنا الأمور إلى وزرائنا فاشتغلوا بخدمة مصالحهم عن مصالحنا ، ففرغت خزائننا ، فتخلى الجند عنّا !

 فقيل له:

-           لكن أي ذلك كان أشدّ عليكم، فأجاب:

- انقطاع الأخبار عنّا.

و المتمعن في الشواهد الثلاثة يلاحظ أنها تلتقي على اعتبار الأمن ركيزة أساسية في قيام الدولة واستقرارها، و من ثمة فإن اختلال الأمن في مجتمع ما لأي سبب من الأسباب يعتبر مؤشر خطير ينبغي الالتفات إليه، و النظر فيه بجدية ؛ لأنه يدل على تسلل الضعف إلى الدولة، بما جعلها لا تستطيع أن تكفل استتابه في ربوع البلاد الخاضعة لسلطتها، و ذلك الضعف قد يكون ناجم عن ضعف التكوين لعناصر الجهاز الأمني، أو قلة التجهيز ،أو قلة العدد ، كما يمكن أن يدل على وجود رغبة خفية للإطاحة بنظامها، و من هنا فإنه يحق لنا أن نتساءل بقوة و قلق عن تفشي ظاهرة اعتداء عصابات الأوباش بالسلاح الأبيض على المواطنين و في وضح النهار، مثل ما حدث بمنطقة عين النعجة في رمضان الفارط، و ما حدث منذ أيام بحي الكروش القصديري ببلدية  الرغاية، فهل يرجع ذلك العنف إلى عجز أجهزتنا الأمنية بسبب قلة التكوين ؛ أو عدم وفرة العدد الكافي لتغطية مختلف المناطق و توفير الحماية الأمنية الضرورية للمواطنين، أو افتقار هذا الجهاز للوسائل و الأدوات التي تكفل لعناصره الاتصال و التنسيق فيما بينها، أم هناك تغاضٍ متعمد يهدف إلى تحريض المواطنين على الدولة و نظامها، لأن بعضهم يعارض ميثاق السلم و المصالحة الوطنية، و قرارات أخرى يراها لا تخدم مصالحه و لا تناسب قناعاته، و مهما يكن الأمر فإن السكوت عن هذا الانفلات الأمني و عدم المبادرة بوضع حدّ له، في أقرب الأجل سيعرض الدولة و المجتمع على السواء لخطر جسيم، من ذلك أنه سيحمل  الناس في هذا البلد على الهجرة إلى مجتمعات أكثر استقرارا ، و أوفر أمنا، و بذلك سيخسر النظام خبرات و كفاءات هو أحوج ما يكون لخدماتها في مختلف القطاعات ، و الني لولاها لتعذر عليه ضمان استقراره و استمراره، و ذلك أهون الشرور المتوقعة، كنتيجة لشيوع ظاهرة العنف في مجتمعنا، و تجذرها فيه، حيث يمكن أن يتطور الوضع إلى قيام معارضة سياسية تستغل هذه الظاهرة لصالحها، و تدفع بالمجتمع إلى قلب  النظام، خاصة أن الأجواء الدولية الحالية جعلت الهجرة خيارا صعبا و ليس في مقدور كل الناس اللجوء إليه، و إذن فلم يبق لكثير من الناس  من خيار آخر إلا تغيير النظام، أو النظم التي تعجز عن توفير الأمن و الصحة و العمل لمواطنيها، و هذا ما يجعلنا  ننادي بضرورة مبادرة نظامنا بتصدي  لظاهرة العنف و العدوان  في مجتمعنا، و التكفل بها على جميع المستويات، و توظيف جميع الطرق  والأدوات لحله  بصفة جذرية،  لأنه لا بقاء للدولة و المجتمع إلا بتوفير الأمن للجميع و ليس لفئة دون أخرى.