قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Friday, 31 January 2014 19:13

العبور من عنق الزجاجة

Written by  د. عصام العريان
Rate this item
(0 votes)

لقد أثمرت الثورة المصرية العظيمة حتى الآن ثمرة حان قطافها ، وعلينا أن نشترك جميعا كمصريين فى امتلاكها وقطفها عندما تصبح يانعة قريبة المنال.

إن الذين يجادلون فى نتائج الثورة ، ويشككون فى ثمراتها ، ويزرعون اليأس فى قلوب المصريين لم يفلحوا ولن يفلحوا .

لقد كانت ثورة شعب بأكمله ولم تكن مجرد ثورة شباب أطلق شرارة البداية .

لقد كانت ثورة ملايين شاركوا لأيام عديدة متواصلة ، واستمروا لشهور متواصلة ، ولم تكن مجرد صيحات على “الفيس بوك” ولا “التويتر” ولا حوارات فى الاعلام والفضائيات .

هذه الملايين هى التى صممت على الخروج رغم كل التخويف والارهاب الاعلامى الذى مارسته النخبة أيام الاستفتاء ثم أربع جولات من التصويت ، ولا تزال على إرادتها الصلبة فى الاستمرار إلى نهاية شوط الانتخابات فى المرحلة الثالثة بجولتيها ليصل عدد المصريين المشاركين فى أول ممارسة ديمقراطية حقيقية إلى قرابة الثلاثين مليوناً من المصريين والمصريات ، فى القرى والنجوع كما فى المدن والعواصم ، على مساحة القطر المصرى كله بكل تنوعهم واختلافاتهم فى الثقافة والتوجه والتعليم والعمل . هذا الشعب بملايينه هو صمام الأمان للخروج من عنق الزجاجة إلى بر الأمان .

هذه الارادة الشعبية الصلبة هى التى تحطمت وتتحطم عليها كل المؤامرات القذرة التى أسالت دماء الأطهار والشهداء خلال الشهور الأخيرة فى أحداث السفارة وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الشعب .

هذه الارادة التى واجهت محاولات زرع الفتن بين صفوف المصريين لتمزيق الصف الوطنى على خليفة دينية أو اختلاف فقهى أو رؤية سياسية بين مسلمين ومسحيين أو اخوان وسلفيين أو اسلاميين وعلمانيين وليبراليين. لقد توجهت تلك الارادة الشعبية إلى اختيار برلمان مصرى بحرية كاملة لأول مرة فى تاريخ البلاد بهذه الكثافة التصويتية ودون أية اتهامات بتزوير الانتخابات كما كان يتردد منذ حوالى مائة عام .

هذا البرلمان المنتخب والذى سيكتمل عقده وينعقد فى أول اجتماع له فى 23 يناير 2012 هو بداية الخروج من عنق الزجاجة .

ثم يختار البرلمان عقب الانتهاء من انتخابات مجلس الشورى الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد يحقق لنا عبوراً آخر إلى نظام دستورى جديد . والدستور الجديد ليس وليد الأغلبية البرلمانية ، بل هو وليد التوافق الوطنى العام دون نظر إلى أغلبية وأقلية.

الدستور الجديد يعبّر عن ارادة شعبية ظهرت فى الاستفتاء والانتخابات البرلمانية .

لا يوجد خلاف حقيقى حول هوية الدولة المصرية ولا انتماء شعبها إلى الأمة العربية ولا مرجعيتها التشريعية والحضارية فى المبادئ العامة للشريعة الاسلامية .

ولا يوجد جدل حول المقومات الأساسية للمجتمع المصري ودور الدين والأسرة والأخلاق والوطنية كمكونات أساسية للإنسان المصري.

ولا يوجد خلاف ما حول حماية الحريات العامة والحريات الشخصية لكل مصرى ومصرية ، وأن الأخلاق لا يتم فرضها بقانون ، وأن الحرية الشخصية لأى مصري تقف عند حدود حرية الآخرين ، وأن كل حق شخصى يقابله واجب عام ، فلا حقوق مطلقة ، ولا حقوق دون واجبات .

المهمة الرئيسية فيما يتعلق بالدستور هى فى مكونات “الباب الخامس” الذى يتعلق بنظام الدولة وصلاحيات الرئيس المنتخب وحكومة تحت رقابة البرلمان .

المهمة الأخرى هى كيف يمكن الانتقال بمصر من نظام حكم شديد المركزية كان يقلص السلطات والصلاحيات كلها فى يد شخص واحد ، وكان يجعل القرار دوما فى العاصمة القاهرة ، إلى نظام حكم لا مركزى يمهد الطريق إلى حكم محلى يجعل كل مصرى ومصرية يمتلك جزءاً من القرار وهو فى أقصى البلاد لأنه دفع من حياته وحريته ثمناً لحرية مصر وحياتها الكريمة ؟

القرار الأصعب القادم هو كيف نجعل جهاز الشرطة يعمل بكفاءة وحيادية فى ظل نظام ديمقراطى سليم يتيح تداول السلطة بين الأحزاب السياسية ؟

وقد يكون أصعب منه الدور المرتقب للجيش المصرى ، حامى الديار ، فى ظل ديمقراطية مكتملة الأركان ، ونحن والعرب جميعا فى حاجة الى جيش وطنى قوى قادر على الردع والحماية ، مجهز بأحدث الأسلحة والتقنيات ،مدّرب على الدوام ليكون على أتم استعداد لمواجهة المفاجآت ، ولكنه فى نفس الوقت لا يشكل دولة داخل الدولة ، ولا مؤسسة فوق المؤسسات ، له خصوصيته ويخضع للرقابة الشعبية فى البرلمان ، له تشريعاته التى تحقق له التماسك والقدرة على ضبط أفراده ووحدة صفه ، ومع ذلك يتم التشاور مع ممثلى الشعب فى تلك التشريعات .

ثم يأتى بعد ذلك تمام العبور إلى نظام مكتمل الأركان وهو انتخاب رئس جمهورية مدنى بإرادة شعبية حقيقية وفى ظل تنافس شريف لأول مرة فى ظل الجمهورية الجديدة التى نعيد صياغتها الآن ووضع أسسها بواسطة الشعب نفسه لأول مرة فى تاريخ مصر .

وبما أن الرئيس منتخب من الشعب مباشرة فلابد أن يتمتع بصلاحيات حقيقية وهذا يؤدى إلى أن الفترة القادمة سيكون نظام الحكم مختلطاً أى رئاسى برلمانى مع توزيع الصلاحيات بين أطراف الحكم الثلاثة:

الرئاسة والحكومة والبرلمان .

هل يتم العبور الآمن وفق هذه الخريطة التى ارتضاها الشعب وتوافقت عليها القوى السياسية ؟

لا شك أن هذا هو بداية الطريق، ولكن يبقى الأهم والأصعب فى حياتنا كمصريين وهو أن نحقق أهداف الثورة فى العيش الكريم ، والأمن والأمان ، والحرية الحقيقية ، والعدالة الاجتماعية.

وهذا لن يتحقق إلا بتعاون الأطراف كلها ، وفى مقدمتها الشعب نفسه لبناء مصر ، وإعادة رسم سياستها الداخلية والخارجية وإعادة توزيع مواردها من أجل تنمية شاملة عمرانية وزراعية وانتاجية .

لنأكل من غرس أيدينا ، ونلبس من صنع مصانع نسيجنا ، ونتداوى من صنع مصانعنا ، ونسد حاجتنا الأساسية فى كل شئ من قدراتنا الذاتية حتى لا نلجأ إلى الاستدانة والقروض والمنح والهبات من جديد فنرهن قراراتنا لصالح غيرنا من القوى التى لا تريد لنا الاستقلال والحرية .

ستمر علينا بعد تلك الشهور الست سنوات شاقة ، تحتاج إلى تضافر كل العقول، وتساند كل السواعد ، وتعاون كل الجهات من أجل بناء نهضة حقيقية فى مصر الواعدة القادرة دوماً على تجاوز الصعاب .

على الجميع أن يتحمل مسئوليته ، فقد قال الشعب كلمته وسيتمهما فى الانتخابات ، وعلينا أن نحترم اختياره الحر النزيه ، وسيقول الشعب ممثلاً فى الجمعية التأسيسية رأيه فى نظام الحكم والدستور الجديد ، وعلينا أن ننجزه فى أقرب فرصة ، وعلى الأقل فلنتوافق على شكل نظام الحكم حتى نختار رئيسا يعلم مدى صلاحياته ولا نختار فرعونا جديدا يستبد بالرأى ، وسيختار الشعب رئيساً جديداً يعلم أنه أجير عند الشعب ووكيل يرعى مصالح الأمة ، وجزء من نظام جديد لا ينفرد عن البرلمان ولا الحكومة بقرار .

المصدر:

http://www.25yanayer.net/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%B9%D9%86%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%AC%D8%A7%D8%AC%D8%A9/

 
Read 1894 times Last modified on Saturday, 20 June 2015 08:43

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab