(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 24 حزيران/يونيو 2015 12:21

بين الصفع و الصفح

كتبه  الأستاذة شريفة الغامدي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

جاء غاضبًا مُحتقن الوجه، يَستشيط غيظًا بعد شِجارٍ مع صديق له في المدرسة، حكى لي ما جرى و جسده الصغير يَرتجف انفعالاً؛ لأن صديقه قد صفَعه، و عيناه تُغالبان دموعه، حتى غلَبته و هو يتحدث، فانصرَف مسرعًا إلى غُرفته.

بقي حزينًا يرفض الحديث حتى حضَر والده، فأخبرَه بما حصل و هو لا يزال على حاله من الغضب و الانفعال، فقرَّر والده التدخُّل و الحديث إلى ذلك الصديق، فلرُبَّما عاد إلى نفسه بعض الرضا، و كان ذلك.

فتحدَّث إليه بعد الصلاة؛ حيث كان يلتقي به في مسجد الحي، و انتهى الأمر بأن تعهَّد كلٌّ منهما بعدم التحدُّث للآخر أو التعرُّض له، و لكنَّ نفسه لَم تَهدأ و لَم يذهب عنه الغضب، بل ظلَّ حانقًا ناقمًا على صديقه، يَشعر بالإهانة بسبب تلك الصفعة.

في المساء ترَكناه يُعبِّر عمَّا بداخله من شعور بالغضب من صديقه، فتحدَّث بشكلٍ أكثر وضوحًا و أعمق شعورًا، و أقسمَ بأنه لن يُسامحه، و بأنه لن يعود للحديث معه مهما كان، و بأنه سيَصفعه كما فعَل، فرأينا أنه من الأنسب استغلالُ الموقف و الحديث عن فضْل التسامُح و الصفح، و ما كان من نبيِّنا الكريم - عليه الصلاة و السلام - من تسامحٍ مع مَن أساء إليه من قومه؛ إذ قال لهم ببساطة و تسامُح: ((اذهبوا فأنتم الطُّلقاء)).

حكينا له الكثير من المواقف و قَصص العافين، و حدَّثناه عن فَضْل الصفح و التسامح، و ثواب الكاظمين للغيظ، مُستشهدين بآيات القرآن الكريم، و بأحاديث الحبيب - صلَّى الله عليه  و سلَّم - بَقِي مُصغيًا لكلِّ القَصص و الحكايات، مستمتعًا بسماعها، مستفسرًا عن جزئيَّاتها؛ مما جعَلنا نسترسل بثقة في تأثُّره و تفهُّمه لِما نقول، متيقِّنين بأنه قد غيَّر رأيه، ثم قال بصوت واثقٍ: و لكنني لن أُسامحه أبدًا، ولن أُكلِّمه، و سأَصفعه، أُصبنا بالدهشة لموقفه، و الخيبة لعدم القدرة على إقناعه، فانصرَفنا تاركين له قراره، و توقَّفنا عن المحاولة، و نام منتظرًا الصباح، مُتلهِّفًا لتلقين زميله درسًا لن ينساه، و في الصباح و كالمعتاد توجَّه لمدرسته، عاقدًا العزمَ على إمضاء قراره الذي اتَّخذه و عجَزنا عن ثَنْيه عنه، لَم نحاول فتْحَ النِّقاش معه مُجدَّدًا، و لكنَّ وجهه كان يبدو عليه الإصرار على تنفيذ ما امتلأَ به رأسه الغاضب من رغبة في الصفع.

فترَكناه يلقى نتائج قراره بنفسه ما دام قد أصرَّ على عدم الصفح، و في أنفسنا خوف مما ستؤول إليه الأمور بينهما، و في الثانية عشرة عاد للمنزل مُنتشيًا، تملأ ابتسامة الانتصار وجهه، صارخًا: أمي، أبي، أنا و فيصل تصالَحنا!


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/37688/#ixzz3diCypkDl

قراءة 1637 مرات آخر تعديل على الجمعة, 26 حزيران/يونيو 2015 07:02