و الله منظر معبر و مخجل و مفرح و طيب و كل الأحاسيس التي تعجز عن تعبيرها و أنت ترى مجموعة فتيات بعمر الزهور و هي تتفتح خلف قضبان الانقلاب الغاشم الخائن.
و الله تملكتني حسرة و خجل من نفسي و أنا أرى هذا المنظر من بنات اعتقدوا قضية الحق و الشرف و الصدق فدافعوا عنها و اعتنقوها و كانوا مستعدين كل الاستعداد للتضحية و للاعتقال في سبيل نجاحها و تمكنها و هنّ خلف القضبان فرحات مسرورات...
و تملكتني من جهة أخرى فرحة عارمة و بهجة شديدة و سرور منقطع النظير لأني حمدت الله أنه مازال في الأمة أمثالهن من يرتفع الرأس بهنّ و تعلو الهامة بذكرهنّ...
إني أتحدث – أحبابي القرّاء – عن البنات العظام حرائر الإسكندرية اللواتي اعتقلتهم شرطة الانقلاب المصري الخائنة و هن يدافعن عن شرعية الرئيس الرجل الحر محمد مرسي، أكبرهن 22 سنة و الباقي بين الخامسة عشر و الثامنة عشر سنة، اللواتي مثلن أمام القضاء الانقلابي يوم الثلاثاء 27/11/2013 ليحكم على زهر الدنيا و طيبها بــ 11 سنة سجنا.
ألا و الله هؤلاء هم القدوة و الأسوة و الأمل، من تتعلم منهن كيف تكون التضحية على المبدأ و العمل من أجل تحرير الوطن من سرقة أعدائه لجهد و دماء أبنائه.
هؤلاء هم أهل النياشين و التحيات و الاحترام من كتبوا ببسمتهن أروع مواقف البطولة، من دبّجوا بعمرهن و أيامهن أزكى تصرفات الشمم و العزة و الكبرياء.
هؤلاء هم سلالة سمية بنت الخياط و أسماء بنت أبي بكر و نسيبة بنت كعب اللواتي وقفن قبل قرون في وجه البطش الكافر القرشي، ليكتبوا لنا ملحمة نستقي منها جميعا كل عبر الثبات و الصبر و الكرامة و الاحتساب.
هؤلاء هم أحفاد زينب الغزالي و حميدة قطب، من وقفن نفس هذا الموقف منذ حوالي خمسين سنة أمام الطغيان الأحمر الناصري المتملق، ليعلنوها أن السجن لا يغير المواقف و لن ترتقي مرارة الانفراد لتزيح عقيدة إنسان مستعد أن يضع حياته ثمنا لها.
ماذا تنتظر من انقلاب هذه تصرفاته...يحكم على شباب الأزهر المتظاهر بـ 17 سنة سجنا و يحكم على بنات في أبهى أيام حياتهن بـ 11 سنة سجنا، ناهيك عن الاعتقالات و التعذيب للرجال الأشاوس و النساء الفاضلات.
ما ذنبهنّ حتى يحبسن و يفصلن من مدارسهن و يعتقلن؟؟...إنه الذنب الوحيد و الشرف الأوحد: مساندة الحق و الوقوف بجانبه و العمل على إرجاع الحق إلى أهله و ذويه و الوقوف ضد الطغيان و الظلم و العته و الخيانة للدين و القسم و الوطن..." و ما نقموا منهم إلا يؤمنوا بالله العزيز الحميد ".
أين المنادون بحقوق الأطفال و حقوق الحيوان قبل حقوق الإنسان؟...أين الدعاة المأجورين الذين سكتوا على الفعلة و رضوا بالسلامة المؤقتة و الخزي الأبدي؟...أين المنظمات الشبابية المتنورة التي صدعت رؤوسنا طول السنين عن الشباب و دوره و وجوب حريته؟...أين الأحزاب المنتسبة إلى الإسلام ظلما و بهتانا ذات العقل السقيم و الأنفس المريضة؟...ألا أخرس الله لسانا لم ينبر للدفاع عن شرف و طهر هذه الزهور...ألا أخزى الله نفسا رضيت بالذل و الهوان و رضيت بهذا الظلم خوفا من بطش أو طمعا في مغنم...
ألا إن الأمل في الله كبير..." أليس الله بكاف عبده "...الله لا يرضى بالظلم و التنكيل...الله لا يرضى بالفساد و التقتيل..." و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين ".
لا تجزعي أم الخمار الأبــيـض والله حسبك في الظلوم المغرض
سيزول بطش الظالمين وبأسهم رضي الذليل بذاك أو لم يرتــض
إني أتشرف بالحمية من أجلكن و الدفاع عنكن و الوقوف بجانبكن و مؤازرة قضيتكن و إكمال مسيرتكن و الوقوف في طابور الإقتداء بملحمتكن و جهادكن...
و لو أن النساء كمــثــل هــذي لفضلت النساء على الرجال
فلا التأنيث لاسم الشمس عيب و لا التذكير مدح للهـــــلال