(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 19 تشرين2/نوفمبر 2014 19:09

هل تقرأ؟ لماذا تقرأ؟ 3/4

كتبه  د . عبد الله قادري الأهدل
قيم الموضوع
(0 أصوات)

و هذه هي الحلقة الثالثة:لماذا تقرأ؟
عرفنا فيما مضى أن الإنسان يتكون من جسم و عقل و روح أو قلب، و أنه ينبغي أن يهتم بذلك كله، فعليه أن يقرأ –بتوازن-ما يفيده في جسمه و عقله و روحه، و معنى هذا أنه يقرأ ليحفظ ما أنعم الله عليه به من جسم و روح وعقل.

و من هنا يعرف العاقل لماذا يقرأ؟
إن جسمه في حاجة إلى أن يعرف ما ينفعه و يحفظ صحته، من نظافة، و غذاء، و لباس، و غذاء-أكلا و شربا-و حركة، و راحة.
و إذا كان الإنسان يعرف –غالبا-ما يحتاج إليه جسمه من هذه الأمور، فإنه قد يجهل كثيرا منها، و يحتاج إلى من يرشده إلى معرفة ما يجهل، و القراءة إحدى وسائل الإرشاد.
و على سبيل المثال: يختلف الناس في الطعام الصالح لكل منهم، بحسب ما هم عليه من صحة و مرض، و المرضى يختلفون كذلك: فالطعام النافع لمريض، قد يكون ضارا لآخر.

و يختلف الناس في الحركة المفيدة و الحركة الضارة، فهذا يحتاج إلى بذل جهد كبير من الرياضة التي تجلب له الصحة و القوة، و تذهب عنه الأسقام و الأمراض، و ذاك يحتاج –للمحافظة على صحته-إلى جهد أقل، و آخر يحتاج إلى السكون و قلة الحركة أو عدمها.

و الذي يبين لكل إنسان ما ينفعه و ما يضره، هم المتخصصون، كل في مجاله، و قد ألفت في ذلك كتب، و كتبت أبحاث، و نشر الكثير منها في مواقع الشبكة العالمية (الإنترنت) ينبغي أن يهتم كل واحد بقراءة ما يفيده في محافظته على جسمه، لأن جسمه أمانة عنده لا ينبغي أن يفرط فيه. و قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه و سلم، أنه قال:(إن لجسمك عليك حقا) قال: (احرص على ما ينفعك و استعن بالله)

و الأمور المتعلقة بالجسم يهتم بها غالب العقلاء، لأن دواعيها محسوسة، يشعر بها كل واحد، و يصعب صبره على ضررها.

فإذا شعر بالجوع طلب الطعام، و إذا شعر بالعطش طلب الماء، و إذا شعر بالمرض طلب الدواء، و إذا شعر بالحر طلب ما يقيه منه، من تبريد أو غطاء، أو ظل، و إذا شعر بالبرد، تعاطى طلب أسباب الدفء.

و لهذا تجده يتتبع ما يكتب عن الأمور التي يحتاج إليها، فيقرأها ليصل إلى ما يمكنه من تحقيق غرضه.

فكم ترى من مرضى السكر –مثلا- يتتبعون ما يكتب عنه، و عن أضراره، و الوقاية من مضاعفاته، و علاجه... و هكذا غيره من الأمراض، وقانا الله و جميع المسلمين شرها.

أقصد من هذا أن العناية بالجسم عند العقلاء، من الأمور التي تتوافر الدواعي و الأسباب إلى السعي إليها، و القراءة عنها أكثر من غيرها.

أما تغذية العقل بالأفكار و المعاني، فهي في المرتبة الثانية بعد الجسم، تجد غالب الناس لا يهتمون بها كما يهتمون بالعناية بأجسامهم، و لهذا تجد قراءتهم لهذا الغرض أقل من قراءتهم لما يتعلق بالجسم، لأن فائدة العناية بتغذية العقل ليست محسوسة، مثل فائدة العناية بالجسم، و في ذلك خسارة عظيمة.

و لهذا كثر في القرآن الكريم التنبيه على أهمية العقل، بلفظه أو معناه: مثل قوله تعالى: ((إن في خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النهار و الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس و ما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها و بث فيها من كل دابة و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الأرض لآيات لقوم يعقلون)) البقرة: 164
و مثل قوله تعالى: ((إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون)) الأنفال: 22

و هما كما ترى نموذجان يتكرران في القرآن الكريم: ((يعقلون)) بالإثبات مدحا لذوي الاهتمام بعقولهم، و استعمالها فيما خلقت له، من التفكر في مصالح أهلها الدنيوية و الأخروية لتحصيلها، و في المفاسد التي تضرهم، لتجنبها.

و ((لا يعقلون)) بالنفي، ذما لمن لم يهتموا بعقولهم، فلم يستعملوها فيما خلقت له، فلم يسعوا في تحصيل مصالحهم الشاملة للحياتين، بل سعوا في جلب المفاسد المدمرة على أنفسهم و على غيرهم.

حتى إنك لترى من استعملوا عقولهم في الابتكارات العلمية الكونية المادية، و وسائل العيش ذات الرفاهية، كما هو حاصل في هذا العصر، و لكنهم أهملوا استعمال تلك العقول في إسعاد البشرية بتلك الابتكارات و تلك الوسائل، فدمر الأقوياء بها الضعفاء، و في الحروب المعاصرة على ذلك الدليل القاطع. 

و السبب في ذلك اهتمام تلك العقول بالأمور المادية و متع الحياة الدنيا، و غفلتها عن الحياة الدائمة السعيدة، حياة الآخرة التي تكون فيها السعادة المطلقة، أو الشقاء المطلق.
كما قال تعالى عن أمثال هؤلاء: ((وعد الله لا يخلف الله وعده و لكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون)) الروم: 6-7

أما العناية بالقلب و تغذيته بالمعارف الربانية، و إضاءته بالأنوار الإيمانية، و إمداده بالشعائر العبادية، من الفرائض و النوافل المقربة إلى الله تعالى، فأهلها هم أقل الناس في هذه الحياة.
و ليسأل كل منا نفسه: ما نسبة قراءته لما يقوي إيمانه من قراءة القرآن و تدبره، ليعرف فيه صفات المؤمنين المفلحين، و صفات الكافرين و المنافقين الخاسرين، ليبحث عن نفسه بين هذه الأصناف الرئيسة ليعرف أين موقعه منها، و أي الصفات تغلب عليه، و هل يجاهد نفسه ليتصف بصفات المؤمنين، أو هو غافل عن ذلك، و فيه من صفات غير المؤمنين ما هو في أمس الحاجة إلى تغيير ما بنفسه حتى يغير الله ما به؟
و ليسأل كل منا نفسه: هل يكثر من قراءة الأذكار المطلقة و المقيدة التي تملأ قلبه إيمانا بالله و رسوله، و محبة لله و رسوله و عباده المؤمنين، و خوفا من الله و عقابه في الدنيا و الآخرة؟
هل اهتم كل منا بقراءة حقوق ربه، و حقوق نفسه، و حقوق أهله من أبوين و أولاد و أزواج، و جيران و زائرين، ليعطي كل ذي حق حقه؟
هل اهتم كل منا بقراء ما نناجي به ربنا في ظلمة الثلث الأخير من الليل، من تهجد و ذكر و ابتهال و تضرع إلى الله، طالبين مغفرته و عفوه و نصره لعباده المؤمنين المستضعفين في الأرض؟
هل اهتممنا بقراءة دعامة النصر و منطلق العزة بعد الإيمان: الجهاد في سبيل الله الذي أذلنا الله لأذل خلقه، بسبب غفلتنا عنه و عدم رفع رايته؟
هل اهتممنا بقراءة المصير بعد هذه الحياة: الموت الذي لا مفر لنا منه، و هو آت لا محالة في أي لحظة من لحظات أعمارنا؟ هل قرأنا عن ساعة الموت و نزع الروح و الفرق بين قبض أرواح المؤمنين و أرواح الكافرين؟
هل قرأنا عن أحوال أهل القبور، و أسئلة منكر و نكير، و نعيم القبر و عذابه؟
هل قرأنا عن البعث و النشور و الحشر و الحساب و الجزاء و الصراط و الجنة و النار، و عن الإعداد لكل ذلك؟
هل قرأنا صفات الجنة و أهلها، لنعمل الصالحات، رغبا فيما أعد الله فيها لعباده المؤمنين؟

هل قرأنا عن صفات النار و أهلها، لنترك السيئات، رهبا مما أعد الله فيها لأعدائه الكافرين، و عصاة المؤمنين؟
هل نتذكر و نحن نقرأ في حياتنا الدنيا اليوم الآخر الذي سنقرأ فيه كتابنا، عندما يقال ((اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا))؟
ألا نتذكر قراءة من يؤتى كتابه بيمينه، و من يؤتاه بشماله: ((يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية. فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه. إني ظننت أني ملاق حسابيه.فهو في عيشة راضية. في جنة عالية. قطوفها دانية. كلوا و اشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية. و أما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه...))
إن الذي نقرأه اليوم ونعمل به، سنؤتاه غدا و نحاسب عليه.
فليسأل كل من نفسه: لماذا أقرأ و ليجب بما يعرفه هو عما يقرأ. وفقنا الله جميعا لما يحبه و يرضاه.

http://www.saaid.net/Doat/ahdal/4-2.htm

قراءة 2252 مرات آخر تعديل على الأحد, 12 تموز/يوليو 2015 09:27