من أيام، طرحت سؤال علي مهندسة معمارية، فكانت إيجابتها هكذا :
طبعا لا بد من رخصة بناء مطابقة للمخطط الهندسي للبيت، الملاحظ للأسف أن الجزائريين لا يلتزمون بما هو متفق عليه طبقا لرخصة البناء. يتجاوزون الخطوط الحمراء و لا يعبأون بقواعد البناء السليم. فالحديقة لا بد منها لكنك ترين بنايات من عدة طوابق إحتلت كل المساحة دون أدني إعتبار للمحيط الطبيعي. هذا و لا وجود لقانون يمنع المواطن الجزائري من تغيير الشكل الهندسي لبيته الذي ورثه عن حقبة الإستدمار الفرنسي.
الهندسة المعمارية للمحتل الفرنسي جزء من إرث تاريخي اهمل تماما، و أذكر بالمناسبة حالة أسرتي، في نصف الستينات كان والدي الكريمان يقيمان في شقة في حي حيدرة و كانا يبحثان عن بيت مستقل، فإذا بوالدتي الكريمة عثرت علي إعلان في جريدة وطنية لطالب يرغب في إستبدال بيته فيلا بشقة، وقع الإتصال به. و أفضي الأمر إلي حصولنا علي البيت المستقل و الذي بناه معمر إسباني مع زوجته الإسبانية و الذي تنازلت عنه فور قتل زوجها و مغادرتها للجزائر.
أذكر بالمناسبة أننا عند الترميم و الإضافة إحترمنا الهيكل الهندسي للبيت، بينما بعض الجيران لم يفعلوا. هذا و الجزائري يبني اليوم دون مراعاة أدني شروط المحافظة علي البيئة و إقتصاد الطاقة، كأننا نعيش خارج الزمن بعيدا عن التغييرات الهائلة التي جدت في مجال البناء و المناخ. طيلة 60 سنة، مادة التربية الوطنية، لم يكن لديها أي تأثير علي الأجيال. نحيا بلا روح، بلا تفاعل إيجابي مع الطبيعة و التاريخ.
في توقيت زمني دقيق نعاني شتي أنواع التقلبات المناخية، لازلنا لا نقدر حجم الأخطار المحيطة بنا، من أسابيع مررت بسكن فوضوي فإذا بزنابق مرحة إستوقفتني، من يعبأ بهذه اللمسة الجميلة و من سيفهم ضرورة التحرك الواعي و كل هم المواطن تأمين القوت ؟
بل يري البعض أن مثل هذا الإهتمام لا محل له بينما يتطلب الوضع معالجة بناءة لم يتوجب القيام به، و المزيد من التوعية و الإعلام في هذا المجال له دور كبير، فنحن في أمس الحاجة إلي ثقافة صحية توفر لنا بيئة نظيفة ضمن إطار سليم و جميل.