قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Friday, 07 June 2024 09:28

المتغيرات بالساحة الفلسطينية والدولية بعد الصمود الأسطوري

Written by  الأستاذ ممدوح الولي
Rate this item
(0 votes)

لولا الصمود الأسطوري للمقاومة و شعب غزة خلال الأشهر الثمانية الماضية، ما كان العرض الأمريكي الأخير لوقف إطلاق النار على حماس، و سواء كان ذلك مناورة أمريكية إسرائيلية كما حدث من قبل لكسب مزيد من الوقت لتنفيذ هدفهما المشترك للقضاء على المقاومة، أو كان ذلك بعد نهاية مهلة أتاحها الرئيس الأمريكي للإدارة الإسرائيلية حتى تنفذ أهدافها، قام خلالها بدعمهما عسكريا و سياسيا و إعلاميا، و جلب لها مشاركة من العديد من الدول الأوربية كبريطانيا و ألمانيا و فرنسا و إيطاليا و غيرها، إلا أن الأمر الواضح للجميع أن الأهداف التي وضعتها الإدارة الإسرائيلية عند غزوها البري لغزة لم تتحقق. فلم تستطع القضاء على المقاومة التي ما زالت تكبد قوات الاحتلال الخسائر في الأفراد والمعدات، أو إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين أو تحقيق السيطرة الكاملة على غزة، فما إن تجلو قوات الاحتلال من منطقة إلا وتفاجأ بوجود هجمات عليها من المقاومة فيها، و ها هو الصمود الأسطوري لشعب غزة مستمرا، رغم ما لحق به من خسائر غير مسبوقة بالأفراد و البيوت و المرافق، و إبادة كاملة للعديد من العائلات.

و من هنا، يمكن الخروج بعدد من المتغيرات التي تحققت للقضية الفلسطينية، بعد ثمانية أشهر من الصمود و مواجهة العدو حسب الإمكانيات المتاحة، و رغم الفرق الكبير في التجهيزات العسكرية، و العون الأمريكي و الغربي الذي عبر عنه الرئيس الأمريكي خلال عرضه للمبادرة الأخيرة لوقف إطلاق النار؛ بأنه الرئيس الأمريكي الوحيد الذي زار إسرائيل وقت الحرب، و أن القوات الأمريكية تصدت للهجوم الإيراني على إسرائيل، و هو ما تكرر من قبل القوات البريطانية حينذاك.

تآمر الحكام العرب للقضاء علي المقاومة

أولا: إثبات المقاومة الفلسطينية قدرتها على الإعداد و التخطيط و التنفيذ منذ بداية عملية طوفان الأقصى و حتى الآن، و تلاحم الشعب الغزاوي معها، صامدا أمام حرب التجويع و الإبادة الجماعية، و تحمل معاناة القصف المستمر و النزوح المتكرر إلى أماكن غير مجهزة للسكن، و عدم التأثر بالحرب النفسية التي أججتها وسائل إعلام غربية و عربية لشق الصف الغزاوي، و امتداد المقاومة إلى الضفة الغربية رغم التوسع في القتل و الاعتقال و تواطؤ السلطة الفلسطينية تجاههم.

ثانيا: القضاء على أساطير إسرائيلية عديدة تم ترديدها طوال العقود الماضية، باعتبار إسرائيل صاحبة الجيش الذي لا يُقهر بما لديه من معدات حديثة و أجهزة استخبارات و جنود مدربين، حيث استطاعت المقاومة إثبات عدم صحة تلك الخرافات عمليا؛ بداية من اجتياز السور العازل لغزة، إلى مهاجمة القواعد العسكرية في غلاف غزة و أسر عدد من جنودها، إلى تدمير عشرات الآليات للعدو و اختراق القبة الحديدية و ما شاببها من وسائل دفاع جوى، و وصول الصواريخ الفلسطينية إلى تل أبيب و مدن إسرائيلية أخرى حتى قبل أسبوع.

ثالثا: كشْف تآمر العديد من الدول العربية على المقاومة و تنسيقهم المستمر مع إسرائيل، و انصياعهم للتعليمات الأمريكية و الغربية للنيل من المقاومة و المساهمة في تجويع شعب غزة، بل و متاجرة بعض تلك الدول بمواقفها المتواطئة للحصول على مكاسب غربية، مثلما حدث مع مصر و الأردن و السعودية و غيرها، و منعها لأية مظاهر للتأييد الشعبي للمقاومة، و عدم مشاركتها لجنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، و بما يؤكد أن تحرير فلسطين يبدأ من تحرير الدول العربية من هؤلاء الحكام.

و رافق ذلك روح الفردية والأنانية التي عمت الكثيرين من العرب، و الاستكانة لمواقف الخذلان رغم تكرار عمليات الإبادة الجماعية، و تمادي البعض في الفجور بالنيل من المقاومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي إرضاء لحكامهم. إلا أن الصورة العربية و الإسلامية الشعبية لم تخلُ من جوانب مشرقة، حيث عبرت قطاعات شعبية أخرى عن تأييدها للمقاومة ومحاولة توصيل المساعدات لها، و ما واكب ذلك من حملات مقاطعة للسلع و لفروع الشركات التي ساندت إسرائيل، إلى جانب الدعاء المكثف و المستمر، رغم التفاوت الكبير في موازين القوة.

مواقف صورية للمنظمات الدولية لرد المظالم

 

رابعا: تبيان أن الخصم الأكبر للعرب و المسلمين يتمثل في الولايات المتحدة التي عطلت كل محاولة لوقف إطلاق النار، و حلفائها من الدول سواء في أوروبا أو آسيا أو الأمريكتين، في مواقف كاشفة للمعايير المزدوجة بالمقارنة بما فعلته مع شعب أوكرانيا في ظل عدوان روسيا عليه، و كاشفة لخرافة دفاع تلك الدول عن حقوق الإنسان التي ظلت تتشدق بها لسنوات طويلة، حين لم تر فيما قامت به إسرائيل من مجازر متعددة و قصف للمستشفيات و محرقة رفح الأخيرة أمرا يرقى لمرتبة الإبادة الجماعية.

و هذا يرتبط بالثبوت العملي لخرافة إمكانية تحقيق سلام مع إسرائيل، و الذي ما زالت السلطة الفلسطينية و غالبية الدول لعربية تتحدث عنه، حيث توافق الجميع في الداخل الإسرائيلي على إبادة غزة؛ لا فرق لديهم بين طفل وامرأة وصبي، بدعوى أن الطفل هو مشروع مقاتل مستقبلا والمرأة بمثابة المُنتجة لهؤلاء المقاتلين.



خامسا: صورية مواقف المنظمات الدولية من تحقيق العدالة ونصرة المظلوم، حيث داست إسرائيل بدعم أمريكي غربي على كل قرارات منظمات الأمم المتحدة، لا فرق في ذلك بين مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو محكمة العدل الدولية، و صورية مواقف العديد من الدول التي تدعي صداقة العرب لمصالح تجارية و عسكرية و سياسية، و أبرزها الصين و روسيا اللتان لم تفعلا شيئا ملموسا لمساعدة الشعب الفلسطيني في معاناته المستمرة، حيث وجدتا في استمرار الحرب وسيلة لشغل الجانب الأمريكي بعض الوقت عن خلافه معهما، و هو ما تكرر بشكل أكثر سلبية مع اليابان و الهند اللتين كانتا تدعيان الصداقة مع العرب.

سادسا: وجود تيار إنساني عالمي رافض للعربدة الإسرائيلية عبر عن نفسه من خلال العديد من التظاهرات المطالبة بوقف الحرب، في العديد من المدن الغربية، و التي امتدت إلى العديد من الجامعات الأمريكية و الأوربية بل و إلى كندا و أستراليا، رغم القيود و العقوبات التي تعرض لها الكثيرون، و رغم التحيز الواضح من قبل وسائل الإعلام الغربية لتبنى الرواية الإسرائيلية للأحداث و منع الرواية الفلسطينية، و الحظر الذي مارسته العديد من مواقع التواصل الاجتماعي تجاه التدوينات المساندة لفلسطين، أو التي تعرض مقاطعا لجرائم الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بغزة.

و أبدت عدد من الدول الأوربية مواقف محترمة تجاه الفضية الفلسطينية، مثل إسبانيا و أيرلندا و النرويج و بلجيكا و سلوفينيا و غيرها، و سبقتها مواقف مؤيدة للحق الفلسطيني في العديد من دول أمريكا اللاتينية مثل: بوليفيا و كولومبيا و تشيلي و هندوراس و جامايكا و بليز، رغم الضغوط الأمريكية و امتدت المؤازرة للمطالبة بوقف إطلاق النار إلى جنوب أفريقيا و البرازيل.



الحذر من الخداع الإسرائيلي والأمريكي

 

سابعا: وجود تصدعات بالداخل الإسرائيلي تمثلت في الخلافات بين الأحزاب الرئيسية و قيادات مجلس الحرب، و التظاهرات من جانب أُسر الأسرى لوقف الحرب، و زيادة معدلات طلبات الهجرة للخارج، و تأثر الاقتصاد الإسرائيلي سلبا بطول فترة الحرب، و تراجع الإقبال على المشاركة بالحرب من قبل جنود الاحتياط، و كثرة عدد القتلى الإسرائيليين في الحرب بالمقارنة بما يتم إعلانه رسميا.

 

لكننا لا بد أن ندرك أنه ما زال هناك شبه إجماع إسرائيلي على استمرار الحرب حتى تحقق أهدافها المعلنة، بعد أن أصبحت تتعلق بالوجود الإسرائيلي أساسا، و توقع قيام الولايات المتحدة و حلفائها بتعويض إسرائيل عن قدر كبير من خسائرها المالية و العسكرية. و إذا كانت عزلة إسرائيل قد تزايدت دوليا، فما زالت تنعم بمؤازرة قوى دولية كبيرة.

و رغم العرض الأمريكي الأخير لوقف إطلاق النار فإننا يجب أن نحذر الخداع الأمريكي، من أجل الحصول على الرهائن و إفقاد المقاومة ذلك العامل التفاوضي المُؤثر، و ربما السعي لتهدئة الأجواء حتى تمر الانتخابات الأمريكية ثم السماح لإسرائيل باستمرار عدوانها للقضاء على المقاومة، بعد أن تكون قد نظمت صفوف جيشها و مكوناتها الداخلية.

و كذلك يجب الحذر من سبل التواطؤ من قبل الحكام العرب الذين لن يتورعوا عن تنفيذ كل ما تطلبه منها أمريكا وإسرائيل أملا في الحماية الأمريكية و الإسرائيلية لها، سواء بالمشاركة في قوات دولية داخل غزة للحد من هجمات المقاومة، ليصبح الصراع بين تلك القوات العربية و المقاومة، و كذلك المشاركة في الحصار الخانق حول غزة باستمرار منع الغذاء و الدواء و الوقود و الاتصالات عنها، أو غيرها من الألاعيب التي لن تتوقف أمريكا إسرائيل عن اتخاذها حتى تحقق أهدافها و عدم السماح للمقاومة بتحقيق النصر، و هي الأمور التي لا بد أن تكون قوى المقاومة قد وضعتها في حساباتها، في ضوء ما شهدناه من تحكم و سيطرة على مشهد الصراع عسكريا و سياسيا من قبل المقاومة، ليس فقط طوال الأشهر الثمانية الأخيرة ،بل منذ إدارتها لغزة عام 2007، وربما قبل ذلك مع نشأة حماس عام 1987 و ما قامت به من عمليات مقاومة طوال تلك السنوات السبع و الثلاثين الماضية، و مقاومتها للحصار الأمريكي و الأوربي لها منذ فوزها بالانتخابات البرلمانية عام 2006.

Read 218 times Last modified on Tuesday, 11 June 2024 21:13

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab