قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Sunday, 22 November 2020 17:15

لماذا تراجع المسلمون حضاريا؟

Written by  الأستاذة سهاد عكيلة
Rate this item
(0 votes)

في تراثنا العربي مثالٌ شعبي يقول: "الذي يجرِّب المُجَرَّب يكُون عقله مخرَّبًا"، غير أن قادة العرب أنفسهم مُصِرُّون على تكرار تجارِبهِم نفسها بكلِّ ما تحْمِله من فشَل، و بالتَّالي هم أكثر إصرارًا على الكشف عن مدى خراب عقولهم.

و لعلَّ الدَّليل الأقرب و الأقوى على ذلك: سياستُهم في التَّعاطي مع اليهود، رغم التَّاريخ الطَّويل من الصِّراع بكلِّ ما اشتَمَل عليه مِن جرائِمَ و مجازِرَ و اغتصابٍ للأرض، و تهْديم و تجريف للمساكن، و تلْوِيث للبيئة، و بكلِّ ما تضَمَّنه على الصَّعيد السِّياسي؛ مِن نقْضٍ للعُهود و المواثيق و الاتِّفاقيات، و مِن قفْز على المعاهدات و القوانين الدَّولية، رغم هذا التاريخ الحافل، ثمَّ رغْم أنَّ المسلمين ليسوا بحاجة إلى معرفة اليهود مِن واقع تجربتهم؛ لأنَّ الله - سبحانه - كَفانا في كتابِه عمَليَّة البحث و التَّنقيب عن هؤلاء، و وَفَّر علينا جهْدَ التَّجرِبة، حيث بَسَط لهذه الأمة صفاتهِم المنطَوِيةَ على الكفر و الإجرام، و الكذِب و التَّحريف، و الخيانة و المُراوَغة، و نَقْض العهود و المواثيق، و التَّحايُل على دين الله، و الحسَد و البغضاء و العداوة للذين آمنوا، و الذُّل و الجُبن، و الحِرْص على الحياة، و المسارعة في الكفر، و كلُّ هذا التَّبيين؛ لكي تكونَ الأُمَّة على بيِّنةٍ مِنْ أمرِها، فلا تنخدع و لا تتخبَّط.

فمِن هذه الآيات:

﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82]، ﴿ أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 100]، ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ يَقُولُونَ سَمِعْنَا وَ عَصَيْنَا ﴾ [النساء: 46]، ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النساء: 54]، ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [البقرة: 59]، ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87]، ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾ [المائدة: 13]، ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَ بَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَ كَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 112]، ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحشر: 14]، ﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 53]، ﴿ وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾ [البقرة: 96].

هذا الحَشْد من الآيات لم يأتِ في سِياق العَرْض التاريخي لأخْذِ العلم و الخبَر فقط، و إنما جاء لتربية الأُمَّة الإسلامية على كيفية التَّعاطي مع هذا النَّمط من خَلْق الله لمفاصلتهم، مع العدْل التامِّ في التَّعامل معهم في ظلِّ الحكم الإسلامي، و للاستعلاء بإيماننا عليهم، و لِكَي نتلمَّس طريقنا على هدًى، فلا تضيع أوقاتُنا و جهودنا في اخْتِراع أساليب و سياسات لِبَلْورة هذه العلاقة.

ذلك الذي رَضِيَه الله لنا، و هو الذي ينفع الأُمَّة، أما الواقع فيَشهد أننا للأسَف لم نسْتَفد من الدُّروس القرآنية العظيمة في العلاقة معهم، و لم نَصُغ سياساتنا وفْقَ المفهوم القرآني، بل نبَذَ حُكَّامُنا القرآنَ وراء ظهورهم، و اتَّبعوا ما تَتْلوه شياطين "الكنيست" و"البيت الأسود"، فما كانت النتيجة؟

النتيجة تمثَّلَت في استعصاء اليهود على الأمَّة الإسلامية رغْم جُبنهم و باطلهم؛ و ذلك لأنَّ الأُمَّة ترَكَتْ مكان قيادة البشرية شاغرًا، بسبب انحراف سوادها الأعظم عن المنهج الرَّباني، فجاء أراذِلُ الخَلْق و أحطُّهم في ميزان الله، و احتَلُّوه، ليس لأنهم الأجدر، بل لأنَّ المسلمين رَضُوا بأن يكونوا الأضعف حضاريًّا، فقد تخلَّفوا في جميع ميادين المعرفة بعد أن كانوا ساداتها، فافتقَدَتْهم مراكز البحوث، و مختَبرات العلوم و التكنولوجيا، افتقَدَتْهم معامل التصنيع و الإنتاج، و أصبحوا يأكلون ممَّا لا يَزْرعون، و يلبسون مما لا يَنْسجون، و يستهلكون أفكارًا و ثقافاتٍ هجينةً عن تُراثنا الإسلامي.

و لهذا التراجُع الحضاري أسبابه، أبرزها:

 غياب الفَهم الحقيقي لكتاب الله: فبعد أنْ كان القرآنُ الكريم المنهجَ الذي يحكم حياة سَلَفِنا الصالح، الذي به حكَموا العالم، أضْحَى كأنَّه مِنْ كُتُب التُّراث، تُزَيَّن به البيوت و المساجد، أو تُتْلى آياته في المآتم، و في أحسن الأحوال يُسارع الكثيرون إلى حِفْظ حُروفه دون إقامة حدوده، أو إلى خَتْمه في رمضان عدَّة ختمات دون تدبُّر، هذه هي نَوْعِية صِلَة معظمنا بكتاب الله؛ مما ضيَّع على الأمة فرصة الاستفادة مِنْ كُنوزِه التي تُغْنِي حياتها، و ترسم لأبنائها خارِطة طريقهم إلى إقامة حُكْمِ الله في الأرض، و ما أعمقَ قولَ ربِّنا: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]؟

أجل، إنها الأقفال التي حالَتْ دون فَهْم القلوب لآيات الله، بل إنها الأقفالُ التي دفَعَتْ هذه القلوب إلى اتِّخاذ تلك الآيات سُلَّمًا يتَسَلَّقون عليه، باعتبارِه مُستندًا شَرْعيًّا يمرِّرون مِن خلاله مخطَّطاتهم، فيُسْقِطونها إسقاطات مجرَّدة مِنْ دلالاتها و ظروفها؛ مِن ذلك استدلالهم على جواز الصُّلح مع اليهود بقوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208]، ﴿ وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ﴾ [الأنفال: 61]، و في السِّياق نفْسِه فهموا "صُلح الحُدَيبية"، دون أن يُدْرِكوا شُرُوط إقامة المعاهَدات مع غَيْر المسلِمين، و لستُ هنا بصدَدِ تفسير الآيات و تحليل الأحْداث و الأحاديث، و إنَّما أُقدِّم نموذجًا منَ الفَهْم العقيمِ للذين خُتم على قُلوبِهم، فراحُوا يستنطقون الآياتِ و الأحاديثَ بحسب أهوائِهم.

و الواقع أنَّ تهَافت المُهَرولين نحو التفاوُض مع اليهود و عقْد اتِّفاقيات الاستسلام معهم، و ما يتطلَّب ذلك منهم مِنْ جُهودٍ سياسيَّة و إعلامية للتَّرويج لفكرتهم، و من فتاوى "مشايخ السُّلطان" التي تقدِّم لهم تفسيراتٍ جاهزةً و تحت الطلب لأيِّ نصٍّ قرآني أو نبَوي يَدْعم مواقفهم التَّفريطية.

إنَّ هذا التهافت رغم كلِّ المُعْطَيات السِّياسية و الواقعية القاضية بفشل المفاوضات قبل بدئها، و رغم وجود الشُّروط المذلة و المهينة للمفاوضين الفلسطينيين، و أيضًا رغم رفْض أبناء الأمة عمومًا، و أهل فلسطين في الدَّاخل و الخارج خصوصًا لها، كلُّ ذلك له أسباب لا تَنْبع من حرصهم على مصلحة القضية الفِلَسْطينيَّة، و إنما تَنْبع مِنْ مصالِحهم الشخصيَّة، و مِنْ حِرْصهم على بقاء السُّلطة، و لو على أنقاض فِلَسْطين، و لو أدَّى ذلك إلى إبادة الشَّعب الفلسطيني؛ لذلك هم يَبذلون مياهَ وجوههم، و يُقَدِّمون التَّنازُلات، و يَجتهدون في تنْحِية كلِّ مَن يقف في طريقِهم؛ و لَمَّا كان الجهادُ في سبيل الله هو العقَبة الكَؤُود التي تَقِف في وجْه أطماعهم، فقد سعَوْا لإقصائه عن مَسار القضية، و للتَّنكيل بكلِّ مَن يحمل رايته، و عليه فإنَّ التنسيقَ الأمْنِي مع الصَّهاينة للتخلُّص من إزعاجهم يصبح مشْروعًا، و جَعْل الصَّهاينة و الأمريكان أولياء و أوصياء عليهم يُعتبر من الواقعية السِّياسية، و الله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51]، ويقول - تعالى - أيضًا: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ﴾ [المجادلة: 22]، و ما دَرَوا أنَّ الجهادَ في سبيل الله هو الصَّخرة الشمَّاء التي تتحطَّم عندها شراسةُ المعْتَدين، و بأن كل ما هم فيه من ذُلٍّ و هوان إنما من ترْكِهم لهذه الفريضة العظيمة، قال - صلى الله عليه و سلَّم -: ((ما تَرَك قومٌ الجهاد إلاَّ ذلُّوا)).

 غياب التخْطيط لَدى الأُمَّة: إنَّ الأُمم في سياق بِنائها لحضاراتها تخطِّط لِمائة عام مقْبِلة، و المسْلِمون - إلاَّ مَن رحم الله - في أحسن أحوالهم يخطِّطون ليومهم أو لأسبوعهم! فمَعْلوم أنَّ اليهود عندما اغتَصَبوا فلسطين كانوا قد خطَّطوا لذلك قبل خمسين عامًا في مؤتمرهم الصِّهيوني الأوَّل "بازل" في سويسرا (1897م)، و بالتَّأكيد ذلك المؤتمر التاريخي سبقَتْه مخطَّطات أخرى حتىَّ كان بذلك النجاح! فأين الخُطَط المضادَّة التي تواجه فيها الأمَّة مصيرها؟ و أين القادة الذين يخطِّطون؟

فحُكَّام الأمَّة مشغولون بالحفاظ على الكراسي لهم، و لأبنائهم مِن بعدهم، و بالسعي لزيادة أرصِدَتهم في البنوك العالَميَّة، و ببناء الأبراج النَّاطحة للسحاب.

و أثرياؤُها - إلا من رحم الله - منتشرون في أصقاع الأرض ينْزِفون المليارات على مُتَعهم الرَّخيصة، و قد قرأتُ أنَّ أحدهم اشترى سيارة فارهة مطْلِية بالذَّهب بمليون جنيه إسترليني، و آخَر اشترى شقَّة فاخرة في "لندن" بمائة مليون جنيه إسترليني، فلَكُم الله يا منكوبي فيضانات باكستان! و لكُم الله يا كلَّ المحْرُومين في العالَم الإسلامي، إنَّ الله سائِلُهم عن كلِّ قرْش: فِيمَ أنفقوه، فليُعدُّوا من الآن الجواب.

أمَّا الفئة الكبيرة من مثقَّفيها - ممن قدَّمت لهم وسائل الإعلام أبواقها - فمنهَمِكة في استيراد الأفكار الغربيَّة، و إعادة إنتاجها و تَفْريخها في مجتمعاتنا.

في حين نجد الأغلبية السَّاحقة مِن أبناء الأُمَّة يُضنون أنفسهم في تأمينِ لُقمةِ العيش التي سَرَقها حكامهم! و أفراد الأمَّة و جماعاتها بشكْل عامٍّ مشغولون؛ إمَّا بخاصَّة أنفسِهم و شؤُونهم أو بخلافاتهم!

فمَنْ ذا الذي سيخطِّط لهذه الأمة؟

 اختلاط المفاهيم: درَجْنا على مفهوم حتْميَّة انتصار الحقِّ على قوَّة الباطل، و كأنَّ الذين حفَّظونا هذا المفهوم لم يُرشدونا إلى الكيفيَّة التي يتحقَّق بها، فالحقُّ لن ينتصر دون أن نحقِّق التَّوازن في المعادلة بينه و بين القوة؛ فهو يحتاج إلى قوَّة تَدْعمه و تُسانده و تَفرضه على أرض الواقع: "إنَّ الله ليَزَع بالسُّلطان ما لا يزَعُ بالقرآن"، ممَّا خدَّر الأُمَّة و أصابها بداء التواكُل، فتقاعَسَتْ عن دورها؛ بحجَّة أنَّ الحقَّ سينتصر لا محالة، دون إعداد و لا استعداد، و دون فَهْم لأسباب نصْرِ - أو هزيمةِ - الشعوب!

و لقد عمَّق هذا المفهوم في حسِّ الشعوب حكَّامُهم؛ ذلك أنَّه لا طاقة لهم بالمواجهة، فمِن مَصْلَحتِهم تَخْديرُ الشعوب، و دَغْدغة أحلامها بِوُعودٍ بالانْتِصار، و مُثقَّفوهم - إلاَّ مَن رحم الله - أكمَلُوا المسرحية فزَيَّفوا وعْيَها؛ حتى لا تتَنبَّه إلى الحقيقة المُرَّة.

 الإعلام الهابط: وسائل الإعلام العربي أفسَدَتْ أخلاق الشَّباب المسلم، و طمَسَت على قلوبهم بما تروِّج له مِن مُجون عَبْر شاشاتها، و عبثَتْ بعقولهم بما تبثُّه مِن سمُوم تسوِّق للفكر الغربي، و آخِر هذه السُّموم ما راج في عددٍ مِنْ تلك الوسائل مِن  عبارة: "أنا مسلم.. أنا ضد الإرهاب"، في تكريسٍ خبيثٍ للصِّفة التي ألصَقَها الغربُ زُورًا و بهتانًا بالمسلمين، ثُم إقناع المسلمين بأنهم كذلك، و هم بالتالي مضطرون إلى دفْع التُّهمة عنهم، و المهزلة الحاصلة في هذا العالم أن كلَّ المجازِر التي ارْتَكَبَها الأمريكان و حلفاؤهم في العراق و أفغانستان، و التي ارتكبها الصَّهاينة في فِلَسْطين، و التي ارتكبها الهندوس في كشمير، و تلك التي أوقَعَها الرُّوس بأهلنا في الشيشان و كوسوفا و البوسنة و الهرسك، هذا الكمُّ الهائل مِنَ الإرهاب الدولي المنظَّم ألاَ يحتاج من وسائلِ الإعلام إلى إقامة حمْلة للتَّشهير به و للكشف عن وجْهِه الهمجي القبيح؟

لسْنا بحاجة لأنْ نَدْفع التُّهمة عنَّا، بل نريد أن نُرهِب أعداءنا بقوَّة الحقِّ التي بين أيدينا بعد أن نُعِدَّ العُدَّة: ﴿ وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، و المطلوب من مُصدِّري الإرهاب الحقيقي بمفهومه اللاَّإنساني أن يدفعوا للضَّحايا الأبرياء فاتورة جرائمهم المخْزِية، و أن يقفوا أمام محكمة التاريخ؛ لكي يقدِّموا الحساب.

♦     ♦      ♦     ♦

و بعد:

فرغم هذا الواقع الأَلِيم الذي نَعِيشه، فالخير في هذه الأُمَّة لا ينقضي، و لكن نَحتاج إلى تضافُر الجُهود و الطَّاقات على صعيد الأفراد و المؤسَّسات؛ لاسْتخراج هذا الخير أكثر فأكثر، و توظيفه لتحقيق أهدافنا العُليا، و على رأسها الهدف الأكبر: إقامة حُكْم الله في الأرض، و ملؤها قسطًا و عدلاً، كما مُلِئَتْ ظُلمًا و جَوْرًا.

الرابط : https://www.alukah.net/culture/0/25662/

Read 851 times Last modified on Wednesday, 25 November 2020 08:42

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab