ذكرت شعب الايمان في حديث أبي هريرة الذي اخرجه الشيخان (الايمان بضع و ستون شعبة أعلاها شهادة أن لا اله الا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق، و الحياء شعبة من الإيمان ).
اعتقاد المؤمن أن للإيمان شعبا، و هي متنوعة هذا اصل عظيم من أصول هذا الدين، كما دل الحديث على أن الشعب فيها أعلى و أدنى، لا إله إلا الله شعبة قولية، و إماطة الأذى عن الطريق شعبة عملية و الحياء شعبة قلبية.
و هده الشعب تزيد عن الستين، و في رواية مسلم بضع و سبعون، قال العلماء قبل أن يكتمل التشريع جاء في الحديث بضع و ستون شعبة، و لما اكتمل التشريع جاءت رواية بضع و سبعون. و قيل هدا بحسب الاجمال و التفصيل، قد تصل عند التفصيل بضع و سبعون.
الشعبة في اللغة هو ما تفرع عن أصل، مثل: شعب الشجرة ما تفرع عن اغصانها، و شعب النهر و هو ما تفرع عنه، لأن الشعب ترجع إلى الاصل، إذا ذهب الأصل ذهبت الشعب، مثل الشجرة أذا ذهب اصلها ذهبت فروعها، كذلك الإيمان قد تذهب الفروع و يبقى الأصل، لكن إدا ذهب الأصل ذهبت شعب الإيمان، و تظهر لنا حكمة الله تعالى بتسمية هده الخصال بالشعب.
لم يدل النص عليها كلها، و لكن دل على بعضها، كشهادة أن لا إله إلا الله، و إماطة الأذى عن الطريق، و لكن اجتهد العلماء في جمعها، و أول من جمعها الحليمي، ثم البيهقي في كتابه شعب الأيمان.
المسلم ينبغي له أن يعرف هذه الشعب، ثم يجتهد العمل بها، لأنه كلما عمل بالشعب زاد إيمانه و قوي، و كلما نقص العمل بها نقص الإيمان، و أعلى الشعب هي أركان الإيمان الستة، المذكورة في حديث جبريل، و هي الأصول التي تتفرع منها الشعب، و شعب الإيمان هي الفروع، و الأجزاء هي القلب و الجوارح و اللسان و الشعب تقوم بها.
الإحسان من شعب الإيمان و هي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، و أركان الإسلام الخمسة أيضا، حب الله من أعظم الشعب الإيمانية بعد أركان الأيمان و أركان الإسلام ثم محبة الرسول صلى الله عليه و سلم، ثم يأتي تعظيم الله عز و جل و رسوله، و خوف الله و رجاءه، هذه من أعظم شعب الإيمان، أركان التعبد ثلاثة خوف و محبة و رجاء، و شبه ذلك بالطائر رأسه هي المحبة و جناحيه الخوف و الرجاء، إذا كسر أحد الجناحين تعذر على الطائرأن يطير، كذلك الإنسان إدا فقد الخوف لا يستطيع أن يسير في العبادة فأفسدها، بعض الناس غلب عليهم الرجاء فأفسدهم، و بعضهم غلب عليهم الخوف فأفسدهم، بل بعضهم مات من الخوف، و هذا حصل في بعض عصور السلف، كان أحدهم إذا قرأ عليه القرآن يصعق فيموت، و بعضهم يغشى عليه، سئل السلف عن حال هؤلاء فقال «حال هؤلاء أفضل من حال المفرطين و حال النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه أفضل من حال هؤلاء". هؤلاء حصل لهم تقصير في الرجاء، في مقابل هؤلاء أناس مسرفون على أنفسهم في الشهوات و المعاصي و إذا قيل لهم اتقوا الله قالو أن الله غفور رحيم. خوف بلا رجاء مفسد و قاتل، و رجاء بلا خوف مفسد و قاتل، لكن الأول مات بدنه، و صاحب الرجاء الكاذب مات قلبه و لهذا وصفهم الله عز و جل بالأنعام (ان هم كالأنعام بل هم أضل) لأن البهائم مسخرة لشيء تعمل لأجله، و هذا الانسان خلقه الله لعبادته، لكن لم يفعل ما سخر من أجله و خلق من أجله، و ان كانوا يتفاوتون في هذه البهيمية. حال هؤلاء كالبهائم تعيش في هذه الدنيا لتحقيق الوطر من أكل و شرب و نكاح، و العبادة هم في معزل عنها.
و من الناس من يشبه الملائكة ليسوا ملائكة ينتقل من شعبة إلى شعبة، بل بعض العلماء فضل صالحي بني آدم على الملائكة، لأن الملائكة عصموا عن المعاصي، و هؤلاء يجاهدون أنفسهم على ترك المعاصي.
كلما عمل المسلم بشعبة من شعب الإيمان وجد حلاوتها في قلبه، و تنهيه عن المعصية، و زاد إيمانه، و تقرب إلى الله عز و جل.