سألني أحد الأحبة سؤالا عن الخلاف الفقهي و التشتت الذي نحن فيه، فجاوبته بما يلي مع شيء من الضبط و الإضافة:
الخلاف عندنا مقسم إلى قسمين
خلاف معتبر مقبول، و خلاف غير معتبر و غير مقبول.
أما النوع الأول؛ و هو الخلاف الناشئ بسبب الاختلاف الظاهر بين بعض الأدلة، أو في ثبوتها، أو النظر فيها، أو الاختلاف في بعض قواعد الأصول و مناهج الاستنباط، و غير ذلك من أسباب الخلاف المعروفة و المقبولة و الواقعية عند العلماء.
فهذا النوع كثير و معروف و مقبول، و هو مصدر ثراء في الأصل، و قد أقره النبي صلى الله عليه و سلم، و عاشت معه الأمة من زمن النبوة إلى زماننا و ما زالت، و لم يكن سبب إشكال في الأصل و عند عقلاء الأمة و علمائها الأخيار.
لكن بعض الناس أساء توظيفه و استغلاله و التعامل معه؛ بسبب الجهل أو التعصب أو ضيق الأفق أو الميول و الأهواء أو غير ذلك من الأسباب التي أهلكت الحرث و النسل.
أما النوع الثاني فهو الخلاف غير المعتبر، و غير المقبول، و هو خلاف الجهال و المتجرئين من غير المختصين، و الذين يفتون بالهوى أو لإرضاء الحكام و المتنفذين، متجاوزين ضوابط الفتوى و غير مراعين للحساب بين يدي الله.
فهذا النوع من الخلاف معروف – أيضا – و ما يُمثله من فتاوى و نحوها يُعدّ شاذا لا يعمل به و لا يوقف عنده، بل مكانه مزبلة التاريخ.
فالخلاف الذي نسمع به خاصة في عصر الطفرة الإعلامية لا يخرج عن هاتين الدائرتين، و التمييز بينهما أمر لازم.
– بالنسبة للمختصين؛ الأمر سهل عليهم، أما غير المختصين؛ فعليهم سؤال من يثقون فيهم من المختصين، فننجو بذلك جميعا و نكون بإذن الله مؤدين لأوامر الله و تعليماته في قرآنه و سنة نبيه.
و أخيرا لابد من التنبيه أن هناك دائرة أخرى أهم من هاتين الدائرتين، و هي دائرة المسائل القطعية التي لا خلاف فيها أصلا، و لا تحتمل الخلاف، و لا يقبل فيه خلاف؛ فهذه تمثل جوهر الإسلام كقضايا الإيمان الكبرى و ركائز الأخلاق و أركان الإسلام، و أمهات قضايا التشريع، و هي معلومة عند الخاص و العام و لا يخالف فيها إلا من ليس له في الإسلام حظ، و العياذ بالله.
بهذا يزول الاضطراب إن شاء الله، و نزداد تمسكا – برشد – بهذا الدين العظيم، و نسلم من الإفراط و التفريط، و نستمسك بالذي أوحي إلينا إننا على صراط مستقيم.
و الله حافظ دينه و الحمد لله رب العالمين.
الرابط : https://elbassair.org/8318/