(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 21 أيار 2022 09:30

طرق النورس

كتبه  عفاف عنيبة

ذات صباح مشرق في 2016، سمعت طرق علي نافذة المكتبة. تقدمت و أزحت الستار، فإذا بنورس ضخم ينظر إلي ليعاود الطرق بإلحاح، لم أتحرك :

ما مغزي فعله ؟

نظر إلي مرة أخري ثم أفرد جناحيه و طار غير بعيد ليطلق صرخته المعهودة و حينها  غاب عن الأنظار.

فورا، بحثت عن الحمامة الجريحة، مفجوعة وجدتها ممزقة أشلاءا !!

بقيت شاردة لدقائق طويلة : حطت هاته الحمامة منذ شهور عدة بسبب كسر في جناحها غير قابل للجبر و لم أستطع أخذها إلي البيطري إلا بعد مدة، فكان تشخيصه محبطا للغاية "لن تطير بعد اليوم، إحتفظي بها بعيدا عن القطط و الكلاب."

عدت أدراجي لأضعها في مكان محمي من الشرفة و بقيت أوفر لها الماء و الطعام...حاولت مرارا إدخالها البيت، كانت تتعالي صيحاتها و تضرب عن الطعام إلي حين ما أخرجها إلي الهواء الطلق. 

بقيت لشهور حائرة، ما العمل ؟ خاصة أنني في يوم من الأيام شاهدتها تحاول الطيران ثانيا و ثالثا سدي و في آخر مرة نظرت الحمامة المسكينة إلي السماء مطولا، كأنها ودعت مملكة السماء إلي الأبد...نظرتها تلك لن أنساها.... و تمر الأيام حتي تلقي حتفها علي أيدي ذلك النورس. سبحان الله بطرقه ذاك، كأنه أعلن :"ها أننا خلصناك من الحمامة الجريحة" لكن أي نهاية ؟؟؟

عادة ما نتعاطي بلامبالاة مع الكثير من التفاصيل الصغيرة في حياتنا لكنها و مع مرور الوقت تترك أثارا غائرة فينا. منذ صغري و أنا أولي إهتمام كبير بالطبيعة و ساكنيها و يحتل الطيور حيز هام و لست أبالغ إذا ما قلت بأن عالم الحيوان و الطيور ملهم لأبعد الحدود لإنسانة مثلي. كم إستوحيت و كم تعلمت من هذه المملكة، هذا و قد لاحظت التأثير المدمر للتغير المناخي علي الكائنات الحية و الطيور من بينهم.

كنت أري النورس عند مقدم الربيع فقط، بينما أصبح اليوم يحلق طوال العام في سماءنا. و كثيرا ما تكون وجبته حمام يباغته علي أسطح المنازل ليلتهمه و هو بعد حي...

بالنسبة للبعض مثل هذه الهموم ترف ذهني و في حقيقة الأمر نحن كبشر ندفع ثمن حب الربح بأي ثمن و عاديات صناعات ملوثة، هذا و في إيذاءنا للطبيعة و كائناتها، إضرار بنا. و هل نسينا أننا من التراب و إليه ؟

من دون توازن بيئي طبيعي، نحن لا نستطيع العيش و نجني الخراب بفعل أمطار طوفانية و رياح عاتية و طبقة أوزون تتلاشي و غلاف جليدي في إنحسار مستمر. إلي متي الإنتظار ؟ و هل كل ما نحسنه التذمر و الشكوي و لا أثر لعمل فاعل في الميدان...؟

أكتب هذه السطور و شعبنا أبعد ما يكون عن ثقافة الحفاظ علي البيئة، كيف من لا يحرص علي نظافة الجسد و المحيط أن يولي إهتمامه لمن يقاسمونه العيش في البراري من نبات و حيوان ؟

لا أعول علي صحوة ضمير و عمل ناجع في المدي القصير و تكمن المشكلة في المدي المتوسط و الطويل: هل نستفيق قبل فوات الآوان ؟

قراءة 630 مرات آخر تعديل على الجمعة, 20 كانون2/يناير 2023 17:40