كل العالم الإسلامي و ليس فقط منطقة المغرب الكبير أنظمتها السياسية و الإقتصادية و الثقافية مبنية علي منظومة فكرية فاسدة.
ما دام الإلهي و ما شرعه الله عبر كتب ثلاث سماوية و آخرها الصحيح القرآن الكريم مرفوض جملة و تفصيلا أو جزءيا من سلط التشريع في كل هذه الرقعة الواسعة، فكيف سينهض المسلمين من كبوتهم التي طال مداها ؟
أصبح الفرد و الجماعة المسلمين يأذون أنفسهم و بقية أمم الأرض...هل كانوا سيجرأون علي حرق القرآن الكريم في ستوكهلم السويد إن كان المسلمون يفكرون و يسوسون شؤونهم بمنطق الأمة الواحدة المنتمية لدين واحد و شريعة واحدة مطبقة و محسوسة في واقعهم ؟
طبعا لا...
يتغني التركي و الفارسي بجذورهما القومية...و العربي علي شاكلتهما و الأمازيغي نفس الشيء و لا أدري كيف يحتفل بعام يناير الوثني في الجزائر ؟ هل إستشارت السلطة الجزائرية علماء الإسلام في هذا الأمر أم تجاوزتهم و تجاهلتهم كما لازالت تفعل ذلك منذ 1962 إلي يومنا هذا ؟
أين هو المجلس الأعلي الإسلامي من بناء صنم ماسينيسا و يوغرطة و الكاهنة المشركين في الجزائر العاصمة و تيزي وزو و بغاي ؟
كيف يسكت علماء الإسلام في الجزائر عن عودة الأوثان إلي أراضينا و الإحتفاء بها و الثناء عليها ؟
المنظومة الفكرية التي أنتجها نظام التجزئة العربي و الإسلامي في طول و عرض عالمنا إنجر عنها إنحطاط رهيب علي عدة مستويات :
-1 مستوي المواطن البسيط أي العوام، هم يعيشون معيشة الدواب، لا هم لهم سوي سد إحتياجاتهم الفيزيائية و لا نجد فيهم و لو شرارة صغيرة من الوعي الحضاري و تقوي الله ...
-2 مستوي النخبة و هي تنقسم إلي نخبة حاكمة و أخري تتظاهر بذلك و تفكيرها أحط من تفكير البهائم يناصبون العداء لكل ما هو سماوي ...و يلهجون بألف إله و إله، إله المادة و الجنس و و و و العياذ بالله...
-3 مستوي نخبة علماء دين و هم بدورهم أصناف و مستويات منهم من باع نفسه للسلطة السياسية و حول أي قرار يصدر عنها كأنه صادر عن سلطة معصومة عصمة الأنبياء... و منهم من حول علمه الديني إلي بضاعة تباع و تشتري عبر صفحات الفيسبوك و اليوتوب و اللايكات ...و صنف كلما ينطق بكلمة حق يجد فوهة مدفع تحوله إلي ركام أو تحيله علي السجن و صنف ....النتيجة أصبح الدين بضاعة كاسدة علي حد قول أعداءه التقليديين...
فكيف نستعيد دورنا الحضاري و نحن علي هذا الهزال و الخذلان و الإعراض عن الحق ؟
أدمغة أمريكا منشغلون بتلاشي الدين و فراغ الكنائس و طغيان التيار اللاديني و هم متشاءمون بالنظر إلي مستقبل أمة لا يعمر قلوب اهلها رحمة الدين و سماحته...
و نحن الدين القويم و الصحيح بين أيدينا لكننا معرضون إعراض إجرامي و هذا أقل ما نوصف به الوضع القائم...إن لم نفكر بضمير أمة محمد عليه الصلاة و السلام و نكف من التشبث بالهوية القطرية الضيقة لن نفلح و لن ننهض...
ماذا عساه يفعل بجزائريتنا الله عز و جل يوم القيامة...و لماذا سيأبه تعالي بمصرية و عراقية الفرد ؟
سنسئل عما فعلنا بديننا و عن عبادتنا له ؟ هذا هو السؤال الأهم...إن لم نصلح المنظومة الفكرية و إن لم نقوم إعوجاجها، فلا شيء سيستقيم في حياة الفرد و الجماعة لأن هذه الدنيا و هذه البلاد و هذه الأمة مرتبطون بحبل من السماء...
كل شيء يقرره تعالي من سابع سماء و ليس في وسع احد الإعتراض علي إرادته و مشيئته العليا...