هذه القصة واقعية....
جرت تفاصيلها في مدينة جبلية بجبال جمهورية البوسنة و الهرسك.
كانت هناك أسرة مسلمة مقيمة في تلك المدينة و كان قد حل فصل الشتاء بثلوجه الكثيفة.
الزوجة أمينة كرفمشي كان لها عمل بيتي و أما الزوج و الإبنين فكانا مقر العمل و مدرستهما بعيدين، لهذا كان لا أحد منهم الثلاث يعود إلي البيت لتناول غداء الثانية عشر و إعتادت الزوجة أمينة إعداد الوجبة الوحيدة العشاء بعد صلاة العصر...
ماذا وقع في ذلك اليوم ؟
عاد زوجها حارث بدون سابق إنذار إلي البيت رغم عاصفة ثلجية بدأت معالمها بعد مغادرته للبيت في الصباح الباكر و هو متجه إلي عمله.
نظرت أمينة إلي زوجها مذهولة، فلم يكن هناك أكل محضر و لا بقايا وجبة البارحة في الثلاجة و قد بادرها هكذا :
-عذرا امينة أليس هناك أكل ؟ فانا هنا لأن رئيسي سيقوم بعد قليل بزيارة إلي فرع دشناه منذ أسبوعين و علي بمرافقته، فقد أمهلني الوقت لأتغذي فقط و علي اللحاق به بعد 20 دقيقة.
أثر المجيء المفاجيء زالت، تحركت سريعا امينة إلي المطبخ أخذت مقلاة و قشرت طماطم و بصل قسمتها إلي أعواد دقيقة أضافت ملح و فلفل أسود و كمشة من الجبنة الجافة و زيت زيتون أصلي و قامت بطهيهم علي النار لمدة 7 دقائق كاملة ثم أخرجت رقائق عجين من البراد سخنت الرقائق و ضمت كل ورقة خليط الطماطم و البصل و الجبنة و وضعت الوجبة الساخنة علي صحن و قدمته لزوجها مع كوب عصير ليمون و جهزت في ثلاث دقائق سلطة خضراء و ناولتها حارث.
أكل بشهية و عند إستعداده للخروج، إبتسم لها و هو يضغط بحنان علي يدها :
-إلهي كم أنت زوجة رائعة لم تنزلي علي لوم او توبيخ و أكلت أحلي وجبة فطور سريعة، ممنون لك أمينة.
ردت عليه بإبتسامة مشعة، قائلة له :
-ستسمع تقريعي لك في المساء عند عودتك و الآن لا بد لك أن تكون في مزاج جيد لتتعامل مع رئيسك في زيارته التفقدية ثم سعدت جدا بزيارتك المفاجئة و الحمد لله.
ضحكا الإثنين ضحكة صادقة و غادر.
من النافذة رأته يركب سيارته و يلوح لها بيده و مضي الوقت و عند رجوعه في الليل قابلها بباقة أزهار فيها شقائق النعمان، فسألته مندهشة :
-في عز الشتاء و الثلج، كيف وجدت مثل هذه الأزهار الجميلة جدا ؟
-أردت إسعادك أمينة. أوصيت بائع بأن يبحث لي عن أزهار و حضر لي هذه الباقة من بستانه الزجاجي.
فضج إبنيهما عند رؤيتهما مع الباقة و علق أحدهما :
-علي ما يبدو ابي و امي لا يزالان يعيشان فترة زواجهما الأولي!!