قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Thursday, 17 December 2015 15:06

أدب طلب الرزق

Written by  الأستاذة كريمة عمراوي
Rate this item
(0 votes)

أعظم الأسباب في حصول الرزق هو التوكل كما جاء في الحديث :( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصا و تروح بطانا ) و الطير من أضعف المخلوقات، ليس لها قوة على كثير من طعامها.

أما ما يتعلق بكيفية الطلب و السعي في الرزق يجب أن يأخذ العبد المال بسخاوة نفس حتى يبارك الله فيه و ليس بإشراف نفس، بسخاوة نفس أي بكرم نفس و عدم الشّح، ربما حمله الشّح على التدقيق في الأمور أو ذم الناس، أو أخذه بأي طريق كان، و لو بالتطفيف في الوزن، أو الغش في التجارة، لا يأخذه بهلع و تطلّع نفس.

الهلع هو شدّة الحرص على الشيء، و إنما يأخذه بطيب نفس و ليكن المال بمنزلة الخلاء.

و سخاوة نفس تقتضي الترفع عن الدخول في المكاسب المحرمة و التفريط في بعض الواجبات في مقابل طلب الرزق، و لا يطلبه بذّلة و استفراغ الوقت في طلب المال، فإذا طلبه بهلع نفس يكون كالعبد لهذه الأموال كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم :(تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة..) و هذا في بيان الكيفية و الهيئة التي يطلب بها الرزق، المقصود أن يكون المال وسيلة و ليس غاية، أي أن يكون المال مسخّر لخدمة الإنسان، و ليس الإنسان هو الذي يكون مسخّرا لخدمة المال كما قال صلى الله عليه و سلم ( نعم المال الصالح للعبد الصالح) يستعين به على طاعة الله، يطلب المال للحاجة إليه دون أن يتعلق القلب به، و المال كلّما ازداد كلّما تعلّقت القلوب به، و لهذا لا تجد غنيا أو تاجرا من التجار وقف يوما و قال يكفيني ما عندي، بل يزدادون في الطلب، و يرغبون في ذلك، و كلّما توسعت أموالهم كلّما توسعوا في طلبه، و أمّا إذا استغنى الإنسان بما أغناه الله من المال فهذا هو الاعتدال، لأن الإنسان مسؤول عن المال فيما أنفقه و كيف اكتسبه، يسأل مرتين، يسأل عن الطريقة فقد يطلب المال بطريقة محرمة. هذا يدل على شدّة الحساب على الأموال.

حرص الحريص على الدنيا لا يحقق له شيئا، و إنما يجلب له شتات الأمر ، و لا يأتيه منها إلا ما كتب له و الدليل قوله صلى الله عليه و سلم :( من أصبح و الدنيا أكبر همّه، شتت الله عليه شمله، و فرق عليه ضيعته، و لم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، و من أصبح و الآخرة أكبر همه جمع الله له شمله و جعل غناه في قلبه، و أتته الدنيا و هي راغمة.) حديث مرفوع رواه الترمذي و غيره، و أخرجه الألباني في صحيح الجامع . لولا وجود الاهتمام لما قضيت الأعمال، لكن لا يجعل أكبر همه الدنيا.

الضيعة هي الصنعة أو الحرفة أي لا يتمكن من تأدية عمله على الوجه الصحيح. طلب الدنيا و أخذ الدنيا يكون بسخاوة نفس، و لا يأخذها بهلع و استشراف نفس، و أن يأخذ منها قدر الكفاية، دون أن يشتغل بها هذا هو المنهج الصحيح في طلب الدنيا، إذا أدّى الإنسان عمل الأخرة، جاءت الدنيا و هي راضية، و من أصبح و الآخرة أكبر همه رزقه الله عز و جل القناعة و هذا هو الغنى في القلب، الغنى نوعان: غنى معرض للزوال و هو الأعراض التي بأيدي الناس، و غنى النفس، و هذا غير معرض للزوال، قال أحد العلماء :" الغني بنفسه أكمل من الغني بغيره".

من أصبح و الآخرة أكبر همه تحققت له مطالب الآخرة، و أتته الدنيا و هي راغمه، أي اجتمعت له الدنيا و الآخرة، و من أصبح و الدنيا أكبر همه تفرّق أمره في الدنيا، و فرّط في أمر الآخرة و هذا أمر خطير. أنت محتاج إلى نصيبك في الدنيا و إلى نصيبك في الآخرة أنت أحوج. سئل الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن إشراف النفس قال: " بالقلب" أي تعلق القلب، كذلك الإشراف هو شدّة الولع و الرغبة في الشيء. شتت الله عليه أمره أي لا تستقيم له الأمور، و يصبح مشتت الحال و الذهن و العمل و الوقت، فرّق عليه ضيعته أي المهنة، لا تستقيم له الأمور و لا يأتيه من الدنيا إلا ما كتب له، فعظم الاهتمام بالدنيا لم يقرّب الدنيا، و لم يزد في كسبها، إنما يحصل له نقص بشتات الأمر و تفريق الضيعة، أما بالنسبة لمن كانت الآخرة أكبر همّه فيجمع الله تعالى له شمله، أي وفقه و أعانه و اجتمع له الأمر و الشأن فيما يريد، فيبارك له في وقته، و نفسه، و عمله، و رزقه، و علمه، و جعل غناه في قلبه، من أسباب سعة الرزق الإقبال على الآخرة، إنما يطلب الآخرة أهل العقول، و أهل الحكمة و يرغب في الدنيا أهل الجهل و أهل الضعف في العقول، و طلب الآخرة هو طلب الآخرة و الدنيا، و جماع الخير هو الاستعانة بالله تعالى في طلب الآخرة و الدنيا، الاستعانة جماع الخير في كل ما يطلب.

Read 1401 times Last modified on Friday, 18 December 2015 06:40

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab