قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Monday, 30 September 2013 06:43

ماذا لدي بوتين ليقوله للأمريكيين ؟2/2

Written by  عفاف عنيبة
Rate this item
(0 votes)

لأنه ببساطة ترك الله عز و جل لنا حرية التقنين لأنفسنا فيما سكت عنه، و ملأ القرآن الكريم بأوامر صارمة في إعمال العقل و الفكر للتعامل مع أمور الحياة، ثم نحن نعاني من غلبة الجنس الأبيض و الأصفر حضاريا! فكيف بنا ننتحر لمجرد أن القانون الدولي وضعي؟؟

ليس الرئيس بوتين بالرجل المثالي، فهو لا يحلم و لا ينظر، بل يعيش الواقع بمرارته السوداء، لهذا فهو يرى أن النظام العالمي سيسقط لا محالة إن لم يتضمن قدر من التوازن و العدل، شرطان غائبان تماما مع إدارة أمريكية أحادية للعالم، و ها أننا رأينا ماذا فعلت الإدارة الأمريكية بالقضية الفلسطينية منذ 1993، أفرغتها من محتواها بحيث أصبح أطفالنا يضحكون لدرجة البكاء من القصة الهزلية المسماة فلسطين!!!

من الطبيعي أن يفكر الرئيس بوتين في رفعة روسيا، و مصالحها، و مجال نفوذها، كل هذه الاعتبارات طبيعية لأي قوة عظمى، إلا أن الرؤية التي يدافع عنها بشراسة بوتين، ألخصها فيما يلي:

Enough is enough.

وهذا أيضا انطباعنا العميق، نعم نريد دخول نظام عالمي جديد و لكن ليس من صنع أمريكا، فما نحبذه كمسلمين أن يترك لنا حق تقرير المصير، و نحن أذكياء بما فيه الكفاية لنضمن حد أدنى من رعاية مصالح القوى العظمى في مجالنا الحيوي، لكن كفانا وصاية متغطرسة على رؤوسنا، أرواحنا، عقولنا و وجودنا.

و دائما في مجال حديثه عن القانون الدولي، قال الرئيس بوتين: "القانون يبقي قانون، و لا بد لنا من إتباعه أعجبنا ذلك أم لا".

و هنا إشارة مباشرة منه للمزاج الأمريكي المتقلب فيما يخص تعامله مع القانون الدولي، فنحن رأينا كيف أن إدارة بوش فبركت الأدلة ضد نظام صدام حسين رحمه الله، و شنّت حربا على العراق بدون الضوء الأخضر لمجلس الأمن، فبالله عليكم كيف لدولة عظمى مثل أمريكا أن تتصرف مثل الخارجين عن القانون، و نسكت، و نذل أنفسنا لها، ثم نقيم الدنيا و لا نقعدها على موقف موسكو من النظام المستبد في سوريا؟؟؟

قال الرئيس بوتين، في مقالته دائما: "بالنظر إلى القوانين الحالية، القوة لا تستعمل إلا دفاعا عن النفس، أو كقرار رخص به مجلس الأمن. أي شيء آخر غير مقبول تحت ميثاق الأمم المتحدة ينظر له على أنه عدوان".

فلادمير بوتين في هذه الفقرة واضح وضوح تام، كفانا من استعمال القوة العسكرية خارج المقررات و القوانين الدولية!

قال أيضا الرئيس بوتين: "لا أنكر وقوع استعمال الغاز السام في سوريا، لكن هناك أكثر من داعي يقول بأن هذا الغاز لم يستعمله الجيش السوري، بل قوات المعارضة، لتتسبب في تدخل رؤساءها الأجانب الأقوياء، و الذين يختفون خلف الأصوليين".

لنقف هنا، أولا الرئيس بوتين يقر باستعمال السلاح الكيميائي، و قد سماه بالغاز السام، ثانيا ذكر نقطة هامة جدا و التي غيبتها وسائل الإعلام الدولية و العربية طبعا،  و المحللون السياسيون، و تتمثل فيما يلي:

هل من مصلحة النظام الإجرامي للأسد أن يستعمل السلاح الكيميائي في هذا الظرف بالذات، و هو الذي كسب الجولات الأخيرة ضد المعارضة المسلحة؟

و الرئيس بوتين مقتنع تماما أن مستعمل السلاح هذا هم الأصوليون، الذين يمثلون الذراع الطولي لواشنطن في المنطقة، لا أدري إن كان الجهاديين في سوريا من عملاء واشنطن، و هذا أستبعده، لكنهم يتلقون السلاح و الدعم من دول الخليج العميلة الوفية لواشنطن!

إلا أن موقف الرئيس بوتين مبني على هذا العامل المهم و هو: لدى المسؤولين الروس بصفة عامة قناعة تقول أن واشنطن مستعدة للتحالف مع الشيطان لتخدم مصالحها، و هي قادرة على فعل أي شيء لتصل إلى هدفها كان نبيلا أو قذرا.

المشكلة هنا تكمن في هذه المعضلة: ليس من مصلحة واشنطن و تل أبيب إزاحة الأسد، الحارس الأمين للحدود مع الجولان المحتل!

وقد استغل بوتين الفرصة ليرمي شوكة ناحية الحليف الإستراتيجي لواشنطن، تل أبيب، بقوله: "إنكم تشجعون الجهاديين الذي يخططون لضرب إسرائيل" (الرئيس بوتين، أحرص السياسيين الغربيين على أمن إسرائيل، لأنه يعلم علم اليقين بأن أمن إسرائيل يجنب العالم حرب نووية لا تذر و لا تبقي على شيء بحسبه).

أليس كل هذا مثير للشكوك و الريبة؟ فما جاء في هذا المقطع من مقالة بوتين يرمي بظلال حالكة على واقع الحال في سوريا و غيرها، فالرئيس الروسي بشكل غير مباشر أثار قضية: من يحرص على أمن إسرائيل عليه أن لا ينجر خلف كل ما من شأنه أن يزعزع الوضع القائم حاليا في المنطقة، و هنا فعلا مربط الفرس.

لماذا؟ لأن الخبراء الروس ينظرون هذا التنظير الجدير بالدراسة: الوضع القائم حاليا في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا يخدم بالدرجة الأولى مصالح إسرائيل العليا، فكيف نفسر التوجه العام من تل أبيب، واشنطن، باريس، و لندن، وبدرجة أقل برلين، في خلط الأوراق بحيث يصبح أمن إسرائيل معرض لهزات عنيفة؟

ما الذي يُطبخ في الخفاء؟ هذا ما يود معرفته الرئيس بوتين.

قال الرئيس بوتين في نهاية مقالته: "يرد العالم بالتساؤل: إن لم نعتمد على القانون الدولي، عليك بالبحث عن سبل أخرى لضمان الأمن، وهذا العدد المتنامي للدول التي تبحث للحصول على أسلحة دمار شامل. و المنطق يقول: إن مالك القنبلة لا أحد سيعتدي عليه، في الوقت نفسه الذي نتحدث فيه عن لزومية عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، مثل هذا المفهوم يتآكل".

إذن وصلنا إلى العقدة السياسية في كل ما يجري في قلبنا النابض الشام، إلى متى السباق للتسلح، التسلح بسلاح الدمار الشامل؟ لفائدة من، و ضد من سيستعمل؟ و أول دولة جديرة بالمسائلة في هذا الميدان هي دولة العدو الغاصب في الأرض المحتلة.

ثم كيف يعقل أن تملك الدولة السورية سلاح دمار شامل متمثل في السلاح الكيميائي، و من غيرها في المنطقة يمتلك مثل هذا السلاح الفتاك؟

إلى أين نحن سائرون، و نحن نعاني من داء الاستبداد السياسي، الذي جعل مبدأ التسلح بالسلاح المحرم أمرا جائزا، و تقهقر همّ تحرير فلسطين إلى الخلف، و هل الدول العربية و المسلمة لها مصلحة في استقلال فلسطين و دحر العدو الصهيوني؟

ثم هذا القانون الدولي، لماذا يطبق بطريقة تميزية جائرة؟ و إلى متى تبقى واشنطن تنظر إلى العالم كأنه اسطبل من إسطبلاتها، تقرر متى تشاء استعمال القوة العسكرية الضاربة؟ و كيف لجيش الأطلسي أن يحمي الشعب السوري من الجيش السوري المتهم باستعمال السلاح الكيميائي ضد أبرياء، و لم تطلع في الجو طلعة أمريكية واحدة عسكرية تضرب الأهداف الإسرائيلية التي كانت تقنبل غزة بالسلاح المحرم دوليا؟

إلى متى الكيل بمكيالين؟ إلى متى؟ بالنسبة لي يعتبر موقف الرئيس بوتين أحد أكثر المواقف اتزانا أمام إدارة أمريكية خائنة لكل المبادئ، و هذا طبعا لا يبرئ ساحة موسكو من الكثير من الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها، و من أهمها بحث الرئيس بوتين على تعاون إستراتيجي مع منافس أمريكي، و ليس شريك موضوع في قائمة الجيش الروسي على أنه العدو الأول لروسيا!!!

ثم هل نحن واعون فعلا بمدى خطورة الموقف و الوضع برمته في أرض المسجد الأقصى؟؟ نحن مهددون بالفناء الشامل من جراء ترسانة نووية صهيونية، و الرئيس بوتين على علم تام بأن قادة العدو لن يترددوا لحظة واحدة في استعمال السلاح النووي، إن رأوا وجودهم مهددا في أرض فلسطين، و الحدود المفتوحة مع العدو على كل الاحتمالات من جهة مصر ،سوريا، و لبنان، ستزيد من نسبة الأخطار المحدقة بشعوب المنطقة، فهل وضعنا في حساباتنا مثل هذه الاعتبارات الدقيقة و الخطيرة جدا؟

أختم هذه الورقة بإيراد باللغة الإنجليزية آخر ما كتبه في مقالته القيمة الرئيس بوتين:

My working and personal relationship with President Obama is marked by growing trust. I appreciate this. I carefully studied his address to the nation on Tuesday. And I would rather disagree with a case he made on American exceptionalism, stating that the United States’ policy is “what makes America different. It’s what makes us exceptional.” It is extremely dangerous to encourage people to see themselves as exceptional, whatever the motivation. There are big countries and small countries, rich and poor, those with long democratic traditions and those still finding their way to democracy. Their policies differ, too. We are all different, but when we ask for the Lord’s blessings, we must not forget that God created us equal.

Read 2111 times Last modified on Tuesday, 20 November 2018 14:53

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab