من أعماق قريته المنسية جاء يَحمل خيمته العتيدة؛ يبحث عن موطن و عن أمان، هناك حيث الأرض الغريبة الشكل، حيث المكان المختلف سيكون المأوى، هناك سيَنصِب خيمته قبل أن يأتي أحدُهم و يَنتزِع المكان.
و على المدى سائر قد خبر الطريق يَعرف وجهته و ينطلق إليها، لكنه يُبصر الخيمة فيتألم: يا إلهي، إنه لا يعرف مَصيره!
و يهرع إليه، ينادي بأقصى الصوت: يا أخي، ليس هنا المكان، سيأتي القطار من خلفك!
يَخرج المتدثر بالأحلام: عفوًا، أتُخاطبني أنا؟ هذا مكاني و تلك خيمتي، فماذا تريد؟!
• أريد نجاتك، دعْ تلك البقعة و الزم غيرها؛ ففيها الخطر.
• أعرفك جيدًا، ما تريد إلا مكاني الذي اخترته أولاً.. لكن هيهات، لن أتركه لك!
• بل أريدك أن تبصر، إنه هناك على البعد، لن يترك لك خيمة، و لن يُبقي لك على حياة!
• مخادع أنت، فأنا لا أعرف ما هذا القطار!
• جسم قويٌّ من حديد يسير على تلك القضبان!
• أنا قويٌّ أيضًا، و سأقف له إن جاء!
• لن تقوى عليه، سيَسير على تلك الألواح الحديدية التي تقيم فوقها و لن يعبأ بأحد!
• و ما أدراني بصدق ما تقول؟ ما دليلك على ذلك؟
• إنه يُصدر أصواتًا مختلفة لإنذار من هم على الطريق، ستَسمع صوت جرس يعلمك بقدومه، ثم صوت صفير، ثم يشتدُّ الصوت حتى تهتزَّ مِن تحته الأرض.
• ما زلت لا أصدِّقك، أنت تريد أن تقتلعني من خيمتي و مكاني!
• أعرف هذا المكان من قديم، و لا أريد خيمتك و لا أن أكون مكانك، اسمع الصوت.. إنه يقترب!
• بل هذا صوت بائع المثلجات.. أعرفه جيدًا.
• ها هو صوت الصفير، إنه يقترب أكثر.. انجُ بنفسك.
• ما هو إلا صوت بومة مريضة تَصيح فوق إحدى الأشجار... لقد سمعت مثله من قبل!
• اسمع.. إن الأرض تهتز، لقد صار قريبًا جدًّا، اقفز مثلي الآن قبل أن تصير حطامًا.
• إنه المطر الغزير يسقط في الغابة القريبة، فلا تُحاول خداعي!
تمضي لحظات قليلة يصل فيها القطار و يمضي في طريقه!
[1]مستوحاة من مثال ذكره الشيخ يوسف استيس (الداعية الأمريكي) في حديث له إلى الشباب والأطفال في أحد المساجد.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Literature_Language/0/68328/#ixzz2yluzEBgU