على ضوء الشموع، تأبطَتْ ذكرياتها الجميلة، بعد أن نفضت عن عاتقها هَمَّ النهار، و أخذت تُحَمْلِق في المرآة باحثةً عن صورتها، و بالكاد تمخضت الصورة عن "بقايا إنسان" لإفزاعها، كَمِ السنون التي انقضت كما البرق؟ و أدركت أن ربيع العمر قد ولَّي، و أن أحلامها تؤذِن بالرحيل، فانهمرت سيول الأسئلة الضاغطة على جدار العمر: أهذه أنا؟!
أم أنَّ مرآتي كاذبة؟!
تذكَّرَت كيف كانت كل العيون تلاحقها؟ و هي أميرة زمانها، ولم يَدُرْ بِخَلَدِها أبدًا أنَّ لكل زمان أميرته، فانقضت السنون، و دارت رَحَى الأيام تسحق بلا هوادة ملامح الأميرة، و حُلْم الفارس المغوار و حصانه الأبيض يملأ منها القلب و الخاطر، و ما دَرَتْ أنه بمرور الأيام تذبُل الزهور، و تتقلص الفرصة، بعدما اعتَلَت عَتَبَاتِ الإمارة أخرياتٌ، فعجَلَة الزمان لا تكُفُّ عن الدوران!
و كما يسيل الشمع الدافئ، سالت على خدّها دمعة حزينة، و رأت أن تكتب لبنات جنسها نصيحَتَها قبل أن تذوب الشمعة، و يرحل ما بقي من ضوءٍ مع ما بقي من حلم.
أمسَكَت بآخِرِ أوراق خريفها، و بدأت الكتابة:
أختي الغالية:
مع أني لم أرَك، و لم أعرفْك، إلا أنني أهمس في أذنك بنصيحة: لا يُغَرَّك شبابك، و امنحي نفسك فرصة الاستقرار على اختيار، ليس بالضرورة أن يكون مثاليًّا، بل على الأقل لا يتنافى مع عُرفٍ أو شرع، فالكمال لله وحده، و الأصل في الزواج شراكة بها تكتمل الحياة، و ما لا يُدرَك كله لا يُترَك كله.
التوقيع
من كانت يومًا أميرة زمانها
أمسَكَت الورقة برفق، و بلَّلَتْها بدمعة حزينة، وتَمَنَّت - و هي تلقيها من نافذة الحجرة - أن تتلقفها يد إحدى أميرات الزمان!
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Literature_Language/0/64656/#ixzz2zhznhVkG