قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 22 آذار/مارس 2021 04:28

الشيخ "عاطف حنايشة".. بيت "دجن" تفتقد صوت مؤذنها الندي

كتبه  رام الله – خاص قدس الإخبارية
قيم الموضوع
(0 أصوات)

رام الله – خاص قدس الإخبارية: ذاك الصوت الذي كان يصل قمم الجبال، و يدخل إلى منازل القرية و آذان و قلوب ساكنيها، الصوت الندي الذي يحشد الناس للصلاة و هم يلاحقونه أينما حل و ارتحل ليؤم بالمصلين كل يوم منذ خمسة و عشرين عامًا دون انقطاع متطوعا لـ "وجه الله" دون أجر مادي، لم تفته آذان و تكبيرة إحرام واحدة، صوته الذي يشحذ همم الناس للعبادة و الدفاع عن الأرض كان الهدف القادم للاحتلال.

انبعث صوته الندي لإقامة صلاة الجمعة من مئذنة المسجد "الكبير" بقرية بيت "دجن" شرق نابلس؛ و هو يشد أحزمة الرحيل، و الوداع – هو نفسه لا يدرك ذلك – و ما أن انتهت الصلاة خرج مؤذن و إمام المسجد الشيخ عاطف حنايشة مسرعًا لمشاركة الأهالي في الفعالية التي تخرج للدفاع عن الأراضي المهددة بالمصادرة التي استولى عليها المستوطنون.

للجمعة الثالثة و العشرين على التوالي تقدم الشيخ عاطف الصفوف الأولى، وضع الحجر في المقلاع و دار به عدة دورات – كأحد أدوات المقاومة الشعبية - قبل أن يطلق له العنان لينطلق تجاه جنود الاحتلال و المستوطنين، و لحق به غضبه المنتفض بداخله، لم تمر سوى دقائق معدودة، حتى ابتلعت الجبال صدى صوت رصاصة اخترقت مدخل فمه كرسالة من الاحتلال لأهالي القرية أنه أسكت صوت مؤذنهم.

أردته الرصاصة أرضًا مضرجا بدمائه لتبتلع  و ترتوي من دمائه النازفة، و يسكت صوت المؤذن الشهيد و يرحل عن مئذنة بيت دجن للأبد، ليعود إلى القرية محملا على اكتاف الشباب يلفه علم فلسطين المخضب بدمائه، حتى الورد الذي ألقته النسوة من سلال قروية انتفض في السماء فخرًا بابن القرية وهي يزف في مراسمه الأخيرة.

لأول مرة يغيب الصوت

في اليوم التالي (السبت 20 مارس/ اذار 2021)، لأول مرة منذ 25 عامًا استيقظت القرية دون أن تسمع الآذان يخرج من فم الشيخ عاطف، استيقظت حزينة و قد استوطن الحزن فيها، حزنا على رحيل رجل يعرفه كل بيت و فرد فيها، و هو الذي يزورهم مع أصوات تكبيرات الآذان خمس مرات، يعرفونه في رمضان و تراويحها.

على الطرف الآخر من سماعة الهاتف، يبوح شقيقه واصف بالكواليس التي سبقت المشهد السابق لشبكة "قدس الإخبارية" كأنه يشد صوته الغائب في براثن الحزن من قعر بئر: "لدينا في القرية مسجدان: المسجد القديم، و مسجدٌ جديد الذي يؤذن فيه، أصر أخي عاطف علي بالذات يوم الجمعة أن نصلي في المسجد القديم الذي ستنطلق منه المسيرة حتى يستطيع اللحاق بها من البداية".

دخل الشقيقان المسجد، و أذن الشيخ عاطف لصلاة الظهر و أقام الصلاة، يستحضر شقيقته الصورة الأخيرة بقايا المشهد: "ركب معي السيارة، و عندما وصلنا أوقفت محرك التشغيل، و ما أن ترجلت وجدته قد سبقني وطار إلى الصفوف الأولى يتقدم الشباب، يتنقل من مكان لمكان يناور الاحتلال، حتى واجهه ضابط كبير من جيش الاحتلال برصاص قنص متفجرة".

حرقة المشهد الأخير يلسع صوته "حمله الشباب بين أيديهم ينتقلون فيه من مكان لمكان استغرقوا ساعة إلا ربعا حتى أوصلوه لسيارة الاسعاف، لكن الإصابة كانت قاتلة واستشهد قبل وصوله للمشفى (..) لحظات صعبة و مؤلمة أن ترى شقيقك يستشهد أمام عينيك و أنت لا تستطيع فعل شيء شعرت أن رصاص الحزن يخترق قلبي، و استرجعت الله في مصابي".

الجمعة الأخيرة

حملت تلك المسيرة رقم الجمعة الثالثة و العشرين للتظاهرات الأسبوعية لقرية بيت "دجن" و التي يبلغ عدد سكانها خمسة آلاف نسمة و مساحتها 48 ألف دونم، نصفها تقريبا مهددة بالمصادرة تفصل القرية نابلس عن الأغوار، بدأت قصة المواجهة الشعبية منذ خمسة شهور بعدما شق الاحتلال طريقا استيطانيا خلسة بين جنحي الظلام داخل القرية، و أكمل حلقة الاستيطان قيام أحد المستوطنين بإنشاء بؤرة في أحد جبال القرية، فاجتمعت القرية بكل لجانها الشعبية و فصائلها يخرجون تحت راية الوحدة لطرده، بمسيرات شعبية.

"منذ 25 سنة يؤذن أخي بصلاة الفجر، حفظ عشرة أجزاء من القرآن يؤم الناس و يعلمهم القرآن و دورات التلاوة، فقد خرج أجيالا، تحلقه الناس و تبحث عنه في كل مكان يذهب ليأذن فيهم أو ليصلوا خلفه فكان صوته جميلا، حتى بالعمل الخيري كان في مقدمة التوزيع، و عندما شكلت لجنة زكاة اختاروه فيها لأنه محبوبٌ و مقبولٌ عند الناس".. كلمات يملأها الشجون حررها شقيقه.

لم تكن الرصاصة الأخيرة الوحيدة التي اخترقت جسده و أصابته، شقيقه يشد موقفًا من أعماق الذاكرة راجعًا لانتفاضة الأقصى: "حينما انطلقت الانتفاضة و أوقدت شعلتها في نفوس الشباب، و كان أخي بالمقدمة و أصيب بقدمه، حينها سمعه الناس يردد: "اللهم اجعلني من الشهداء" فكان يطلبها منذ زمن، و لا زالت الشظايا التي عانى منها مستقرة بجسده".

حينما تشق خيوط الشمس الغيوم و تهبط للأرض بعد صلاة الفجر، كانت تشق الابتسامة في سنابل وجهه القمحي نشاطًا و حيويةً ينطلق الشيخ عاطف خلالها لممارسة كرة القدم أو الطائرة، فلا زال الشباب يشعه بوجهه رغم الشعر الأبيض الذي بدأ يحتل جزءً من رأسه و لحيته في أي بقعة يصلها.

سجن الاحتلال الشيخ عاطف و شقيقه واصف لمدة عام سنة 1995م، يتوقف شقيقه هنا: "عانى أخي بالتحقيق لكنه ثبت و لم يأخذوا منه شيئًا، فخرج بعد سنة من أسره و لم يصدر أي حكم فيه".

لدي الشيخ ثلاثة أولاد: بكر 16 عاما، وليان 10 سنوات، و محمد 6 سنوات، ظهر ورم في قدم ابنته منذ شهر، يقول شقيقه: "قام أخي بإتمام كل المعاملات للبدء في علاجها في مستشفى المطلع بعدما أظهرت الفحوصات أن الورم خبيثا".

تنفض كلمات شقيقه الغاضبة كرصاصة تفارق فمه يوجهها لمن قتله: "الاحتلال غدة سرطانية تستوجب مقاومته، و كل احتلال لا بد أن "يكون مقابله مقاومة، فهي جزء من الثمن المطلوب".

في ليلته الأولى بدون شقيقه وضع واصف هاتف شقيقه بجواره بعدما سلمه الشبان إليه، نام ليلته الأولى التي لم يعرف فيها النوم، صوت رنين منبه المنبعث من هاتف شقيقه عاطف أبى أن يبقى دموعه متيبسة في عينيه، كان الصوت كفيلا بإسقاطها لتجري على خديه.

"أتذكره بالفعاليات و المسيرات الوطني، هو شاب منتمي لدينه و وطنه، يدرس الأشبال القرآن الكريم، صاحب الصوت الندي، سنفتقد هذا الصوت خلال الأيام القادمة تحديدا في شهر رمضان، كان الصديق و الأخ والجار، الإنسان الورع التقي ذو الهمة العالية، لم يفارق أي فعالية فيما يخص العمل الوطني و الديني، كان مهتما بالأحداث التي تجري بغزة و حروب الاحتلال، كان صديقا و حبيبا للكل" بتلك الكلمات و السمات التي حركها صوت صديقه محمد أبو ثابت لـ "قدس الإخبارية"، نسدل الستار على قصة شيخ بيت "دجن".

الرابط : https://qudsn.net/post/183018

قراءة 727 مرات آخر تعديل على الإثنين, 22 آذار/مارس 2021 06:22

أضف تعليق


كود امني
تحديث