قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 17 آذار/مارس 2016 08:53

حادي الأرواح: سيدنا بلال.. هو حر في قيوده

كتبه  الأستاذة أم وفاء خناثة قوادري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

حادي الأرواح

سيدنا بلال.. هو حر في قيوده

عبد ضعيف، كسَر جبروت الأسياد، و هدَّ كبرياءهم!

اشتدَّ الغضَب بأميَّة بن خلف، أرعَد و أبرَق، يكاد الحنق يقتلُه، تلوَّن وجهُه كسوادِ الجحيم، قال و هو يشتطُّ لؤمًا: "إنَّ شمس هذا اليوم لن تغرب إلَّا و يغرب معها إسلامُ هذا العبد الآبِق".

لكن هيهات هيهات! بلالٌ في قيوده، و فوق رِمال الصَّحراء كظلمة ليلٍ تَسطع أنوار نجومه، تَتلو الملائكةُ من حوله تراتيلَ الحمد و التهليل، ما كَلَّ و لا مَلَّ، حتى كَلَّ أعداؤه و ملُّوا من تعذيبه.

جلَدُه و صَبْره، يقينه و ثَباته: حوَّل المحنةَ إلى مِنَحٍ ربَّانية، جلَّلَتها عطاءات قدسيَّة.

و كأنَّ جبال مكَّة و شعابها و صخورها تُردِّد في إباءٍ: هو حُرٌّ في قيوده، هو حُر، هو حر!

سمِع الصِّدِّيقُ النِّداء، فهبَّ مسرعًا، حضر فوقع.

باع أميَّة، و أبو بكر اشترى!

أخذ الجاهِلُ ثمنَ ترابٍ مشى عليه بلال.

أمَّا أبو بكر، فاشترى الجنَّةَ لا بلالًا!

هو السِّباق إلى الجنان إذًا بين أبي بكر و بلال.

و ذاك ما جاش في نَفس سهيل بن عمرو يوم رأى الخليفةَ عمر يقدِّم بلالًا على رهْط من سادة قريش، فيَأذن له و يؤخِّرهم عليه، فقال لأبي سفيان - متحسرًا -: "دُعِي القومُ إلى الإسلام و دُعيتم، فأسرعوا و أَبطأتم، فكيف بكم إذا دُعوا يوم القيامة و تُرِكتم؟!"[1].

أحَد.. أحَد:

انبلَج الحقُّ و أشرقَت الأرض بنور ربِّها.

تسامَت أفئدةٌ هفَتْ لكَسر أغلال الجَهل و الوثنيَّة.

و أركَسَ الباطِلُ أخرى رضيَت بالعيش في مهانة الذلِّ و الضلال.

دَنا النَّفيرُ، فامتطى أهلُ الكمال سُفُنَ النجاة من لجج الشِّرك و فِتن الحياة.

و خشخشة نعلَي مَن هذه بين يدي رسولِ الله في الجنَّة؟

و ما سِرُّ هذه البشارة، و هذا الجوار الكريم، و القرب منه صلى الله عليه و سلم في دار الكرامة و النَّعيم؟

أجَل، هو الجزاء من جِنس العمل!

فكما خدمتَ سيِّدَ الخلق، و مشيتَ بين يديه في الدنيا، كان جزاؤك أن تمشي بين يدَيه في الجنة.

عبدٌ أسود حبشيٌّ، مملوك لأميَّة بن خلَف؛ هكذا أنت في ميزان الجاهلية، ألم يعِبْ فرعونُ على موسى عليه السلام أنَّه لم يُلْقَ عليه من ربِّه أساور من ذهب؟!

و هكذا هي الجاهليَّة في أحكامها الماديَّة الخرقاء.

لكنك في ميزان الله غير ذاك!

أحد السَّبعة الأوائل الذين أظهروا إسلامَهم في مكَّة، و الإسلام يومئذٍ غريب.

هانت عليك نفسُك في الله، فما ترخَّصتَ بكلمة الكفر، و هي في حقك سائغةٌ جائزة.

جابهتَ حَرَّ الرَّمضاء و حَرَّ السِّياط!

عاندتَ الصخرةَ العظيمة وُضعَت على صدرك، و الحبل في عُنقك، و غلمانًا يطوفون بك في شِعاب مكَّة.

و كانت كلمتك هي دائمًا كلمتك، من غير تلكُّؤ و لا مُداراة و لا مواربة:

 أحَد أحَد؛ وميض قلب نابِض بالحياة، نقَّاه رسوخُ العقيدة و رقَّاه، تلسعه الهمجيَّةُ بسياطها، فيزأر في عرينه:

 أحَد أحَد؛ قذائف حق راجمات، تصيب الباطِل في مَقتل فتدمغه، تجتثُّه من فوق الأرض فما له من قرارٍ.

 أحَد أحد؛ وخزات في قلوبٍ حائرة، ألجَمَها الباطِلُ، و كبَّلَتها الشهواتُ، كلَّما صَحَتْ عادت لسكرتها، فللباطل - من حولها - أحراس و أجراس.

 أحَد أحد؛ صوتٌ رخيم، أمِن مزامير داود هو؟!

تَناءى إلى الأسماع فنبَّهَها، أطرَبَها، ما كسره جوعٌ، و لا فَتَّ في عضده عطَشٌ و لا رمضاء.

 أَحَد أحد؛ شِعار عقيدةٍ ثمنها الحياة، و حياة مَبعثها عقيدة، سرى دبيبُ نورها فأثمرَت طمأنينة و سكينة، و نعيمًا لو عَرَف حلاوتَه عتاةُ الأرض لجالدوا عليها بالسُّيوف.

شوق و دموع:

و أورقَت ذِكرى الحبيب، حين ارتفع صوتُ سيِّدنا بلال مؤذِّنًا، هزَّ القلوب و أحيا فيها الشوق و الشجن.

 اللهُ أكبر، الله أكبر.

كان بدر التَّمام قد انكفَأ، و السِّراج المنير قد انطفأ، حينها نادى الولاءُ فيك و الوفاءُ لمن صَحِبَك في حلِّه و ترحاله:

 "إنِّي لا أؤذِّن لأحَدٍ بعد رسول الله".

و تساءل الصِّدِّيق متحيرًا:

 "و مَن يؤذِّن لنا يا بلال؟".

 أشهد أن لا إله إلا الله.

 أشهد أن لا إله إلا الله.

هي سَنوات انقطع فيها خبَرُ السَّماء عن الأرض، عشتَ تُغالِب الذِّكرى، و الهيام بها يغلبك!

و ما كان لك اليوم إلَّا أن تتقدَّم؛ فملائكةُ الرَّحمن تزفُّ بشرى النَّصر إلى الرسول الكريم، بعد أن أعَزَّ الله المسلمين بفتح بيت المقدس، و ها هو الفاروقُ يتسلَّم مفاتيحَها.

 أشهد أنَّ محمدًا رسول الله!

احتبس الصَّوتُ، و ارتعشَت الفرائس، لَان أهلُ الصَّلابة و البأس، جاشَت النفوس شوقًا، و انهمرَت العيونُ أدمعًا، و بكى الصَّحابةُ الكرام كما لم يَبكوا من قبل!

اخضلَّت اللِّحى بالعَبرات، و الحنين يَستبق الزَّفرات:

أَفيكِ لِحَمْل الشَّوقِ يا ريحُ مَوضعٌ ♦♦♦ فقد عجزَتْ عن حمل أشواقِنا البُدْنُ؟

غدًا نلقى الأحبة:

و يطوف بلال حولَ القبر الشَّريف - حاملًا القِربةَ بيديه - يبلِّل الثرى الطَّاهِر و ينضحه بالماء، يَعزُّ عليه فراقُ خير البريَّة، يرنُّ في أذنيه صدى بشراه صلى الله عليه و سلم: ((يا بلال، حدِّثني بأرْجى عمَلٍ عملتَه في الإسلام))[2].

فيجيب بلال رضي الله عنه أنَّه: "كان لا يُحْدِث إلا توضَّأ و صلَّى"[3]، هي طهارةٌ دائمة، و صلاة ملازمة، يَحرص عليهما، و يَرى ذلك أرجى عمَل قدَّمَه بين يدَي الله، يتورَّع أن يَذكر صبرَه على أشدِّ أنواع البَطش و التعذيب.

يخفض الرَّأسَ حياء كلَّما سمع كلمات المَدح و الإطراء، و يقول:

 "إنَّما أنا حَبشي، كنتُ بالأمس عبدًا".

لم ينسَ لأبي بكر شرَفَه و فضلَه، و يردِّد على الأسماع:

 "إنَّما أنا حسَنةٌ من حسناته".

تعاتِبه زوجتُه لكثرة ما يحدِّثها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، فيهجر البيتَ غاضبًا، و يسارِع النبيُّ إليها منبِّهًا: ((ما حدَّثَكِ عنِّي بلال فقد صدَق، بلالٌ لا يَكذب، فلا تُغضِبي بلالًا))[4].

ينصِّبه النبيُّ أمينًا على بيت مال المسلمين و على مالِه الخاص، كيف لا و هو المؤتمَن على مَواقيت الصَّلاة، و مواعيد الإفطار؟!

يدخل الكعبةَ يوم الفتح مع الرسول الكريم، ثمَّ يرقى سطحَها، و يَصدح بالحقِّ عاليًا، و ليقُل عدوُّه فيه ما شاء أن يقول!

و في حجَّة الوداع يَحرص أن يكون إلى جَنب سيِّده و مولاه - كما كان في غيرها - يظلِّلُه من حَرِّ الهَجير، طاعة و حبًّا و وفاء.

و حين يَحضره الأجَلُ، تَبكي زوجتُه لوعةَ الفراق، فيواسيها قائلًا:

 "بل و افَرَحاه، غدًا نلقى الأحبَّة؛ محمَّدًا و صحبَه!"[5].

الجائزة:

و كانت الجائزة - يا سيِّدَنا -: أنْ مكَّنَك الله من عدوِّك - أميَّة بن خلف - فقتلْتَه بيديك، و قد هنَّأك أبو بكر قائلًا:

هنيئـًا زادك الرَّحمنُ خيرًا ♦♦♦ لقد أدركـتَ ثأرَك يـا بِلالُ

و كانت الجائزة: أن رفَعتَ عقيرتَكَ بكلمة التوحيد في الأذان - ما سبَقَك إليها من أحَد - و قد جاءك التَّفويض؛ أن دَعْه لبلال: ((إنَّه أندى صوتًا منكَ))[6].

و كانت الجائزةُ: بلالٌ سيِّدنا - قالها عمر و هو مَن هو- اعترافًا بسَبْقِك و فضلك.

و كانت الجائزة: بشارة مَن لا يَنطق عن الهوى، و قد سمِع خشف نعلَيك بين يديه في الجنة.

و كانت الجائزة: أن ازدان جبينُك المرصَّع بالشهادة، نلْتَها مرابطًا في سبيل الله في بلاد الشام سنة 20 هـ.

• • •

رضي الله عنك سيِّدَنا، هجرتَ عبوديَّةَ الخلق إلى عبادة الخالِق.

سجَد قلبُك، و سجدَت جوارحُك في حضرة: "أَحَد.. أحد".

عرفتَ فاغترَفْت!

كان صوتك بالحقِّ هادرًا و مجلجلًا، و ها هو صداه يختلج مع كلِّ أذان يتردَّد، في مشارق الأرض و مَغاربها، ليلِجَ القلوب و يَغمرها بفيضٍ من حبِّك.



[1] "داعي السماء - بلال بن رباح"؛ عباس محمود العقاد ص: (64).

[2] متفق عليه.

[3] مسند الإمام أحمد.

[4] "داعي السماء"؛ عباس محمود العقاد، ص: (66).

[5] "داعي السماء"؛ عباس محمود العقاد، ص: (54).

[6] خرَّجه الألباني في الإرواء، وقال: حديث حسن.

الرابط: http://www.alukah.net/culture/0/99747/

قراءة 1790 مرات آخر تعديل على الجمعة, 18 آذار/مارس 2016 06:35

أضف تعليق


كود امني
تحديث