قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 06 تشرين1/أكتوير 2016 10:01

المكّيّ بن باديس قاضي بلد قُسَنْطينة (1817-1899 م)

كتبه  الأستاذ عبد المالك حداد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يُعدّ القاضي المكّيّ بن بَاديس من رواد العمل السياسي المنظم في الجزائر خلال القرن 19 م، و هو من أوائل ممثّلي المجتمع و النّخبة ممن حملوا قضايا مطلبية فرضتها ظروف حياة الجزائريين الذين عانوا كثيرًا من القوانين التعسفية للاحتلال الفرنسي. فكان من المساهمين في تشكيل الوفود و تقديم العرائض لإبلاغ المطالب إلى سلطات الاستعمار، و لجأ إلى نشر كتيبات و نحوها للتعبير عن رأيه في قضايا عصره خاصة ما تعلق بالقضاء و التّعليم و حقوق الأهالي، كما ناقش و طرح وجهة نظره تجاه هذه القضايا في اللجان و المجالس، فهو بذلك نموذج مميز للوعي السياسي المبكر الذي أنتج الحركة الوطنية في مطلع القرن 20 م.

نسبه و أسرته:

اسمه المكّيّ بن مُحَمَّد كحول بن عَليّ النّوري بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن بركاتْ بن عبد الرَّحْمَن بن يَحْيى بن حمَيدة بن يَحْيى بن أحمد (المدعو حمَيدة) بن باديس. ولد في قُسَنْطينة سنة 1817 م من بيت عريق في السؤدد و العلم، يتصل نسبُه بالمعِزّ بن بَاديس -أعظم ملوك دولة بني زِيرِي الصّنهَاجِيَّة (حكم: 1015-1062 م)- إلى صنهاجة القبيلة البربرية العظيمة. و لأسرته في مدينة قُسَنْطينة ذِكرٌ نابِهٌ في العلم، فقد نبغ منها منذ القرن 13 م أعلام حازوا قصب السّبق في الدّراية و المعرفة و الولاية، و ناهيك بهم دار صلاح و علم و عمل، عُدّ منهم أربعون رَزَّةً (عِمَامَةً) كلهم صاحب منصب، حازوا مناصب الفُتْيَا، و القضاء، و المخزنيّة، منهم القاضي المكّيّ بن باديس الذي توفّي يوم 26 مارس 1899 م.

ومضات من حياته:

نشأ المكّيّ بن باديس في كنف عائلة متمسكة بالدّين و حريصة على تنشئة أبنائها على حفظ القرآن الكريم، أمدته بتقاليد تراثها العلمي الذي تناقله أسلافه جيلاً بعد جيل، و بالشهرة التي كانت تتمتع بها لدى العامة و الخاصة. تثقّف ثقافة عصامية، و برز في العلوم الشرعية، و كان شغوفا بمطالعة الكتب الهامة و الجرائد المعاصرة، و يبدوا أنه امتلك مكتبة ضخمة ورثها عن آبائه و أضاف إليها مقتنيات من عنده، ضمَّت نوادر الكتب و المخطوطات ككتاب «الفرج بعد الشدّة» للقاضي أبو عَليّ المحسن التنوخي (939-994 م). و بحكم اختلاطه بالفرنسيين كان يتكلم الفرنسية، و تذكر بعض المصادر أنّه تعلم الفرنسية علىالمترجم جاك أوغُست شَرْبُونّو (1813-1882 م)، و كان له مُترجم في اجتماعات المجلس العام للعمالة.

امتلك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ورثها أبًا عن جد، و احتل مكانًا مرموقًا بين الأعيان، و منذ سنة 1862 متعززت مكانته لدى سكان قُسَنْطينة بعد قيامه بمهام إنسانية تضامنًا مع الأهالي المحرومين، و اضطلع بمهام معتبرة بين سنتي 1866-1868 م، ففتح مطامير حبوبه لسد رمق الجائعين و أنفق أمواله على الفقراء و المنكوبين، و ذلك جراء المجاعة التي حلت بالبلاد و انتشار الوباء.

أما عن حياته الخاصة و شؤونه العائلية، فقد تزوج مرتين الأولى إحدى قريباته تدعى أمنة بنت الحاج حسن بن الحاج أحمد بن باديس و الثانية غنوجة بنت عَليّ بن قزارة عَليّ، و له من الأبناء:

-الشريف (1837-1901 م) اشتغل بالقضاء منذ سنة 1870 م، فعين قاضيا مسلما بمحكمة الدائرة الثانية في ضاحية عمالة قُسَنْطينة، ثم ارتقى إلى منصب قاضي مالكيّ ما بين 1891-1896 م بمحكمة قُسَنْطينة. و قد خلف والده سنة 1881 م في المجلس العام للعمالة و في اللجنة البلدية لقُسَنْطينة، و لمكانته قلدته السلطات الفرنسية بوسام جوقة الشّرف برتبة فارس في 5 جويلية 1887 م، إلا أنها سحبته منه في 12 جوان 1896 م بعد الحكم عليه بالسّجن لمدة ثلاثة سنوات بأمر من محكمة جنايات قُسَنْطينة لإساءته استخدام الثقة المؤهلة له.. ليكتفي بلقب نائب عن الأهالي بواد العثمانية مع اهتمامه بتسيير الأراضي الزراعية الخاصة بالعائلة هناك حتّى وفاته.

- حمَيدة (1846-1900 م) من أصحاب الأملاك و أهل العلم و القضاء أيضاً، اشتغل بالقضاء ما بين 1882-1891 م، و اشتهر كنائب عن مدينة قُسَنْطينة و بدفاعه عن قضايا الجزائريّين بشدة حتى اعتبر من أوائل ممثلي حركة الشباب الجزائريّين. اشترك في رفع تقارير عن الحالة في الجزائر كتقرير 17 أكتوبر 1888 م حول طريقة تعيين ممثلي الأهالي في المجلس العام، و تقرير 10 أفريل 1891 م حول الوضع في الجزائر قدم لعضو السينا فرانك شقو ليرفعه إلى الحكومة الفرنسية و أعضاء السينا بباريس. و صدر له عام 1893 م كتيب بعنوان Quelque idée sur la sécurité).

- مُحَمَّد المصطفى (1868-1951 م) والد العلاّمة الشّيخ عبد الحميد بن باديس (1989-1940 م). اشتغل بالفلاحة و التجارة و له مشاركة في الشؤون العامة كنائب الأهالي و عضو مجلس البلدية في الخروب، و قاضيًا مرسمًا بالمحكمة الجنائية بالخروب، و مستشارا عامًا و مندوبًا ماليًا بقُسَنْطينة، و عضو المجلس الأعلى للحكومة، و عضو في مختلف اللجان الإدارية بالعمالة و المجلس العام، و أيضًا عضو غرفة التّجارة و عضو دار الفلاحة، و مدير المكتب الخيري الإسلامي بقُسَنْطينة، و رئيسًا شرفيًا مؤسس لجمعيّة إغاثة الأهالي المسلمين بقُسَنْطينة و الخروب. و قد قُلّد بأوسمة الافتخار الفرنسية، مع لقب آغا فخري، و باش آغا شرفيًا. و عُرِف دائمًا بدفاعه عن مطالب السكان المسلمين بالعمالة القُسَنْطينية.

- بركاتْ من مواليد سنة 1842 م،كان إماما من الفئة الثالثة بأحد مساجد مدينة قُسَنْطينة ما بين 1873-1879 م.

- عبد الكريم (1855-1897 م) اشتغل بالتجارة.

- عبد الحليم من مواليد سنة 1875 م.

- زبيدة (1849-1923 م).

- حنيفة من مواليد سنة 1871 م.

وظائفه:

كان المكّيّ بن باديس يتمتع بثقافة عميقة و شهرة واسعة بفضل عوامل أسرية و شخصية أهلته مبكرا لتولى مهام و مناصب عديدة، فلمرّات عِدّة كلّفه الحاج أحمد باي (حكم: 1826-1837 م)بمهام حساسة و هو في مطلع شبابه، و إبّان استيلاء الفرنسيين على قُسَنْطينة شهر أكتوبر1837 م، احتل المقعد الأول في المجلس المنعقد عند شيخ الإسلام مُحَمَّد الفكون بهدف إرسال وفداً لتأمين حياة سكان المدينة و حمايتهم من بطش الغزاة. و بعد انتصاب إدارة الاحتلال عمل بمعية أعيان المدينة على الدفاع عن حقوق الأهالي، و لعب دورًا بارزًا و مؤثرًا في مواجهة التغيرات و التحولات التي أحدثها الاستعمار، و برز ذلك الدور عبر أشكال مختلفة منها اشتراكه في الحياة السياسية. و قد حظي بالاحترام لدى السلطات الفرنسية و تلقى التشريف، فكلف بإلقاء خطابا خلال زيارة ابن ملك فرنسا الدوق فيليب دورليان لقُسَنْطينة في أكتوبر 1939 م، ثم اختير كأول شخصية من أهالي قُسَنْطينة ليُقلَدَ وسام جوقة الشرف برتبة فارس من يد نابليون الثالث نفسه خلال زيارته المدينة سنة 1865 م.

و عند إنشاء المكتب العربي بقسنطينة بموجب المرسوم الصادر في 1 فيفري 1844 م، تم تعين المكّيّ بن باديس مع مُحَمَّد بن عزوز كمساعدين للقاضي الشّيخ مُحَمَّد بن عيسى الشَّاذلي (1797-1877 م)، كما عيّن مستشارا بلديا مع سي الحموشي (مزارع) لتمثيل الأهالي في أول بلدية في قُسَنْطينة بعد تأسيس بلديات في الجزائر بموجب مرسوم 23 جوان 1847 م.

و في 6 أفريل 1851 م تم تعيينه قاضيًا بالمكتب العربي خلفا للقاضي الشّيخ مُحَمَّد الشَّاذلي الذي تولى إدارة المدرسة الشرعية-الفرنسية في قُسَنْطينة. و خلال إشرافه على القضاء، كان له الفضل في صياغة القانون العضوي للمحاكم الشرعية، ثم عين على رأس القضاء المالكي بقُسَنْطينة ما بين سنتي 1871-1877 م.

كما كان للمكّيّ بن باديس مشاركة في الشؤون العامة حيث عين نائبًا في المجلس العام لعمالة قُسَنْطينة سنة 1858 م، و نظير اهتمامه بالحقوق الثقافية و الاجتماعية للأهالي، اقترح عليه نائب فرنسي أثناء مناقشات المجلس العام في 3 أكتوبر 1865 م تحرير مجلة الشريعة الإسلامية، لكنه رفض ذلك المشروع رفضًا باتًا. و بعد ثورة 1864-1865 م التي اندلعت إثر صدور مرسوم 31 ديسمبر 1859 م الذي عطّل المجالس و أقام استئناف الحكم من محاكم القضاة إلى المحكمة الفرنسية، مثل الأهالي في لجنة قاسطامبيد التي وضعها الحاكم العام لأجل خلق نزعة جديدة في الجزائر، و يبدو  أنّه لعب دور المتحدث باسم الجزائريّين في مناقشات اللجنة. كما كان عضو لجنة الفقهاء الجزائريّين التي استفتتها حكومة الاحتلال بعد قرار مشروع المجلة الأهلية سنة 1871 م، و برز فيها كأهم متحدث و مدافع عن حقوق الجزائريّين.

و في سنة 1975 م عينه عميد أكاديمية الجزائر عضوا في مجلس التّربية و التّعليم، و حاز على تقدير الأكاديمية. و انتدب 3 مرات ضمن الوفد الممثل لجناح المستعمرة (الجزائر) في المعرض العالمي بباريس في طبعته الأولى سنة 1855 م، و الطبعة الثانية سنة 1867 م، ثم الثالثة سنة 1878 م، و على إثرها تم تعيينه رئيسا للجنة الثقافية الإسلامية بقسنطينة.

في سنة 1881 م خلفه ابنه الشريف في منصبه بالمجلس العام و في اللجنة البلدية بقسنطينة، و لا يعرف سبب ذلك، هل لداعي المرض أو لهذا صلة بالحوادث التي وقعت بمنطقة قالمة-عنابة و علاقته بقائدها سعيد بن شطاح.

مواقفه من قضايا عصره:

كانت للقاضي المكّيّ بن باديس عدة مواقف قوية على سياسة الإدارة الاستعمارية من خلال خطبه في المجالس المنتخبة و بالكتابة و تقديم العرائض، و من أبرز تلك المواقف:

- احتجاجه في حديثه أمام المجلس العام يوم 21 سبتمبر 1865 م على احتكار خريجي المدارس الرسمية لوظائف المحاكم، و اقترح تأسيس نظام الامتحانات المفتوحة لخريجي الزوايا و الجامعات الإسلامية في الخارج، و قد استحسن المجلس العام موقفه و سادت آراؤه في هذا الأمر أمام لجنة قاسطامبيد. و بناء على توصية اللجنة شارك في امتحان دخول المدارس الشرعية-الفرنسية لأول مرة سنة 1869 م رجال الزوايا و فازوا بوظائف القضاء.

- رفعه طلب للجنة قاسطامبيد لتأسيس المجالس المستقلة من جديد، و بعد مناقشات طويلة، وافقت  على  تأسيس  مجلس  استشاري  مجرد من أي سلطة واقعية.

- شرح موقفه أمام المجلس العام في 3 أكتوبر 1865 م المتعلق بالوضع الثقافي و الاجتماعي في الجزائر، و تكلم عن درجات ثلاثة من الخلل، و هي الاعتداء على ثروة الإنسان الدنيوية (الممتلكات)، و الاعتداء على بدنه، و الاعتداء على دينه، و أخف هذه الاعتداءات هو الأول و أوسطها الثاني، و لكن أخطرها هو الاعتداء الثالث لأنه اعتداء على ما هو مقدس عند الضمير الإنساني.

- أخذه مبادرة تقديم عريضة للحاكم العام في الجزائر يوم 29 أفريل 1871 م، أمضاه ثمان من أعضاء عائلته (مفتيان، قاضيان، ثلاثة مستشارين محليين، مساعد محكمة) و نخبة من المنتخبين احتجاجا على القمع و وحشية القوة ضد البدو أثناء ذروة احتجاج أهالي القبائل الكبرى.

- إدراكه للأبعاد الحقيقية لقانون كريميو الصادر في 24 أكتوبر 1870 م الذي حاول اليهود مخادعة أعيان الأهلي في مضمونه، فوقع مع الأعيان على رسالة في 25 جوان 1871 م، وجهوها إلى نائبي عمالة قُسَنْطينة رفضوا فيها التجنيس الجماعي لليهود و طالبوا من فرنسا إبطاله، و الإبقاء على القانون الأول الذي يسمح لأي فرد في الجزائر بطلب الجنسية الفرنسية فرديًا.

- الاعتراض على المجلة الأهلية (1871 م) المتضمنة قوانين جنائية خاصة بالأهالي. و قد انتقدتها لجنة الفقهاء الجزائريّين (و هو من أعضائها)، و طلبوا في تقريرها الصادر سبتمبر 1871 م بتخفيض العقوبات و اقترحوا بعض التغييرات على ضوء الشريعة الإسلامية.

- الاعتراض على العقوبات الجماعية التي تبعتها السلطات الفرنسية سنة 1881 م ضد الأهالي.

- مطالبته أمام المجلس العام أثناء مناقشة 17 أكتوبر 1881 م، في الوقت الذي كان البير قريفي على رأس الحكومة العامة بالجزائر، بحق تمثيل الجزائريّين في مجلس النواب بباريس و توسيع تمثيلهم السّياسيّ في مختلف المجالس النيابية، و قد أصبح هذا الطلب أسس منهج الحركة الوطنية.

- تقديمه عريضة يطلب فيها إعادة الاعتبار للقضاء الإسلامي احتجاجا على مشروع إلغاء محاكم الشريعة و على مشروع الخدمة العسكرية الإجبارية في خمس ملاحظات كتبها يوم 10 نوفمبر 1889 م.

هذا و له مواقف خفية حسب ما ذهب إليه المؤرخ "آلان كريستلّو"، ففي خلال أزمة تونس سنة 1881 م أوقفت فرنسا بعض أعيان منطقة قالمة-عنابة من بينهم قضاة، اتهمتهم بتحريض الجزائريّين على الثورة و الاتصال بحزب المعارضة في تونس، في وقت كان الهدف من اجتماعهم الاحتجاج على مشروع إلغاء محاكم الشريعة و اتصالهم بالقادة السياسيين في مدينة قُسَنْطينة، فوجد كريستلّو أن المكّيّ بن باديس كان على علاقة بقائدهم قاضي قالمة سعيد بن شطاح، إذ إنهما كانا من نفس الجيل و اشتغلا بالقضاء معا في مطلع الخمسينات في قُسَنْطينة، و كان ابن شطاح يسكن في واد زناتي حيث كانت هناك أرض من أراضي ابن باديس. كما وجد المؤرخ كريستلّو أدلة غير مباشرة على شعور المكّيّ بن باديس بالقلق من الوضع في الجزائر، ففي 1889 م أخطر قنصل فرنسا ببيروت حاكم الجزائر أن عائلة ابن باديس تنوي الهجرة إلى بلاد الشام و معهم سعيد بن شطاح.. فقام والي عمالة قُسَنْطينة بريفي - وفق ما نقله في رسالة إلى الحاكم العام في 16 نوفمبر 1889 م - بدعوة حمَيدة بن باديس إلى مكتبه، و لكن الأخير أنكر أقوال القنصل إنكارا باتا.

مؤلفاته:

استفاد المكّيّ بن باديس من وسائل الطباعة التي بدأت في الانتشار حينها، و كانت المطبوعات وسيلة فعالة لنشر آرائه و أفكاره، فكتب في جريدة المنتخب التي تأسست في قسنطينة على يد أحد الفرنسيين، و نشر مجموعة من الكتيبات و العرائض ذات الطابع القانوني و الشرعي و السّياسيّ، تدل على همّته في ذلك العصر و تحمّسه نحو أداء رسالته في الدفاع عن الشخصية الجزائرية و مصالح الجزائريّين:

- كتيب ألفه في أواخر الستينات القرن 19 م، ذُكر في جريدة المبشر الصادرة في 29 مارس سنة 1869 م، شرح فيه قوانين و قواعد محاكم الشريعة و عالج فيه، مثلا تسجيل الأحكام و معاملة الاستئناف.

- كتيب بعنوان: تَقرير الأحكَام الشّرعيَّة التي تُنَاسِبُ لُصُوصَ البَوَادِي في الأوطَانِ الجَزَائرية، خطه بيده بتاريخ  14 جويلية 1875 م، و تُرجم إلى اللغة الفرنسية: (Exposé des lois répressives pouvant s'appliquer aux voleurs de la compagne en Algérie) و طبعته باللغتين مطبعة (De L.MARKE) بقُسَنْطينة في 15 جويلية 1875 م، و قد بين فيه عواقب التخلي عن أحكام قضاء الشريعة الإسلامية في معاقبة لُصُوصَ البَوَادِي و عدم تناسب القانون الجنائي الفرنسي على الأهالي الجزائريّين.. مذكرا بنصوص الشريعة الإسلامية التي تنفعهم و تكفيهم و الموافقة لشريعتهم التي هي جزء من دينهم.

- كتيب نشره مع أحمد بن سليمان عام 1881 م، احتج فيه عن سياسة العقوبات الجماعية التي اتبعتها الحكومة بعد مشكلة حرق الغابة في أوت 1881 م. ترجمه أرنست ميرسييه إلى الفرنسية بعنوان: Réponse des conseillers généraux indigènes au rapport de M.Treille sur les incendies. و ذكره المؤرخ اجبرون تشارلز روبرت بعنوان: Réfutation des erreurs et fausses appréciations relatives aux incendies survenues en août 1881. و قد شرح فيه أن عوامل الحرق كانت متعددة إنسانية و طبيعية و آلية، و كحالة استثنائية يوجد نوعاً من الأشجار (المرخ و العفار) يحتكان بشدة ليوقدا نار مع أنهما أخضران، و أورد ما ذكر في القرآن الكريم من حقيقة هذا الأمر في قوله تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ﴾ (سورة يس، الآية 80). كما أورد مثلا من جريدة معاصرة (مقالة عن مشكلة حرق الغابة في كاليفورنيا).

- كتيب بعنوان: "Renseignements pour le gouvernement glorieux sur divers intérêts de la population musulmane en Algérie"، طبعته مطبعة (ADOLPHE BRAHAM) بقُسَنْطينة سنة 1889 م في 500 نسخة. به 11 صفحة تضمنت ترجمة ميرسييه لنص عريضة كتبها (ترجمة في 23 نوفمبر 1889 م)، و قدم فيها توضيحات و تفسيرات اكتسبها من خبرته في القضاء ومن الشريعة الإسلامية التي مارسها، في خمس ملاحظات حول النقاط التي هي محل خلاف و جدال.

المصدر: المكّيّ بن بَاديس: تَقرير الأحكَام الشّرعيَّة التي تُنَاسِبُ لُصُوصَ البَوَادِي في الأوطَانِ الجَزَائرية، تقديم و تعليق و تحقيق: عبد المالك حداد، الأصالة للنشر و التوزيع، 1914 م.

قراءة 4299 مرات آخر تعديل على الجمعة, 07 تشرين1/أكتوير 2016 07:49

أضف تعليق


كود امني
تحديث