أعيش في منطقة خضراء إمتلأت في السنين الأخيرة بتجمعات سكنية. من نوافذي و شرفتي أري منطقة سكنية بعيدة بعماراتها و بناياتها. و في الصباح الباكر أري نساء متجلببات تخرجن علي الأقدام في البرد و المطر و الحر، لتمشين مسافات طويلة قبل بلوغ محطة حافلات، لتركبن متجهات للعمل، بحثا عن سد رمقهن.
ثم تعدن في المساء في البرد و الحر و المطر و تقطعن مسافات أطول للوصول إلي شققهن.
و في كل مرة كنت أتساءل أنا المحظوظة التي تصبح هانئة، مطمئنة في بيتها أتناول فطور الصباح و أنا ألاعب قطتي و استنشق أزهار الحديقة و اٌقرأ أخبار العالم إلكترونيا، أقول، أتساءل بحرقة :
أين هم رجال هؤلاء النسوة ؟ كيف يطاوعهم قلبهم لترك نساءهم يعانين هذه المعاناة الكبيرة للبحث عن الرزق التي هي من مهام رجال العائلة و ليست مهمة مخلوق لطيف مثل إمرأة متجلببة.
يا إلهي ما بهم ذكور هذه الأمة ؟
هل زالت الرجولة...؟
هل إنمحت القوامة ؟
في كل مرة تظهر أولئك النسوة في البعيد، البعيد، أرثي لحالهن. متعبات، مجهدات، تعدن ببضع دنانير و هل تلك الدنانير تعوضهن الأمان المفقود و الرجولة المنعدمة و الشعور بالمسؤولية الغائبة ؟
أبدا...
أجلس لأضبط برنامج عملي في البيت، ليومي الجديد و لساني يلهج بالحمد و الشكر أنني لم أعمل أبدا في حياتي خارج البيت و أعيش في الكفاف سعيدة بما أعطاني الرب تعالي...
حمدا و شكرا لك يا رب العالمين...