أثبت النظام السياسي الأمريكي إفلاسه من عقود، فالديمقراطية الأمريكية تخدم في المقام الأول و الأخير صاحب الرأس المال و لا يعقل أن تتدخل الإدارة الأمريكية في أي بقعة من العالم دون أطماع. فكما تدعي حماية مصالحها و الذي كلفنا جميعا سلامنا إستقرارنا و إزدهارنا، نراها تقرر بأنه لا يجوز للصين و إيران أن يطورا نظام إرسال أقمار صناعية ! و ها أن مجلس الشيوخ يسن قرار بعدم العودة إلي حدود فلسطين 67 ! هذا القرار الأخير مفرح فهذا يعني أن العودة ستكون إلي كامل أراضي فلسطين التاريخية و إن لم يوافق عليها طبعا مجلس الشيوخ و غرفة النواب الأمريكيين.
متي سيفهم الساسة في واشنطن أن عهد طغيانهم قد ولي إلي غير رجعة و إن كان لديهم عملاء في المنطقة فأيامهم محسوبة و أما الإستعمار الجديد الذي تتحدث عنه السيدة كلينتون في إفريقيا فقد جسدته بإمتياز رهيب، إدارتها.
نحن لا نريد الإستعمار الجديد و لا القديم و علمتنا ثورات هذا العام المنقضي أن عمر الظلم قصير مهما تجبر و آن الآوان للنظام السياسي الأمريكي أن يعتني بالوضع الداخلي و ما يجري علي حدوده مع أمريكا الوسطي و الجنوبية من تحولات كبري.
مطامع أمريكا لا تنتهي، فهم يواجهون أزمات متعددة و متداخلة و إقتصادهم عاجز عن إستيعاب نسبة التضخم و المديونية، و يريدون لنا عبر الصندوق الدولي أن نعمل بوصفاتهم التي لم تنجح في عقر دارها ؟
من شهور كنت أقرأ تحليلا مفيدا حول فوز اليسار في البيرو عبر مرشح الرئاسة هولاند، و كان قد تعرض الصحافي الغربي للمشاكل الإقتصادية للبلد و التي تعبر عن إرث الشركات العابرة للقارات الأمريكية في قارة أمريكا الجنوبية، هل نحن بدورنا محكوم علينا أن نبقي مخابر، تجرب فينا نظريات بالية ؟
ألم يحن وقت أن نختط مصيرنا بعيدا عن وصاية و النصائح المسمومة لواشنطن و نظراءها ؟
تتراكم علي كاهل المواطن الأمريكي إستحقاقات كثيرة، كيف يخلص نفسه و عائلته من دورة إقتصادية تعرف إنكماش كبير و تباطيء في سرعة النمو ؟ من جهة القروض و من جهة أخري فوائدها المهلكة و في طرف آخر الضرائب و غياب الضمان الإجتماعي ؟
أي حياة يعيشها المواطن الأمريكي، كما كتبت من شهور في مدونتي"سيأتي الدور علي أمريكا في الثورات الشعبية." و ها أنه بدأ بإحتلال مواطنين أمريكيين من مشارب مختلفة شارع وول ستريت و في هذا الفعل الرمزي جدا نقرأ رغبة حقيقية لدي 99% من الشعب الأمريكي في التحرر من الوصاية اللاأخلاقية للبنوك و رجال الأعمال و الشركات الأخطبوطية.
فالإستمرارية التي تتزعمها واشنطن ترتكز علي حلول مصطنعة، فكل ما تراعيه مصالحها و أي مصالح في الحقيقة إن لم تكن مكاسب غير شرعية لفئة قليلة غنية و أما التوافق العالمي و مصالح الشعوب فلا وجود لها في قاموس السياسيين الأمريكيين. إذا ما السياسي الأمريكي يراعي مصالح مجموعات نافذة ليعاد إنتخابه، فكيف بمواطنيه البسطاء و مواطني العالم ؟
علمتنا الإدارة الأمريكية سياسة الغطرسة و التعالي و الإقصاء، فهي من تحدد المعايير و المواصفات التي تجعل من طرف ما مقبول أم لا، فأي قهر هذا ؟
لا نريد دروسا من واشنطن، سئمنا الخطاب الهلامي للإدارة الأمريكية، فهي لم تعد رقم واحد، و هناك من الدول و من الشعوب من قرروا أخذ زمام المبادرة من فنزويلا إلي الهند إلي أندونيسيا إلي روسيا و الصين، بدأ بالشعب الأمريكي نفسه. فتقرير المصير حق وارد في كل المواثيق الإلهية و الوضعية و ليست الدولة الأمريكية من تقرر من يستحق الحرية و من لا يستحقها !