كل نظرة إلى النافذة كانت هروب، مأساة الحياة هي ما يموت داخل المرء اثناء حياته، يموت الشغف و يحيا حب الذات أواه، يا لها من مشقة!!
لا تستغربوا كيف للمرء أنّ يجد لنفسه العذر بكل سهولة، دون التفكير بالسبب الأساسي في كل ما تصرفاته و كل ما حدث و سيحدث!
عادةً المُؤذي لا يرى أنّه مُؤذٍ، بل قد تلاحظ من أفعاله ما يبرر أنك كنت تستحق ذلك!!
و لن يلاحظ أنه أساء لك، لكنه سيلاحظ أنك تغيرت و أصبحت حادّ الطباع، و حسّاس! هذا البُهتان يجعل الحياة معه مستحيلة!
من المذهل تصوّر كمية الأشياء التي قد أرغم نفسِي على المرور بها فقط كي أقنع نفسي بأن ما أراه و ما يحدث محض تجربة، و أن هناك حسن نية من الآخرين، و أني المخطئ في فهمهم.
لا أخفي عليكم، منذ طفولتي و أنا أتخيّل أنّ الأرواح كلها وردية زاهية الألوان! كنتُ أرى الأرواح واسعةً مثل السماء، باردةً مثل البحر، هادئةً مثل الفجر، كنت طفلًا لا يعلمُ كيف تبدو الكدمات؟! كبرت و عرفت أن إغماض العينين و إطلاق الخيال في الأحلام لن يغير شيء، لا شيء سيختفي بمجرد أنك لا تريد أن تراه.
تأسرني الوسامة العقلية دائمًا.. لطالما أسرتني، لا أمَلُّ من الكلام و لا أنفر من النقاش مع أولئك الذين يتجاذبون أطراف الحديث من سياسة لفنّ إلى دين وحياة عامة، لكنني أغادر القصص الواهية، و اتبع مبدأ "الأبطال لا يهربون، بل يغادرون القصص الواهية".
أنحني احتراما لأصحاب العقول المتفتحة، و الآفاق المّمتدة؛ الذين أقول لهم الحديث فيكملونه، أبدأ الشطر فيتممونه! أعرضُ عليهم الفكرة فيأتون لي بمثلها و أفضل منها؛ فلا مهنئ لعقلٍ إلا في عقلٍ يشاكله، فيفهمُه، و يتفهَّمُه..
ففي نهاية الرّحلة الغريبة، سنخرج ببعض الدّروس، و بعض الجروح، و الكثير الكثير الكثير من الجلد السّميك.