قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 09 تموز/يوليو 2014 08:46

إلقاء الحجارة في الضفة الغربية

كتبه  الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من المقولات التي لا يمكن للعدو الصهيوني مواجهتها مقولة العربي أو الفلسطيني. فاعترافه بوجود العربي هو اعتراف ضمني يكذب أيديولوجيته من أساسها و لذا نجد الصهاينة يبذلون قصارى جهدهم في أن يزيلوا الوجود الفلسطيني تماماً لا من الوجود و حسب، و إنما من وجدانهم و وجدان الآخرين.

و يتبع الصهاينة. مناهج عديدة للوصول لهذا الهدف. فيسمون العربي بأنه متخلف (و بالتالي لا حقوق له)، أو أنه لا هوية محددة له (و بالتالي يمكن توطينه في أي مكان) أو أنه لا وجود له (و لذا قالوا عن فلسطين الآهلة بالسكان و التي كانت تعد من أزحم بقاع العالم: أرض بلا شعب، أي أرض خالية).

و كل هذه المناهج كانت تصلح للتعامل مع الفلسطينيين عن بعد، و لكن بعد حرب 1967 اختلت الأمور، و كان علي العدو الإسرائيلي أن يتعامل مع الفلسطينيين، و كان عليه أن يقاتل ضدهم و أن يحاول التصدي لمظاهراتهم و أن يهرب من رصاصاتهم، و أصبح من الصعب عليه أن ينادي بأنهم لا وجود لهم، و إلا بما يفسر تلك القلاقل التي يثيرها هذا العربي الغائب، و لذا لجا العدو، شأنه شأن كل المستعمرين، إلى تقسيم الفلسطينيين إلى أقلية مناضلة "سريرة" يسميها بالإرهابيين أو المتسللين أو المتشردين أو أتباع المنظمة (و لا يسمونهم قط بالفدائيين أو المدافعين عن الحرية) و أغلبية طيبة خيرة طيعة مستسلمة تستمع إلى أوامره و تنصاع لها. و يجب أن تنتبه إلى أن مثل هذه التقسيمات الساذجة بل و الواضحة البلاهة ليست من قبيل التدليس على الآخرين و حسب ول ا من قبيل خداع الرأي العام العالمي، بل هي قناعة إسرائيلية حقيقية، تحدد سلوك العدو و تفسر العديد من برامجه الفاشلة. و يظهر في الصحف الإسرائيلية من آونة لأخرى أنباء توحي بأنه "تم أخيرا السيطرة على الموقف سيطرة تامة" أو "أن المقاومة قد اجتثت  تماما من جذورها" أو أن "أهل الضفة قد بدأوا يظهرون الثقة في القيادة الإسرائيلية الحكيمة الرشيدة" و قد امتلأت الصحف الإسرائيلية بأنباء عن نجاح غزو لبنان و عن أن القوات الإسرائيلية قد حققت ما تصبو إليه (و هم يسمون غزو لبنان "عملية سلام الجليل" ، و هكذا يصبح الفلسطيني الذي يدافع عن حقه إرهابيا، و الصهيوني الذي يستولي على أرض الآخرين مدافعا عن السلام).

و من أطرف الأمثلة على هذا الاتجاه التصريح الذي أدلى به الجنرال بنيامين بن اليعازر (الذي يشغل وظيفة "منظم الأنشطة في يهودا السامرة، أي الضفة الغربية) (الجيروساليم بوست 4 نوفمبر 1983) بأنه لاحظ أخيرا علامات و قرائن على ما سماه اتجاها مترددا أو حذرا نحو البرجمانية بين عرب الضفة و القطاع.

و البراجمانية تعني في نهاية الأمر التكيف مع الأمر الواقع و تقبله، و الأمر الواقع هو القهر الإسرائيلي. و كي يرتدي مسوح الموضوعية قال الجنرال الصهيوني أن الوضع الآن مختلف عما كان عليه بين عامي 1978 و 1981 (حينما كان يشغل منصب الحاكم العسكري في الضفة الغربية).

و قد حاول الجنرال تفسير التغير الذي حدث بأنه يعود إلى هزيمة المنظمة في بيروت و انقسامها في طرابلس و إلى انشغال الدول العربية كل بمشاكلها و مصالحها. ثم أضاف أن 55% من كل الفلسطينيين في المناطق المحتلة وُلدوا بعد 1967 ول ا يعرفون الأردن و رمزهم الأساسي هو منظمة التحرير، و 40% منهم يذهب للمدارس و الجامعات و قد سألته الجريدة كيف ينوي أن يكسب قلوب هؤلاء الشبان المرتبطين بالمنظمة, فكان رده متواضعا إذ قال إنه لن يحاول بطبيعة الحال أن يحولهم إلى مؤيدين للصهيونية و إنما سيساعدهم على حل مشاكلهم المحلية بأن ينشئ عددا أكبر من البنوك و أن يؤسس شركة استثمارية و لا داعي للحديث عن القضايا السياسية العريضة!

و هكذا ستحل إسرائيل المسالة الفلسطينية بتحويل انتباه الشباب الفلسطيني إلى أمور المال و الدنيا بدلا من قضايا الوطن و الأرض.

و لا يعدم الصهاينة أن يجدوا من يتعاون معهم و يؤازرهم و يقدم لهم العون و النصح و الاستشارة.

فالولايات المتحدة الأمريكية التي تود التوصل إلى حل سريع و دائم وشامل للمشكلة الفلسطينية عن طريق تقوية قبضة الاحتلال الإسرائيلي و عن طريق فرض الكيان الصهيوني كأمر نهائي وجدت أن من الضروري مد يد المساعدة للجنرال بنيامين بن اليعازر و لذا تمت دعوته لزيارة الولايات المتحدة ليجتمع مع وزير الخارجية الأمريكية و كبار موظفي الوزارة ليبحث معهم عن كيفية تحسين مستوى معيشة العرب في الأراضي المحتلة (أي مزيد من البنوك) و كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساهم في التخفيف من حدة بعض جوانب الاحتلال الإسرائيلي عن طريق المساعدات الفنية و التنموية. (و تأتي زيارة بن اليعازر ردا على زيارة وفد أمريكي رسمي قام بزيارة الضفة الغربية و بدراسة المشاكل التي يواجهها الاحتلال الإسرائيلي هناك) (الجيروساليم بوست 1 ديسمبر 1983)  و توجد عناصر أخرى من الفلسطينيين العرب تساند هذه المحاولات البرجمانية و لا تشغل بالها بمشاكل الوطن أو الأرض، و هذه العناصر ممثله فيما كان يسمى بروابط القرى، التي أصيبت بالسكتة القلبية أو ماتت دون أن يرثيها أحد (لا العدو و لا الحبيب).

و لكن بعد مرور عشرة أيام و حسب من تصريحات الجنرال المتفائلة، وجد نفسه يحضر اجتماعا مع وزير الدفاع لمناقشة أعمال الشغب و الفوضى بالضفة الغربية، و قد صرح لـ معاريف (14 نوفمبر 1983) أن الحكومة لن تسمح بتدهور الأحوال (و هو الذي كان يتحدث عن التحسن الملحوظ) و قد انذر الجنرال أنه سيضع حدا لظاهرة إلقاء الحجارة ثم أضاف قائلا: و لكن هذا لن يتم إلا حسب معايير الدولة الصهيونية جيش الدفاع الإسرائيلي (و هذه المعايير المتحضرة لا تستبعد سد مداخل مخيمات اللاجئين أو أنشاء أسوار عالية مثل أسوار السجون و حول مباني المدارس، أو فرض ساعات طويلة من حظر التجول) ولكن حسب ما جاء في الجيروساليم بوست، باءت كل هذه المحاولات بالفشل و لم يظهر الفلسطينيون الذين وُلدوا في الأرض المحتلة، أي استعداد لتقبل الكيان الصهيوني و لعل الجنرال المتفائل قد قرأ هذه الافتتاحية التي اقتبسنا منها هذه المعلومة عن شباب الأرض المحتلة، خاصة و أنهم هم محط أمله و مصدر تفاؤله!

و بعد مرور أسبوعين و حسب من تصريحات الجنرال المتفائل كان جنرال آخر هو شلومو اليا، رئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية، يقوم بافتتاح مبني البلدية الجديد في أحدي مدن الضفة ، و قد اصطحبه في هذه الزيارة مصطفي دودين مؤسس روابط القرى. و لكن الجماهير الفلسطينية العنيدة لم تبد أي برجمانية أو اعتدال، لم تقابل أبطال البنوك و الاستثمارات و القضايا المحلية بالزهور و إنما بالحجارة (الجيروساليم بوست 16 نوفمبر 1983). و قد اندلعت الاضطرابات في نفس اليوم في مدينة نابلس و أحاطت الجماهير الغاضبة بسائق تاكسي إسرائيلي و ألقت عليه الحجارة مما أضطره إلى إطلاق النار عليهم، و ألقى البوليس القبض على ثلاثة طلاب من جامعة النجاح.

و يبدو أن إلقاء الحجارة أصبح سلاحا أساسيا في يد الجماهير العزل من السلاح في الضفة الغربية. و لكن يجب أن تدري مدى أهميته في الحرب ضد المستعمر الاستيطاني الإحلالي  فهذا المستعمر لا يود استغلالنا أو استغلال مواردنا الطبيعية و حسب (كما كان الحال مع الاستعمار الإنجليزي في مصر) و إنما يود استلاب الأرض و العيش فيها ينعم براحة البال و الهدوء، كما أنه يود أن يسلبنا أسباب الحياة و الاستمرار حتى نرحل عن الأرض ليحل محلنا فيها. و كما قلنا من قبل يتميز المستوطنون الصهاينة الجدد بأنهم أساسا من المرتزقة، الذين استوطنوا الضفة الغربية لأغراض اقتصادية نفعية و لذا بالمنظمة الصهيونية تدفع لهم الرشاوي الباهظة على هيئة منازل مريحة و طرق معبده خصيصا لهم و مدارس لأطفالهم حتى ينعموا بالعيش في هواء أرض الميعاد المكيف! و لذا فكل ما ينغص عليهم حياتهم هو في نهايته إحباط للمخطط الصهيوني. و بالفعل يبدو أن هذا السلاح، رغم ضعفه و بدائيته، قد أصبح سلاحا فعالا، و لذا نجد أن المحاكم الإسرائيلية قد حكمت على شاب عمره 17 عاما بالسجن لمدة ستة شهور و بالغرامة 30 ألف شيكل لإلقائه بالحجارة على الصهاينة (الجيروساليم بوست 22 نوفمبر 1983) (بل و يطالب ممثلو المستوطنين الصهاينة  بتوقيع عقوبة السجن لمدة 25 عاما لمن يقذف الحجارة، و ذلك في اجتماع حضره وزير الخزانة كوهين/ اورجاد (الذي يعيش في منزل فاخر في الضفة الغربية) و الوزير تسيبوري و الوزيرة سارة دورون. و قد قال ممثلو المستوطنات أن منظمة التحرير الفلسطينية لها أذرع ممتدة في الأراضي المحتلة تتلقي التعليمات من وراء الحدود بل و يطالب المستوطنون كذلك بتوقيع عقوبة الطرد على من يلقي بالحجارة (عل همشمار 14 ديسمبر1983). و في اجتماع سابق ناقش المستوطنون الطرق اللازم اتخاذها للقضاء على ظاهرة إلقاء الحجارة و طالبوا بتدخل الجيش و قد قام المستوطنون بمظاهرة احتجاج قادها الحاخام موشيه ليفنجر (أحد زعماء الجوش ايمونيم) لإظهار استيائهم. كما اقتحمت جماعة أخرى من المستوطنين أحدى المدارس العربية و انذروا الناظر بتوقيع العقوبات عليه أن قام أي من تلاميذ مدرسته بإلقاء الحجارة (الجيروساليم بوست  22 نوفمبر 1983) بل أن بعض المستوطنين اقتحم إحدى المدارس بعد أن ألقت طفلة لا تتعدى العاشرة الحجارة عليهم. و تصل المأساة/ الملهاة ذورتها حينما نجد رئيس وزراء الكيان الصهيوني (الجيروساليم بوست في 24 يناير 1984) و قد اجتمع مع عضوي الكنيست من كتلة هتحيا  ليخبرهما أن إلقاء الحجارة من أسباب قلقه العميق و يعد بأنه سيدرس القضية شخصياً كما قال أنه يجب اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف هذه المضايقات خاصة على الطرق السريعة و قد أدلى بتصريحات مماثلة !

و هكذا يمكن القول أن تفاؤل الجنرال بن اليعازر كان من قبيل تهدئة الذات، و أن العدو الإسرائيلي قادر على خداع نفسه. بل أن خداعه لنفسه ضرورة لبقائه. و لذلك علينا إلا نقنع باقتباس ما يقول و كأنه الحقيقة وعلينا ألا نخاف من مخططاته لأنها هي الأخرى قد تكون من قبيل خداع الذات. هذا لا يعني بطبيعة الحال أن العدو لا يردد سوى الأكاذيب، و لكنه يعني إلا نندفع لتصديق كل ما يقول، و أن نحكم على كلماته بمحك الواقع.

و الله أعلم. 


الرابط:

http://www.elmessiri.com/articles_view.php?id=53


*
 هذا المقال نشر بـ جريدة الرياض بالمملكة العربية السعودية 24 فبراير  1984 م  الموافق 23 جمادى الأولى 1404 هـ في العدد 5724 السنة العشرون.

قراءة 1692 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 21 تموز/يوليو 2015 16:01

أضف تعليق


كود امني
تحديث