قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 14 نيسان/أبريل 2024 08:24

عاقبوهم بالقراءة !

كتبه  الأستاذ عماد سعد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قرأت أن المربين و علماء النفس يتفقون على ضرورة العقاب للطفل لتربيته و حمله على جميل الخصال  دفعه عن شينها، غير أنهم يختلفون في نوع العقاب و درجته و السن التي يبدأ فيها و ينتهي، تذكرت هذا و أنا أودع صديقا عزيزا جمعني به حب القراءة بمعرض الكتاب من أيام خلت.

 فقد التقيت على غير ميعاد ـ و أنا أجوب أجنحة المعرض ـ بصديق قديم غيّبه الدهر بسبب عمله، و بإحدى المقاهي هناك جلسنا حول مائدة الذكريات، و رحنا نسترجع أيام الجامعة، إلى أن سألته: هل ما تزال على شغفك بالمطالعة ؟(فقال - و هو يستغرب سؤالي- : أتمزح ! إن المطالعة بالنسبة لي كالهواء! فلا يشغلني عنها شاغل، فقد جعلت لها ساعة من وقتي كالموعد المضروب، لذا لم أفوّت طبعة من معرض الكتاب...و قد جاوزت الألف عنوان بين قراءة و تلخيص، و لا أشعر أني بلغت الغاية....قلت أعرف غيرك - و أنا منهم - يحبون المطالعة غير أن هموم العمل و مشاغل الأسرة و حقوق الأصدقاء حرمتهم تلك النعمة..فقاطعني:هي معوقات عند من يجعلها كذلك.

قلت : ماذا تعني ؟ قال :إن القراءة عند هؤلاء ليست أولوية، بل هي مجرد ترف أو هواية متى سمح الوقت، فكما تعلم فالإنسان يسير في الحياة وفق أولويات لديه، البعض مدرك لها و يتحينها بين الفينة و الأخرى بالتقديم و التأخير و الحذف و الإضافة، و البعض يعلم بعضها و يجهل أكثرها، فيما يخضع آخرون ترتبيها للمصالح و الانفعالات اللحظية، و آخرون يعيشون هملا بلا أولويات...فلو نظرت سلّم أولويات المتحجّجين بضيق الوقت لوجدت القراءة لديهم في آخر الترتيب هذا إن وجدت أصلا !....أما بالنسبة لي فهي تماثل أهمية الأكل و الشرب و النوم، بل إني أحيانا أضحي بهذه لأجلها !

قلت : ما السرّ الذي جعلها كذلك عندك خاصة في هذا الزمن المتسارع و المشحون بالملهيات و أنت بعدُ شابّ ؟ قال : إن الفضل في ذلك يعود لوالدي حفظه الله. قلت : نِعم الأب و نعمت العادة الحميدة التي أكسبك. قال و ابتسامة تعلو محياه : هل تصدق لو قلت لك إنها كانت عقوبة ! واصل و هو  يرى علامات الاستغراب على وجهي : لقد كان – أحسن الله إليه – إذا عاقبني أو أحد إخوتي يغلق علينا في مكتبته الصغيرة بعد أن يختار لنا كتابا و يأمرنا بقراءته و تلخيصه مدة ساعة أو ساعتين حسب جهدنا، يعقبه امتحان عن ذاك الكتاب حتى لا نغش .. طبعا لأني كنت أكبر إخوتي فقد كانوا يطلبون إلي الاحتفاظ بتلخيصاتي حتى يلجؤوا إليها عند معاقبتهم، لقد فاتهم الكثير جراء ذلك -يبتسم ثم يكمل – طبعا لم تعد تلك العقوبة ذات جدوى بعدها ؛ فقد أصبحت مدمنا على المطالعة....و إني ممتن له بكل ما تعلمت، لقد أكسبني ميراثا لا تعادله كنوز الأرض. فعنه ورثت احترام الكتاب و هو يردّد على مسامعي :" يا بني لا تجعل الكتاب بوقا و لا صندوقا". بوقا بطيه في شكل بوق، و صندوقا بوضع الأوراق أو الأشياء بين صفحاته، و من حِكمه التي أتمثلها في حياتي "لا تجعل لسانك بوقا لما يقال، و لا عقلك صندوقا لكل مقال")اهـ.

العجيب أن تراثنا من أكثر تراث الأمم احتفاءً بالعلم و القراءة، و نفاخر الأمم بأننا أمة "إقرأ" و أنها أول كلمة نزلت من كتابها، حتى أننا في عُرفنا نطلق لفظ "القراية" على عملية التعليم، لكن للأسف نحن أجهلها لأن أمة "إقرأ لم تعد تقرأ"....إن الكلام عن أهمية القراءة للأفراد و الشعوب يحتاج بسطه إلى صفحات، و من أجمع ما قرأت في أهميتها: " شعب يقرأ شعب لا يجوع و لا يستعبد " فلن تجد الجوع أو الاستعباد إلا لدى الشعوب الجاهلة، كما قال عبد الرحمن منيف رحمه الله:"الجهل هو دائما الوجه الآخر للعبودية"،حتى أن الشعوب المتعلمة التي يقع بها شيء من "الجوع " أو "الاستعباد " ما تلبث أن تنهض و تستعيد زمام أمرها، و خير مثال هو اليابان و ألمانيا ،فإن الحرب العالمية الثانية قد دمّرت فيهما البنى التحتية و الفوقية و كبلتهما بشتى القيود، و مع ذلك نراهما اليوم تتصدران دول العالم في شتى المجالات في التكنولوجيا و الاقتصاد و التجارة.... و سر ذلك في رأيي هو أن الإنسان المتعلّم لديهما بقي شاعرا بقيمته و واعيا بدوره،لأنه يحمل قناعاته و علومه في صدره، فقام متحديا مستعمره تدفعه رغبة الانتقام من مذلّه، و هو ما يفتقده الفرد المسلم في هذا العصر للأسف، عكس أسلافه الذين كانوا أميين و بفضل روح الرسالة قاموا إلى تعليم الدنيا، فقال ربعي بن عامر رضي الله عنه على لسانهم - و هو يجيب أحد قادة الفرس الذي سأله عن سر خروج العرب من صحرائهم بعد أن كانوا يقتتلون لأتفه الأسباب ...- قال:" جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، و من جور الأديان إلى عدل الإسلام، و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة" إنها كلمات تلخص منهج حياة : من هم و ما رسالتهم و ما سبيل تحقيقها.

قد يقول قائل: هل يلزم أن يكون الشعب كله مثقفا حتى تتطور الأمة ؟ إن التاريخ يجيبنا بأن قادة التغيير و الثورات عبر العصور لم يتعدوا 02 % فقط من جموع كل أمة، سواء كانوا علماء دين أو ساسة أو عسكريين أو....يكفي أن يكونوا في الحد الأدنى قادة مثقفين، يقول وزير الدعايةالنازي "جوبلز  "الذي كان القائد الإعلامي للروحالمعنويةالتىوقفتخلفانتصاراتألمانيا طيلة ثلاث سنوات في الح ع 2، يقول:"كلماسمعتكلمةمثقف ..تحسستمسدسي"، لإدراكه مدىخطورةالدورالذىيمكنأنيلعبهالمثقفونفىصنع وتوجيهالرأىالعام الذي يصنع التغيير، فأصعب شيء هو تغيير الشعوب ؛ أما تغيير الحكومات و الأوضاع فإنه يقع تلقائيا عندما تقرر الشعوب ذلك.

و كما قال الأديب ميخائيل نعيمة:"عندما تصبح المكتبة في البيت ضرورةكالطاولة و السرير و الكرسي و المطبخ عندئذٍ يمكن القولأننا أصبحنا قوماً متحضرين"، فالأكيد أنه لن تقوم لنا قائمة بين الأمم دون العلم الديني الذي يميزنا عن سائرها، و العلم الدنيوي الذي يلحقنا بمتقدميها، و الأكيد أن العلم سبيله الأقوى و طريقه الأقوم هو القراءة، و أننا لن ننهض بتراثنا حتى تصبح القراءة بيننا في أهمية الماء و الهواء و من ضرورات البقاء، فهل سنضطر إلى معاقبة هذا الجيل بالقراءة حتى تعود أمة "إقرأ" إلى الريادة و السيادة ؟

قراءة 99 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2024 08:09

أضف تعليق


كود امني
تحديث