قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 04 تشرين2/نوفمبر 2014 16:38

هل ما زال الشباب يستمع إلينا؟

كتبه  الأستاذ عبد العزيز كحيل
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لا تتوقَّف قرائح العلماء و المفكرين و المربِّين عن الجود بالأفكار و البرامج و التحليلات النفسية و الاجتماعية التي تتناول الشباب و تخاطبه لترشيد مسيرته، خاصةً في ظلِّ العولمة الطاغية التي تهدِّد الدين و القيم و الأخلاق و الذات المستقلة، لكن لنا أن نتساءل: هل ما زال الشباب يستمع إلى الخطاب الترشيدي، و يُصغي إلى الدارسين و المنظِّرِين؟

المشكلة قائمة بذاتها بسبب طُوفان التغييرات الثقافية و الاجتماعية، التي كثيرًا ما لا نملك لها حماية صُلبة من ذاتنا سوى بقية من خطاب ديني قويٍّ في جوهره، لكن يحدث أن يقلَّ تأثيره، و تتجاوزه أدوات العولمة و أساليبها، فما العمل إذًا و الشباب مورد لا يمكن تجاهل أهميته و خطره، و لا يمكن تناسي موضوعه؟ هل من فائدة في إضافات تنظيرية تشكِّل تراكمًا معرفيًّا ضخمًا إذا كان الذين نتناولهم بالدراسة و نتفنَّن في مخاطبتهم لا يلتفتون إليها؛ لانشغالهم بخطاب آخر يشكِّلُ - في شعورهم أو لاشُعُورِهم - المرجعَ الأقوى في بريقه و تأثيره؛ لأنه سهل المنال، لا يرهقهم بتكاليفَ ذهنيةٍ أو سلوكية، بل يقرِّب إليهم الأحلام، و ينقلهم من عالم الأفكار و ما تقتضيه من كدٍّ و مكابدة إلى ساحات الاستهلاك المادي و النفسي بلا ضوابط و لا حدود؟ إذا استثنينا القلَّة الملتزمة بدينها و هُويَّتها و شخصيتها، على بصيرة، بفضل انخراطها في محاضن التربية و دروب الدعوة، فإنَّ الأغلبية الساحقة الواقعة تحت ضغط الإرهاق من تأثيرات العولمة بعيدًا عن أجواء الشريعة و الأخلاق، أصبحت يستهويها التمرُّد على الأمة و التراث و المجتمع، تتموقع في مربَّع التحدِّي و المعاكسة، و هي تظنُّ أن ذلك هو ثمن إثبات الذات و الخروج من التخلُّف و الرتابة، و عربون الانطلاق نحو الرقِيِّ و التقدم و نبض الحياة المزدهرة، كيف نحدِّث هؤلاء عن الشباب محرِّكِ الدنيا و مسعرِ الجهادِ و مشيِّدِ الحياة في سبيل الله؟

كيف نحدِّثهم عن القُدُوات الكبرى في تاريخ الأمة الممتدِّ من أنبياء و صحابةٍ و رموزٍ خالدةٍ في ميادين العلم و الجهاد و الإصلاح، و قد صنعت لهم السينما و الأدب الغربي و التغريبي قُدُواتٍ تتجاوز في تأثيرها إبراهيمَ عليه السلام الفتى الثائرَ على الشرك، و إسماعيلَ عليه السلام الشابَّ الذي رضي بالتضحية بنفسه امتثالاً لأمر الله، و أصحابَ الكهفِ الذين فضَّلوا حياةَ العزلة على الذوبان في المجتمع الجاهلي، و رموزَ البطولةِ و العطاء اللافت؛ أمثال: أسامة بن زيد، و القاسم بن محمد الثقفي، و محمد الفاتح، و صِنْو هؤلاء من النساء الفاضلات اللائي تركْنَ بصماتهن في دنيا المسلمين و البشرية كلِّها، لقد أصبح للشباب - رغم إسلامهم و عروبتهم - نماذجُ عاليةٌ أخرى من الممثِّلين و اللاعبين و الفكاهيِّين الذين يمثِّلون في نظرهم النجاحَ و البروز بالإضافة إلى المعاصرة، و يرمزون إلى السعادة؛ أي: إلى السهولة في نيل الشهرة و المادة بغير كدٍّ و لا طول انتظار؛ إذ تكفي أغنيةٌ تروِّجُ لها الأوساطُ الفنية، أو هدف يسجِّلُه لاعبٌ مغمورٌ ليحظى بالأضواء الإعلامية تُسَلَّط عليه، و الأموال تُصبُّ عليه صبًّا، و الدنيا تتبرَّج له بكل زينتها، بينما يعرف هو شخصيًّا أساتذةً جامعيين، و باحثين و علماء دين، لا يملكون سكنًا و لا سيارةً و لا دخلاً كافيًا، و هذا يكفي الشباب لاختيار موقعه الاجتماعي؛ إذ أصبح من المعلوم في الساحة العربية أنَّ طلبَ المعارف بالمعنى العلمي و الأكاديمي فَقَدَ وزنَه عند أكثر الطلبة، و حلَّ محلَّه - في أحسن الأحوال - الحصولُ على الشهادة، و لو بلا رصيد علمي محترم، و قد رصد المراقبون في الجزائر - على سبيل المثال - أن الجهة الأكثر استقطابًا للمسَجَّلين الجدد في الجامعة هي معهد تكوين الرياضيين؛ لأنه يجمع بين سهولة الدراسة و ضمان المستقبل، بخلاف كليات الطبِّ و الهندسة، فضلاً عن العلوم الإنسانية.

الشباب يعرف كلَّ هذا، لكنه في الغالب لا يعبأ لا بالمشكلة و لا بالحلِّ؛ لأنه - كما ذكرنا - حسَمَ اختيارَه، و انحاز للطريق السهل الذي يجنِّبه الكَدَّ، و ترك الكلام عن الأمة و العلم و المستقبل و التحديات للمُنَظِّرين الذين لا يَقرأُ ما يكتبون و لا يُصغِي إلى ما يقولون، لذلك تراكمت أزمات الْهُوية و الفراغ الروحي و الانحراف السلوكي و السلبية و التراجع المعرفي و فقدان المناعة الحضارية و غيرها، بل صارت رقعتها تتَّسع باطِّرادٍ حتى مسَّت الفضاء الديني ذاته، و ألقت عليه بظلال التديُّن العاطفي غير المنضبط و الغلوِّ في الفَهم و التطبيق و الانسحابية، و الاغتراب الزماني في مواجهة العولمة، و الضجر من معاناة إنضاج الأفكار و العواطف، و معاناة مكابدة الواقع السياسي، و الصبر على مكاره طريق الإصلاح و توضيح معالمه و تنفيذ خططه، و إن المرء لَيَجِدُ في مواطن اللغو و اللهو و في مواقع التطرف أضعافَ ما يجد في مظانِّ العلم و البحث و العمل الدائم من الشباب؛ لأن الأغلبية لم تصمد أمام مفاتن التهوُّر و الاستعجال و الغثائية.

هذا هو الواقع الذي يعرفه كلُّ واحد، و لا يجدي معه التمويه، و إذا كان - و لا بدَّ - من ظرف مخفف، فهو ما نشأ عليه شبابنا من بيئة موبوءة على أكثرَ من صعيد في ظلِّ الغزو الثقافي الذي تساهلت معه الحكومات و شجَّعَتْه النُّخَب العلمانية، و استهلكته البيوت، حتى إن الروح الأجنبية غزت أكثرها في كلِّ مظاهر الحياة، فأصابت العُجمةُ الألسنَ، و طغت مظاهر التغريب على الأزياء و الأثاث و مواعيد العمل و الراحة و الطعام و حتى التحية المتبادلة بين الناس، و سرى مع كلِّ هذا - و هو أخطر ما في الأمر - سلبياتُ الحضارة الغربية التي غزت العقول و القلوب، و قلبت الموازين، و خدشت الأخلاق، فصنعت في النهاية هذا الشباب الذي نتحدث عنه، و الذي أصبح - من حيث يدري أو لا يدري - يستهلك منتجات الغرب المادية و النفسية بِحُلْوها و مُرِّها و خيرها و شرِّها، ما يُحمد منها و ما يُعاب، تمامًا كما خطَّط دعاة التغريب - و صرَّحوا بذلك - منذ عقود، فأصبحت الانحرافات الجنسية، و الزواج الْمِثْلي و السحاق، تجد رواجًا فكريًّا و اجتماعيًّا في بلادنا، مع أنها عند أية فطرة سليمة من الموبقات التي يتقزز منها الرجال و النساء لبشاعتها و حيوانيَّتها، لكن تتبنَّاها أوساط سياسية و ثقافية بصراحة، باعتبارها من الحريات الشخصية و صميم حقوق الإنسان، في حين يُصنَّفُ الحجابُ و النقاب و اللحية في خانة الخروج عن النسق الاجتماعي، و مقدِّمات التطرف الديني و الإرهاب المترتِّب عليه بالضرورة، و بقي ملاحظةُ تخلِّي الأغلبية الساحقة من المسلمات - في السنوات الأخيرة - عن اللباس الشرعي، و إقبالهنَّ على الحجاب المتبرِّج الذي صمَّمَتْه الأوساط الغربية لإعادتهنَّ إلى الجاهلية الأولى بخمار يغطّي الرأس، و ثياب كاشفة للمفاتن، لا يبقى معها معنًى للحياء و العفَّة وغضِّ بصر الرجال و النساء، و هؤلاء النساء و أزواجهنَّ و أولياؤهنَّ يعرفون الحكم الشرعي للباس المرأة، لكنَّ التغريب غدا أقوى من الثقافة الدينية عند الجميع إلا فئةً موَفَّقَةً تتحدَّى سيلَ العولمة الجرَّارَ بالثبات على المبدأ في وجه التلفزيون و المجلة و الإنترنت.

و قد زاد من تعقيد الموقف سيطرةُ الشيخوخة على مفاصل الحياة في البلاد العربية رغم التمجيد الشفوي للشباب، و الوعود المتتالية بتسليمهم المشعلَ، و إفساح مجال القيادة و التسيير لذوي الكفاءات منهم، لكنَّ شيئًا من ذلك لم يحدث، فكيف لا يديرون بعد ذلك ظهورَهم للشأن العام و معالي الأمور؟ فكيف نقنعهم - عندما نكتب و نحاضر و ننظِّر - بموقعهم من التحدي الحضاري و نحذِّرُهم من التخلُّف عن المنهج الرباني، و من سطوة النزعة المادية، و ندعوهم إلى الالتزام بأحكام الشرع؟ هل يسلِّمون بما نرى فيهم من أمراض فتَّاكة؛ كضعف الفاعلية، و عدم الاكتراث بالوقت، و النزوع إلى السلبية، و الإفراط في الشكليات، و انتهاج الفوضى في كلِّ شؤونهم؟ و إذا سلَّموا بذلك، فهل يثقون بوصفاتنا العلاجية، و نحن و إيَّاهم غارقون في صراع الأجيال؟ ما العمل لتخليص هؤلاء الأبناء من أخلاق المجتمعات المتخلفة، و على رأسها ضعف ثقافة التساؤل، و انعدام القلق الحضاري، و اضطراب منهجية التفكير، و طغيان الانفعال؟ و قبل ذلك، كيف نجعلهم يقتنعون بالمشكلة حتى تتسنَّى معالجتُها؟ هل نبقى نكتب و نخطب و نحاضر رغم إعراضهم أو لامبالاتهم؟ ما جدوى ذلك؟

ليس غرض هذا المقال اقتراحَ الحلول ليبقى الأمر تنظيرًا باردًا، و إنما نريد طرح الأسئلة الوجيهة - كما نظنُّ - ليلتفت المربُّون و المفكِّرون و العلماء و أصحاب القرار إلى أنفسهم و تنظيرهم بالمراجعة و طلب الجدوى؛ لاستدعاء الشباب إليهم كَنِدٍّ ناضج يعطينا الإجابات التي نبحث عنها بعيدًا عنه، و يتبنَّى قضيته و يُكِبُّ عليها بالتناول الجِدِّيِّ، فيجد المجال لطرح الأسئلة الوجيهة و الصعبة و المحرجة، و يقترح الإجابات أو يلتمسها عند أصحاب الاختصاص و التجربة.


                                                                      
http://www.alukah.net

قراءة 4460 مرات آخر تعديل على الأحد, 05 تموز/يوليو 2015 21:32

أضف تعليق


كود امني
تحديث