أرجوك أسرع قبل فوات الأوان ..
إن كنت نائما فاستي ، و إن كنت في عملك فدعه وتعال ، و إن كنت تسمر مع أصحابك ففارقهم و أدركني دون توان ..
يا أبتي هناك من أصابني بسهامه .. هناك من يلعب بعواطفي و يدغدغ مشاعري بكلام لم أسمعه أبدا .. !هناك من أوجد لي ما كنت أرجوه و أطلبه منك و من أمي و إخوتي منذ زمن ..
نعم يا أبي هناك من أمسكني من اليد التي تؤلمني .. !
لا أعلم كيف انسقت إليه .. ؟ أسرتني كلماته التي أحس أنها كالحبل المحيط بعنقي ، و التي أشعر أنها تقودني إلى ما كنت أخشاه و تخشاه أنت من قبلي .. صدقني لا أعلم يا أبي كيف حدث هذا .. ؟
في لحظة فراغ و عبث وبحث طائش عن تغذية عاجلة أروي بها ظمأي و عاطفتي ؛ وقعت من حيث لا أشعر بشاب تقول كلماته أنا من سيروي لك هذا الضمأ ..
أنا من سيوفر لك الحنان و السعادة اللتين ضاق بهما منزلك ، تقول كلماته أنا من سيحترمك و يقدرك و يناديك بأحب الأسماء و الألقاب إليك ، تقول كلماته يا أبتي أشياء كثيرة لم أظن في يوم من الأيام أنني سأسمعها
كانت كلماته يا أبي تحيط بعنقي وتجذبني إليه دون أي مقاومة أو عناء مني .. ! بل لا أكذب إن قلت لك أنني لم أشعر إلا و أنا أجري خلفها بلهف .. !
نعم يا أبي كنت أجري خلفه و أنا على يقين تام بأن هذه الكلمات و إن برقت لي إلا أنها ستقودني إلى ضياع الشرف و العفة و الطهر و كل معان النزاهة التي تنتظرها مني .. !
كنت أعلم ذلك .. لكن نفسي الفقيرة و وجداني الخاوي من عطفك و برد حنانك ؛ هما الذان دفعاني و حثاني على اسراع الخطى خلف ذلك الشاب ( الماكر ) الذي استطاع بذكائه
أن يفعل معي ما لم تفعله أنت و أمي و إخوتي جميعا .. !
بل لا أبالغ إن قلت لك بأنه أشعرني بأنني انسانة من الممكن أن يكون لها احترامها و توقيرها بعد أن كانت قناعتي في ذلك أن البنت مثلي ليس لها كرامة و لا وزن ، و إنما حقها أن تُنهر و تلام و تضطهد تحت وطأت التسلط و السيادة .. !
كنت و أنا أسمع كلمات هذا الشاب - الذي لا أعلم كيف لقيت - استرجع بذاكرتي ما كنت تعاملني به من قسوة مقذعة ليس لها مبرر .. !
كنت أسترجع تحطيمك المتواصل لي بين اخوتي و أخواتي .. ! كنت استرجع ضربك الذي يكون على أتفه الأمور .. !
كنت أسترجع بذاكرتي الأليمة بعدك عني رغم وجودي معك في سكن واحد و تحت سقف واحد .. !
كنت أتذكر و أنا أتذوق كلمات هذا الشاب ما كانت تفعله أمي بي بين زميلاتها و قريباتها ..! من طردي من المكان الذي هم فيه عند وقوعي في أي خطأ أو تأخير في تلبية طلب لها .. !
إي و الله يا أبي كانت كلمات هذا الشاب تنبش جراحي و توهمني بلملمتها من حيث لا أشعر .. !
كل هذا يا أبي أذكره بألم تقرعه كلمات هذا الشاب الذي لا زلت أصر على أنه ماكر يصطاد في الماء العكر ..
حتى أصبحت في صراع معه و مع نفسي و ذاكرتي الحزينة التي تتربع أنت على أكبر سهم فيها .. !
أسرع يا أبتي العزيز و أدركني قبل أن أغرق في مستنقع الرذيلة و أكون بعد ذلك قصة تلاك و تعجن في كل مكان .. !
أشعرني بكياني أرجوك و بوجودي كإنسانة لها عزة و كرامة .. لا إنسانة تشعر بأنها ضيف ثقيل تنتظرون فراقه في أي لحظة يطرق الباب فيه خاطب .. !
أسرع يا أبتي و عوضني ذلك النقص الذي يساومني عليه هذا الشاب و يساوم أسرتي معه .. صدقني لا أريد المستحيل و لا أطلب المطالب الصعبة أبدا ..
كل الذي أريده أن تعاملني كما تحب أن يعاملك الناس ..
عاملني برفق و لين بدلا من العنف و القسوة الذين تلبسهما أمامي و تخلعهما أمام الناس .. ! عوضني هذا النقص الذي أبحث عنه ، و الذي يريد هذا الشاب أن يصطادني من خلاله ..
أروي عاطفتي من أجل أن تقطع الطريق على كل من يريد الظفر بي و إسقاطي .. نعم يا أبي أريد منك ( الدلال ) .. الذي فقدته من سن السابعة أو العاشرة ..
أريد ذلك الدلال الذي يربطني بك و بأسرتي و يغنيني عن كل عابث .. تنازل يا أبي عن جبروتك و عزتك و أنفتك و رفع صوتك .. و انزل إلى مستوى ابنتك التي توشك أن تفلت بسببك .. !
انزل إلى مستوى ابنتك التي يكفيها منك أحيانا الابتسامة أو الثناء البسيط على أي عمل تقوم به .. !
صدقني لست مغفلة يا أبي .. و ارجو ألا تظن ذلك يوم أن علمتَ أنني انسقتُ خلف هذا الشاب .. بل و الله انني لست ساقطة يوم أن كلمته أو هاتفته على غفلة منك و من أمي ..
كل مافي الأمر أنني أعيش بلا حنان .. أعيش فراغا عاطفيا أوهمني هذا الشاب بأنه من سيعوضه و يحققه لي بأسرع وقت ..
هذا الفراغ يا أبي إن لم تملأه أنت ببرد أبوتك و عطفك فقد يملأه عبث العابثين من المتخصصين في سرقة الطهر و العفاف .. !
أرجو ألا تفهمني خطأ يا أبي .. فأنا لا أبرر لنفسي و لا لأي فتاة أن تقع في الخطاء مقابل إساءة معاملتها .. بل الفتاة مطالبة بأن تعف نفسها بنفسها و أن تكون حذرة فطنة من الذئاب من حولها حتى
و إن كانت في بيت عقيم من الحنان .. لأن شرف الفتاة و سمعتها كالزجاجة إذا انكسرت صعب جبرها .. فليس لأي فتاة عذر في أن تضيع هذا الشرف بحجة البحث عن عاطفة ..
و ليس لها الحق في أن تعالج الخطأ بخطأ أسوء ..
فقط كل الذي أردت إيصاله يا ابي .. هو أن تعلم بأن القسوة و الجفاء خشبتان من الممكن أن تُعلق بهما عفة الفتاة و ينحر بعد ذلك تحتهما شرفها و لات حين مناص .. !!
لا أعلم حقيقة يا أبي هل ستهزك كلماتي هذه و تحثك على إسراع الخطى من أجل إنقاذي و انتشالي من هذا الخطر المحيط .. ؟
هل ستدفعك إلى التغيير تجاهي ؟ أم ستقرأها على أنها من فتاة مبالغة ليس لها خبرة في الحياة .. فتاة طائشة تتحدث بكلام لا تعيه .. !
باختصار شديد يا أبي أنا أشكو لك من جرح عميق أنت طبيبه و إن وصل إليه غيرك أفسده و أعطبه .. ! فماذا أنت فاعل .. ؟!
ابنتك من على حافة الهاوي .. !
----------- -----------
نعم هذه هي الحقيقة التي يجب الا يغفل عنها كل أب و كل أم .. يجب أن يعلم الآباء و الأمهات و كل معني بالتربية أن السنارة التي يرميها هذا الشاب و أمثاله على أمثال تلك الفتاة البائسة ..
لم تكن لتُصب لو كانت هناك معاملة حسنة .. هذه السنارة ستقع بعيدا كل البعد عن كل فتاة تعيش في ظل حنان الأبوة و الأمومة ..
هذه السنارة ستنكسر بيد الفتاة نفسها إن هي أشبعت و غذيت بتغذية أسرية نافعة .
المصدر: http://www.rouyah.com