قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 21 آذار/مارس 2014 15:25

هل نفر من الواجب...؟؟

كتبه  الأستاذ يوسف كفوس
قيم الموضوع
(0 أصوات)

حين ارتقى نجم "جمعية العلماء المسلمين" في سماء الجزائر (سنة 1936)، في بضع سنين من ميلادها، اشتدّ حنق المستعمر، ولم يجد من فرصة ليصيبها في مقتل إلاّ بكمين محكم رصدته مراكز تفكيره، وفق خريطة نفسية مسطّرة، ولم يكّلفه ذلك معركة بالسلاح ولا تصفية للأجساد، بقدر ما عمل على نقل حلبة نشاطها من ساحات التعليم وبعث المدارس في القرى والمداشر، إلى ساحات السياسة والمطالبة بالحقوق، فجاء الأستاذ مالك بن نبي ليحلل الظاهرة بقوله: (لقد تحوّل المثقفون الجزائريون وبعض أركان الإصلاح إلى جمعيات الحقوق السياسية والأحزاب والانتخابات والحركة الوطنية .. حيث بدأ الوطن يهجر حلبة الواجبات ويتجه إلى ميدان الحقوق، والتقدمية...)(1) فوقع بذلك الانعزال وانكفأت جرار الإصلاح والنهضة التعليمية على رؤوس أصحابها.

إن مجرّد التحوّل من مجال التعليم إلى المجال الآخر أدّى إلى تصدّع المجتمع وفقدان وعيه، ذلك أنّ التحوّل  أصاب القلب مباشرة، واغتال العقل والضمير، ومذّاك التاريخ إلى يومنا هذا ما تزال الآثار بادية، وهجران ساحات التعليم مستمرا  -للأسف- بل إنّه أضحى فرارا جماعيا من الواجب إلى ما ليس بواجب.

إنّ فقدان التوازن، جعلنا لا نملك الوقت لنفكّر ونستوعب اللحظة والموقع الذي نحن فيه، ناهيك أن ندرك، ما هو حقّ يمكن التنازل عنه، وما هو واجب لا يجوز شرعا ولا وضعًا ولا حضارةً التخلّي عنه.

إنّ همّنا الأكبر اليوم، هو قيام الإنسان لاستعادة إنسانيته، وكذلك واجب القيام لأبنائنا بإبلاغهم الرشد، وتسليحهم بذواتهم، وهويّاتهم لأجل أن يثبتوا عليها ولا يحيدُوا عن طريق التمكين لدين الله، ولكن..!! يبدو أنّ همّ الخبز، وهمّ السلعة، والوظيفة،.. قد أكل كلّ هموم البشر، وابتلع كلّ حُرقة وهمّة في سبيل القيم والمعاني والأفكار، فطغت بذلك الأشياء، وساد الأشخاص، وسبح الجميع في الأحداث اللامتناهية لفتن الدنيا .. فاستشرت بذلك لغة الحقوق وتطاولت على كل واجب.

إنّ حقيقة الصراع هي صراع الفكر، الذي غدَت المدرسةُ حلبتَه، والأطراف التي تديره هي مراكز التفكير  ومراصد النخب، وهي تمارس دورها بعيدا كل البعد عن أعين الإعلام -وإن كانت هي التي تصنعه و توجّهه-، فلذلك نرى تعليمنا شاحبًا مكفهرّا، غائبًا لا يظهر، ولئن ظهر فبلغة أرقام جوفاء، أو بهالة المستشفى الضخم الذي يأوي الآلاف من المرضى المصابين بكل الأمراض، وبهذا صارت المشاكل الاجتماعية والاحتجاجات على صعيد المدارس هي آخر فصول ذلك الصراع الذي صار يطفو إلى العلن، وباتت رائحةُ تعفّنه تزكُم الأنوف.

كل هذا لأننا قبلنا بما هو أدنى، وصرنا نفرّ إلى المستسهل من الأمور، ونركب المنحدر إلى السهولة(2)، بعد أن قمنا بتشحيمه بـأنانيتنا وخنوعنا، فصرنا نرى الواجب صعباً، والصعبُ لا نقدر عليه، فلذلك نفرّ منه.

إنّ كل الحضارات إنّما قامت على الواجب ولم تقم يوما على الحقوق، وقامت على الذات أكثر مما قامت على الغير، بل إنّ السعي وراء الحقوق هو ارتماء في أحضان الغير، وإنكار للعزيمة الذاتية والقوة الأصيلة...

والحكمة تقول: مَا اسْتَقْصَى كَرِيمٌ حَقَّهُ قَطُّ.

ولهذا يظل العبد عبدًا دائما وإن كان حرًا ومفكرًا، ما دام همّه الأقصى أن يحوز الجبنة التي يقتاتُ عليها، وتضمن له بقية حياته وفقط.

إنّ الفرار من الواجب، والاحتماء بلغة الحقوق، هو انتصار وهمي لعدالة الكلام والثرثرة، وفوز ساحق للنفس والشيطان على العدو الشبح، وهو الذي جرّنا بقصد أو بغير قصد إلى أن نترك حالنا عرضة للمصائب، ومن ورائنا جيلنا ومدارسنا التي هي واقعة اليوم في نقطة تقاطع النيران من كل الجهات: نيران عدوّنا من جهة، ونيران جهلنا وتفرّقنا وفقرنا من جهات أخرى.

وما إذكاء الفتن وتحريك النعرات في مختلف المناطق إلا لجرّ الناس من حياة الاستقرار والعمل الجاد، إلى الفوضى الهادمة، والعشوائية الهائمة، وصولاً إلى ميادين المحاكمات الطويلة والمهاترات الفارغة في سبيل حقوق جوفاء لطرف على حساب طرف آخر، والكل طرف واحد في قضية مهملة، لا يحصّل فيها أي حق معتبر في النهاية، فيظل السعي الّلاهث مستمرا دائما، وفي نفس الوقت يؤذن للواجبات والعمل الحضاري الحقيقي بالانزواء والتواري بعيدا، ثم لا يكون بعدها من مبرر لواقعنا سوى القليل الهزيل من الإنجازات، وبأضعف الإيمان لنقول للناس هذا قمة عطائنا وحضارتنا، وإرثنا العظيم للأجيال من بعدنا.

لقد انهالت على رؤوسنا صخرة سيزيف(3)، وجثم على صدورنا التخلّف دهرًا، ولا تزال عقولنا متجمّدة في الثلاجات عالية التجميد، فصرنا لا نفكر إلا بجهازنا الهضمي، ولا نلهث إلا وراء ما يسكت أطيطَ الأمعاء، ..

ترى ما الذي يجب أن نفعله لنرفع عن رؤوسنا تلكم الصخرة، التي ستهوي بنا على ظهورنا لثقلها الشديد.

أو ليس الواجب كل الواجب علينا جميعا اليوم أن نعي المرحلة، ومستوى المعركة كيف ومتى وأين تدار، ثم نديرها نحن بوعي وتدبير، وبتخطيط وحنكة، وبتجنيد كل الطاقات، خاصة الخبيرة والكفأة، في أمثال تلكم المراكز المفكرة التي تؤسس لنا المدارس الرائدة، والدور التربوية الراقية جدا، لنتطلع من بعدها إلى المستقبل بأفق مشرق، وأمل دافق.

إنّ أمامنا طريق واضح، وواجب محدّد لا ينبغي التيه عنه بفلسفات عقيمة، واقتراحات طويلة عريضة لا تنتهي إلى العمل المباشر أبدا، فالآن أوان دفع الضرائب الغالية وتقديم الفداء الكلي، بل والانسلاخ من الذوات في سبيل أن نرى فتحًا مؤزّرًا من لدن ربّ العالمين ومددًا عظيما بتلكم المدارس التي ستؤزّنا للدوائر الصالحة أزّا.

فضروري أن نعي ويعيَ أبناؤنا هذا المنطق الحقيقي، المغيَّب عنا قسريًا، أو لا شعوريًا بتعليم يدرك الخطط التربوية بأسباب نفسية تقاوم أسباب الانحراف، ويلج بنا إلى أعمق الأمور، بعزم واحتراق، ومكابدة واشتياق علّنا نرى الفجر الوليد قريبا جدا، بحول الله تعالى، فإنّ للمدرسة حرمتها، وللتعليم قدسيته، وهذا دور الجميع، وواجبنا الأول قبل كل شيء، ثم بعد ذلك نكون عند ربّنا قد وفّينا هذا الواجب مقبلين غير مدبرين.


_______________________________________

(1) ينظر مالك بن نبي مذكرات شاهد على القرن، ص 365.

(2)  صورة ذهنية وظفها مالك بن نبي في كتابه: الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، ص:27.

(3) صخرة سيزيف أسطورة في العهد الإغريقي,..، قد استعار دلالتها مالك بن نبي في وصفه مشكلة الجمهور الجزائري: بقوله: ولكنها صخرة (سيزيف) يرفعها إلى القمة فتسقط مرة أخرى إلى الهاوية السحيقة، كذلك أصبح ضمير الجمهور الجزائري، لا يرتفع في لحظة موفقة إلى مستوى المشكلات الحيوية، دون أن يهوي مرة أخرى في الثرثرة والمظاهرات..مذكرات شاهد على القرن، ص: 385.

http://www.veecos.net/portal/index.php?option=com_content&view=article&id=10516:

قراءة 1877 مرات آخر تعديل على الإثنين, 06 تموز/يوليو 2015 19:16

أضف تعليق


كود امني
تحديث