قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 14 أيار 2015 05:34

في ذكرى نكبة فلسطين : بلى ، الكيان الصهيوني هو الديمقراطية الوحيدة في المشرق العربي 1/2

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان
قيم الموضوع
(3 أصوات)

لأن الديمقراطية الغربية التي يمثلها لا تتناقض مع الإبادة و لا الاستعمار و لا الحروب و لا الاحتلال و لا التطهير العرقي و لا الاستيطان و لا السلب و النهب و لا التهجير و لا الحصار و لا العنصرية و لا القمع و لا تحطيم بنى المجتمعات الأصلية و فرض التبعية عليها و لا كل ممارسات الاضطهاد التي سبق أن مارستها الديمقراطيات الكبرى و ما زالت تمارسها على أوسع نطاق دون أن يخل ذلك بصفتها الديمقراطية، لأن هذه الديمقراطية ببساطة لا تعني المثالية.

 

يؤكد الغربيون أن الكيان الصهيوني هو الديمقراطية الوحيدة في وسط المشرق العربي، فنغضب من هذا التصنيف و نستنكر كون الصهاينة ديمقراطيين و نأتي بالأدلة القاطعة و البراهين الساطعة على ذلك بسرد جرائمهم منذ اليوم الذي ولدتهم فيه أمهم بريطانيا، و منا من يسترسل في اللعبة بتقديم شهادات حسن السلوك و إبراز الإنجازات الديمقراطية الواضحة للعرب في هذا البلد أو ذاك، و كل هذه الإجراءات قائمة على أساس أننا نفهم الديمقراطية أكثر من أصحابها الغربيين و نتصورها في نفس الوقت بصورة مثالية لا تشوبها شائبة، فالجيد ديمقراطي و الشرير غير ديمقراطي.

أعتقد أن الدخول في هذه الدوامة العبثية من محاولة إقناع الغربيين بما لا يريدون الاقتناع به غير مجد و لن يوصلنا إلى أية نتيجة، فسادة الديمقراطية هم أعرف بها منا، و لماذا نستنكر ديمقراطية الكيان الصهيوني مع أن الديمقراطيات الكبرى قامت على جرائم أكبر من جرائمه، فالنظام الديمقراطي الغربي تأسس على إبادة ثلاث قارات(الأمريكتين و أستراليا) و استعباد قارة رابعة (إفريقيا) و استعمار الخامسة (آسيا) مع استعمار بقية القارات، و شاركت في هذا المهرجان الديمقراطي جميع الديمقراطيات العريقة التي أسست إمبراطوريات استعمارية كانت أكبر من أحجامها الصغيرة بأضعاف مضاعفة و بنت سلمها الاجتماعي على قاعدة مادية من الوفرة التي هيأها استغلال الآخرين: بداية من البرتغال و إسبانيا مروراً بالسويد و هولندا و بريطانيا حيث الماجنا كارتا و التاريخ الاستعماري الأكبر في التاريخ و فرنسا حيث الأنوار و العقل و إيطاليا حيث فجر النهضة، و ألمانيا، حتى بلجيكا الصغيرة، وصولاً إلى الولايات المتحدة صاحبة إعلان الاستقلال و وثيقة الحقوق و موطن الآباء المؤسسين الذين شرعوا و نفذوا تهجير و اضطهاد و إبادة ملايين السكان الأصليين و استعباد ملايين أخرى من الأفارقة بحجج كان استغلال النصوص الدينية في صلبها، و لن نجد جريمة واحدة من جرائم الصهاينة سواء القتل أو التهجير أو العنصرية أو الاستعباد أو الاستغلال أو الاحتلال أو الإفساد أو التهميش أو استغلال الدين إلا سبق أن ارتكبتها الديمقراطيات الأكبر و الأعرق على نطاق أوسع ضد أكثر من 85% من العالم هي مساحة الإمبراطوريات الاستعمارية سنة 1914 [1] و أسست على تلك الجرائم عظمتها و قوتها، و لا ننسى أن جميع الديمقراطيات العريقة هي التي أسست الكيان الصهيوني بعدما كان حلماً جميلاً في أذهان رعاة الديمقراطية و الأنوار و العقل و الإنسانية و الإصلاح الديني و العلم منذ مارتن لوثر و جون لوك و إسحق نيوتن و توماس جيفرسون و بنيامين فرانكلين[2]و جون آدامز[3]و أبراهام لنكولن[4]و رائد السياسة المثالية و ودرو ويلسون الذي دعم وعد بلفور ولاءمه مع مناداته بحق تقرير مصير الشعوب المستضعفة، ثم دعمت تلك الديمقراطيات جميعها كيان الصهاينة و ظاهرته على أعدائه و أجمعت على وصفه بالديمقراطية، و مع ذلك لم تكن تلك الجرائم لتنفي الصفة الديمقراطية عن كل تلك الدول العريقة التي اتخذت قراراتها الإجرامية بطرق ديمقراطية، و لم يجرؤ أحد يوماً ما على التشكيك في ديمقراطيتها و من ثم فهي لا ترى في الجرائم الصهيونية ما ينفي عن"إسرائيل" الصفة الديمقراطية، بل كان دعم تلك الدول للصهيونية نتيجة التزامها بالرأي الشعبي العام في دواخلها، فلماذا نعجب أن يكون الكيان الصهيوني، بجرائمه المصغرة ، كياناً ديمقراطياً؟ و هو الذي يرجع إلى قاعدته الشعبية في كل شاردة و واردة من جرائمه؟ و هو أيضاً الحاصل على ختم المواصفات الديمقراطية القياسية من أرباب الديمقراطية في العالم ؟ و لا يقدح في ذلك الآراء الرافضة لبعض الحالمين و المثاليين.

لقد كان العالم الديمقراطي الغربي قد أسس انسجامه الداخلي على الموارد التي وفرها استغلال الآخرين و الذي هيأ المجال لتحقيق المساواة بين البيض، مثلما وفر نهب الأراضي الهندية في الولايات المتحدة موارد تحقيق المساواة و الديمقراطية الاقتصادية بين البيض المزارعين في"إمبراطورية الحرية" حيث كان امتلاك الأرض هو منبع الحرية في نظر المستوطنين[5]، و كانت وفرة الأرض بدورها هي الدافع لاستخدام جهد العبيد لحرثها[6]، و قد وفر استعباد الأفارقة الحرية و الثروة الرأسمالية للبيض أيضاً[7]، و قامت نهضة الاقتصاد البريطاني على مزايا الهند المالية[8]و تدمير الصناعات الهندية في آسيا[9]حيث كان ما نهبته بريطانيا من الهند يفوق ما أنتجته في ثورتها الصناعية[10]، و استفاد الاقتصاد البريطاني كذلك من فرض الأفيون على الصين و شنت الديمقراطيات البريطانية والفرنسية و الأمريكية حربين كبيرتين عليها لإجبارها على تعاطي المخدرات[11] ،  

فلماذا نستنكر أن تقوم الديمقراطية الصهيونية على استغلال شعب فلسطين وأرضه وموارده بعد تهجيره و قتل أبنائه؟ ومازال

العالم الديمقراطي الغربي الذي يعيش فيه 20% فقط من سكان العالم يستهلك 80% من موارد الأرض[12]، فلماذا نعجب من وصف الكيان الصهيوني بالديمقراطية وهو القائم على النخبوية واحتكار المزايا في فلسطين لليهود وحدهم دون أصحابها الشرعيين؟ لماذا نعجب بعد ذلك أن تكون ممارسات الإبادة و التهجير و الاستغلال و الإقصاء و الاستعمار و الاحتلال و الإفساد و استغلال الدين التي يمارسها الصهاينة من سمات الديمقراطية مع أنها هي الأسس التي بنى عليها العالم الديمقراطي ازدهاره و تقدمه؟؟ و أين جرائم الكيان الصهيوني التي تخفت أمام جرائم الكيان الديمقراطي الأبرز في عالمنا و هو الولايات المتحدة التي يحلو لكل هائم بالغرب الاستشهاد بتقاليدها الديمقراطية العريقة و لا يمر ختم الديمقراطية على ممارسة إلا لو كانت مطابقة لما يحدث في أمريكا؟ لقد ارتكب الصهاينة جرائمهم و تدخلاتهم العسكرية في منطقة شرق المتوسط التي تضم دولاً بعدد أصابع اليدين من العراق إلى تونس و معظم هذه الجرائم و التدخلات برضا الولايات المتحدة التي عمت جرائمها العالم كله، و الصهيونية مجرد جريمة من جرائمها العديدة، و قد أُحصيت تدخلاتها العسكرية الدولية التي لا تشمل حروبها مع السكان الأصليين و ذلك قبل احتلال العراق فبلغت أكثر من 130 تدخلاً عسكرياً مع تبعاته من

جرائم أمريكا المليونية العملاقة في أمريكا اللاتينية و شرق آسيا لا سيما فيتنام ثم العراق قصفاً و حصاراً و احتلالاً و أفغانستان و قبل ذلك الإبادات المليونية الجماعية في القارة الأمريكية؟ و هل شككت هذه الجرائم أحداً في ديمقراطية أمريكا؟

فأين ما فعله الصهاينة من القتل و الدمار و الاحتلال[13]

لا يا سادتي الكرام، إن هذه الديمقراطية الغربية و الصهيونية الإسرائيلية اللتين يمارسهما سادة الديمقراطية في الغرب هما الديمقراطية الحقيقية و من العبث أن نعلمها لأساتذتها الأعلم بها منا، و الكيان الصهيوني كيان ديمقراطي بجدارة كما وصفوه، بل هو نموذج مصغر مما عليه الديمقراطيات الكبرى التي فاقته إجراماً، و لهذا فإن الديمقراطيين لا يرون ما يخدش الديمقراطية في الممارسات الصهيونية التي لا يجدون فيها خروجاً أو شذوذاً عما مارسوه هم و مازالوا يمارسونه، و من الخير لنا أن تكون ديمقراطية وحيدة في بلادنا و ألا يكون معها كيان ديمقراطي مثلها يصنع بنا ما صنعه الصهاينة، و ليس لنا أن نضفي مسحة مثالية على مبادئ وفق تخيلنا لها لا وفق حقيقتها التي تطبقها بلاد المنشأ وفق نظريات واضعيها، و قد لا يعجبنا ذلك أو يصدمنا أو يشوش خرائطنا الإدراكية التي اعتادت على المديح و التبجيل، و لكن هذا لا يعني أن الحلول الغربية هي الحل لأنه لا حل غيرها، و على المصرين على التمسك بالحل الغربي الإجابة عن سؤال طالما سألوه لغيرهم : إذا كانت كل الجرائم السابقة مجرد خطأ في التطبيق، و إذا لم يكن كل ما نجم عن تلك التطبيقات من جرائم، عيباً متأصلاً في الفكرة ذاتها، و هي منزهة عن أخطاء التطبيق البشري، فمن سيضمن لنا أن التطبيق القادم سيكون هو الخالي من عيوب البشر؟ و هل من الممكن أن تتفوق أوهام التلميذ على حقائق الأستاذ؟

و ليس في هذا تبرير لسيول أخطائنا و جرائم استبدادياتنا، و لكن ليس من شروط الخروج من أخطائنا أن نقبل بخطايا الآخرين، و ليس من شروط القضاء على الاستبداد القبول بالاحتلال أو النهب أو الإبادة، وإن هذا القبول هو أداة تكريس استبداد أعتى كما رأينا في تاريخ بلادنا في القرن الأخير، كما أن تقرير شعوبنا لمصائرها و مشاركتها في حكم أنفسها لا يستلزم الوقوف على أبواب الآخرين للتسول مما صنعوه من فكر لازدهارهم الخاص لأن ذلك كان دائماً على حسابنا و حساب غيرنا و لن يكون لنا مكان فيه، و في اللحظة التي سيُسمح لنا بالدخول ضمن دائرته سيكون شيئاً آخر مختلفاً تماماً عن الذي بهرنا في البداية، و إذا كنا في الشرق مخطئين و متخلفين لزمن طويل فهذا لا يبرر أخطاء "الراشدين" في الغرب، و الخلاصة هي أن علينا البحث عن حلول مشاكلنا في مكان آخر غير ديمقراطية الغرب التي لم تنقذنا يوماً من استبداد لتدخلنا في جنتها بل ما أخرجتنا من استبداد محلي صغير إلا لتوقعنا في استبداد عالمي كبير و ما زالت تحتل بلادنا و ترتكب الجرائم فيها و ترعى مرتكبيها إلى اليوم.

●مآل استخدام الغرب ضد الغرب: قصتنا مع "المثالية" الويلسونية نموذجاً

إن محاولتنا التمسك بشعارات الغرب و إفحامه بها ليست جديدة، و رغم أنها استمرت طويلاً فقد كانت نتائجها دائماً وبالاً علينا، لأن الغربيين ببساطة يعرفون كيف يستخدمون مبادئهم التي نبعت من واقعهم لخدمة مصالحهم و من البساطة بمكان أن يلائموا أنفسهم مع ما ابتدعوه بانسجام أكثر مما يحاول الآخرون فرضه عليهم.

و لعل أبرز الأمثلة على تعلقنا بشعارات الغرب هو محاولة بلادنا استخدام مثاليات الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون (1913-1921) بعد الحرب الكبرى الأولى لنيل الاستقلال و الحرية التي وعدنا الحلفاء بها للحصول على مساعدة العرب ضد الأتراك في الحرب، و لما انتصروا تنكروا للعرب و فرضوا هيمنتهم عليهم مما دفع العرب إلى التوسل بمساعدة الولايات المتحدة و مبادئ رئيسها ويلسون.

أعلنت الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا في إبريل/ نيسان/ أفريل سنة 1917 أثناء الحرب الكبرى الأولى، و كان الرئيس ويلسون قد أكد في أكثر من مناسبة على مبادئ الرئيس الأمريكي المؤسس توماس جيفرسون عن خيارات الشعوب و حقها في حكومات تستمد سلطاتها من المحكومين[14]، ثم أتبع ذلك بالقول إن بلاده لا تقاتل من أجل مكاسب توسعية، بل دفاعاً عن الحقوق، و لمحاربة الأنظمة المستبدة، و لجعل العالم آمناً للديمقراطية، و في يناير/ كانون الثاني/ جانفي 1918 أعلن أمام الكونجرس مشروعه للسلام الذي يتضمن أربع عشرة نقطة تضمنت رفض المعاهدات السرية ، و دعت إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها و منها الشعوب غير التركية الخاضعة للإمبراطورية العثمانية[15].

و لما عقد مؤتمر باريس للسلام سنة 1919 حضره ويلسون و هو يحمل آراءه التي تحتقر كل أشكال الاستعمار الأوروبي و نفوره الخاص من الأتراك[16]،

وكان مصمماً على معارضة أي استيلاء جماعي على الشرق العثماني، و على المحافظة على مصالح أمريكا الاقتصادية و الثقافية فيه دون تحمل مسئوليات سياسية أو عسكرية[17].

و قد رفض بقية الحلفاء ذلك و لم يقبلوا بتطبيق حق تقرير المصير على تلك المنطقة[18]

رغم أنهم أقروا مبادئه علانية[19]

 و توصلوا إلى تسوية شكلية بين الإمبريالية و"مثالية" ويلسون و ذلك بتطبيق نظام الانتداب[20]الذي لم يختلف عن الاستعمار إلا بالاسم و كان هدفه المعلن هو الوصول بالشعوب إلى القدرة على حكم أنفسها عن طريق الوصاية عليها و جعل سعادتها  و تقدمها وديعة مقدسة في يد العالم المتمدن[21].

●الحقيقة الأمريكية التي غابت عنا زمن ويلسون

لم تكن حقيقة الولايات المتحدة بادية للعيان آنذاك، فكلماتها المعسولة كانت تصدر من أوروبا أيضاً التي أعلن ساستها أكثر من مرة أنهم لا يقاتلون لأجل مصالح مادية بل لتحرير الشعوب المضطهدة و هذه هي غايتهم الوحيدة[22]

 و مع ذلك كان البريطانيون والفرنسيون يعملون لأجل مصالحهم فقط[23]، و لم تكن بلادنا بحاجة لسبر أغوار التاريخ الأمريكي كله بما تضمنه من إبادة واضطهاد و عنف و استعمار و احتلال و تهجير و تجويع ضد السكان الأصليين من الهنود الحمر، فكل ذلك قد جرى بعيداً عن أعين العالم و في طي الكتمان، و لم نكن بحاجة إلى فتح التاريخ الاستعماري الإجرامي للرئيس ويلسون نفسه و ماذا فعلت جيوشه المعتدية في الدومينيكان و جزيرة هاييتي[24] فربما كان ذلك بعيداً عن أنظارنا أيضاً، كما لم نكن بحاجة للتعمق في تحليل أسباب دخول الولايات المتحدة الحرب الكبرى و كيف كانت المستفيد الوحيد منها من بين كل الفرقاء الذين حصدوا الدمار[25].

 

و لكننا لو تابعنا الدور الذي قامت به الولايات المتحدة و الرئيس ويلسون شخصياً في إصدار و دعم وعد بلفور، لعلمنا أن "المثالية" على الأقل ليست شاملة، إن لم نصفها بأسوأ من ذلك، و أنه ليس لنا مكان فيها، و أنها ربما خدمت فئات و مصالح أخرى، و لكننا لم نكن من بين هؤلاء و لا مصالحنا مرشحة للإفادة كمصالح غيرنا.

●دور ويلسون في وعد بلفور

و خلافاً لمبادئ ويلسون الرافضة للمعاهدات السرية  و المطالبة بحق تقرير المصير للشعوب المضطهدة شارك الرئيس في صياغة وعد بلفور[26]، و دعم صدوره الذي استهدفت منه بريطانيا جر الولايات المتحدة إلى الحرب باسترضاء الصهاينة الأمريكيين ليقنعوا بدورهم أمريكا بذلك، و بهذا يكون ويلسون قد قام بخطوة تساعد الصهاينة على إقناع نفسه بدعم الحلفاء ضد ألمانيا (!)، ثم عمل على إخفاء النتائج التي توصلت إليها لجنة كينغ-كرين (1919) التي أرسلها إلى سوريا بنفسه و توصلت إلى أن إنشاء الوطن القومي اليهودي هو انتهاك صارخ لحقوق الأهالي الأصليين و أن البرنامج الصهيوني لا يتفق مع مبدأ تقرير المصير، و هي نتيجة توصل إليها أيضاً و أعلم الرئيس بها وزير خارجيته و مستشاره القانوني، و ذلك رغم أن رئيسي اللجنة كانا من مؤيدي الصهيونية قبل التوصل للنتائج، و قد أبلغ ويلسون اللجنة أن قضيتي فلسطين و العراق "مغلقتان" و لا مجال لتغيير موقف الحلفاء منهما، و لم تؤد نتائج اللجنة بما فيها المطالبة العربية بالانتداب الأمريكي على الشرق إلى تغيير المواقف الأمريكية السلبية، ثم وافق ويلسون على نشر تقريرها بعد انتهاء رئاسته ليرضي ضميره(!)[27]

 

لقد واجه التحالف الوثيق بين بريطانيا والصهيونية الرئيس ويسلون بمعضلة رئيسة و هي كيف يعارض الاستعمار و يوافق على الوطن اليهودي في نفس الوقت؟، فساعدت خلفيته الدينية البروتستانتية على حفزه لتأييد الصهيونية رغم كونه من حملة الآراء المعادية لليهود[28](معاداة السامية) ، و قد ثبت تاريخياً أن معاداة اليهود كانت الحليف الأقوى للصهيونية دائماً، و شهد حاييم وايزمان أن اتصالات ويلسون كانت "أحد أهم العوامل في قرار الحكومة البريطانية إعلان تصريحها بشأن الصهيونية"[29]و نتيجة لذلك رقص 100 ألف يهودي في مدينة أوديسا الروسية خارج القنصلية الأمريكية شكراً و عرفاناً بالجميل[30]و هي نفس المدينة التي شهدت عام 1882 رد السلطات العثمانية برفض هجرة اليهود المتجمهرين فيها إلى فلسطين[31]، و قد قامت أعداد أخرى من اليهود بنفس مظاهر الفرح أمام البعثات الأمريكية في مصر و اليونان و الصين و أستراليا ، و رغم أن القانون الأمريكي يحرم على الجيوش الأجنبية التجنيد على الأراضي الأمريكية، لم يعترض ويلسون على التجنيد الذي مارسه فلاديمير جابوتنسكي في أمريكا، و هو الذي سيصبح الإرهابي المعروف بعد ذلك على أرض فلسطين[32].


 

●تعلق العرب بمثاليات ويلسون والغرب

و رغم كل ذلك واصل العرب تعلقهم بمبادئ ويلسون لما اكتشفوا غدر الحلفاء بهم و أنهم لا ينوون منح الاستقلال للعرب سواء بدولة واحدة أم بعدة دول مجزأة ، و بعدما تفاعل العرب بالفرح و السرور المفرطين عقب تصريحات بريطانية استهلاكية عن الالتزام بحقوقهم و استقلالهم و نفي أية أطماع استعمارية لبريطانيا أو فرنسا في بلادهم كتصريح لجنة السبعة يونيو/حزيران/ جوان 1918 و تصريح الجنرال اللنبي نوفمبر/ تشرين الثاني[33]تغيرت أغاني عرسهم إلى الحداد بعدما كشفت بريطانيا عن وجهها الحقيقي، و لم تنفع كل التنازلات التي قدمها العرب لبريطانيا في عدن و فلسطين بعد تنازلاتهم الكبيرة عن مصر و شمال إفريقيا في دفعها للموافقة على مطالبهم و لا أيضاً لجوء الأمير فيصل إلى استرضاء الصهيونية للاستقواء بها ضد المطامع الفرنسية في سوريا بتوقيع اتفاقه مع زعيمها حاييم وايزمان على الموافقة على الهجرة الصهيونية إلى فلسطين (1919)، و قال الأمير فيصل بن الحسين مستجدياً في مؤتمر باريس في يناير/ كانون الثاني/ جانفي 1919:"جئت ممثلاً والدي (الشريف حسين) الذي قاد الثورة العربية ضد الأتراك تلبية منه لرغبة بريطانيا و فرنسا لأطالب بأن تكون الشعوب الناطقة بالعربية في آسيا...معترفاً باستقلالها و بسيادتها بضمان من عصبة الأمم...و إني أستند في   مطلبي هذا إلي المباديء  التي صرح بها الرئيس الأمريكي ويلسونو أنا واثق من أن الدول الكبرى ستهتم بأجساد الشعوب الناطقة بالعربية و بأرواحها أكثر من اهتمامها بما لها هي نفسها من مصالح مادية"[34]، و في السابع من فبراير/ شباط/ فيفري أرسل الدكتور هورد بلس مدير الجامعة الأمريكية في بيروت رسالة شخصية إلى ويلسون جاء فيها:"الآن و قد جئت من سوريا، و بعد أن قابلت عدداً من السوريين في مصر، فإني أستميح لنفسي أن أخبركم عن مدى اعتقاد السوريين و ثقتهم بالنقطة الثانية عشرة من نقاطكم الأربع عشرة، و عن تمسكهم بالتصريح الأنكلو-فرنسي الذي صدر في شهر تشرين الثاني 1918"[35]و الذي نفى فيه الحلفاء أية أطماع استعمارية و تعهدوا بإقامة حكومات تستمد سلطاتها من الشعوب[36]، ثم طالب العربُ بالانتداب الأمريكي على بلادهم لو لم يتسن منحهم الاستقلال عندما استطلعت لجنة كنغ-كرين آراءهم في موضوع المستقبل[37]...

 

قراءة 2260 مرات آخر تعديل على الخميس, 09 تموز/يوليو 2015 17:22

التعليقات   

0 #1 محمد أمين 2015-05-20 20:08
لا شلت يمينك - أحسنت وجعلها الله في ميزان حسناتك
اقتباس

أضف تعليق


كود امني
تحديث