قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 05 آب/أغسطس 2015 10:45

عروة بن الزبير (مؤسس علم التاريخ عند المسلمين )

كتبه  موقع التاريخ
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كان عروة بحراً لا ينزف و لا تكدره الدلاء (الزهري)

ميلاده و نشأته :

ولد عروة بن الزبير على أرجح الأقوال سنة 23 هـ ، و نشأ و تربى في المدينة كما ربي سائر أترابه من أبناء الصحابة ، و لا يعلم شيء عن الفترة المبكرة من حياته سوى إشارات عابرة أتت في ثنايا مروياته ، لكن يبدو أن نسبه من جانب , و حبه للعلم منذ صغره من جانب آخر قد ميزاه على غيره من أقرانه ، فكان دائماً يتمنى أن يؤخذ عنه العلم (1) . فبذل لذلك جهده و وقته حتى قال : لقد كان يبلغني الحديث عن الصحابي فآتيه فأجده قد قال – من القيلولة – فأجلس على بابه أسأله عنه (2).

سعة معارفه:

و قد تعددت معارف عروة و كثرت حتى قال عنه الزهري : كان بحراً لا ينزف, و لا تكدره الدلاء (3). و شملت هذه المعارف الحديث و التفسير و الشعر و الفقه, إضافة إلى السيرة و المغازي التي لا ينازعه فيها منازع من شيوخ عصره.

عبادته و أخلاقه :

كان عروة مثالاً للعالم العابد الذي لا يخالف قوله فعله، و بلغ من درجة اجتهاده في العبادة أن ابنه هشاماً قال : كان يقرأ كل يوم ربع القرآن, و يقوم به الليل, و كان كثير الصوم، قطعت رجله و هو صائم ، و مات أيضاً و هو صائم، و كان يقول عن نفسه : إني لأسأل الله ما أريده في صلاتي حتى أسأله الملح (4) كما كان حليماً صبوراً محتسباً عفيفاً كريماً صالحاً زاهداً بعيداً عن الفتنة (5) و كان يقول : "رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزاً طويلاً.

كما كان ينأى بنفسه عن الفتن و يحذر منها ، و يرى أن فيها هلاك الأمة و يقول : " أتى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: " يا رسول الله هل للإسلام منتهى ؟ قال نعم، فمن أراد الله به خيراً من عرب أو عجم أدخله عليه، ثم تقع فتن كالظلل يضرب بعضكم رقاب بعض, فأفضل الناس يومئذ معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه و يدع الناس… " (6).

مكانته التاريخية :

يعد عروة بن الزبير – بحق – أول من صنف في المغازي كما ذكر الواقدي (7) و لكن مصنفاته لم تكن كتباً بالمفهوم المتعارف عليه الآن بين الدارسين ، و إنما كانت عبارة عن رسائل تجمع كل رسالة الروايات التي تتناول موضوعاً أو حديثاً معيناً يشبه ما يسمى الآن الفصل من الكتاب يصوغه بأسلوبه الخاص , يقول الأستاذ محمد شفيق غبريال: " و عندما دونت هذه الأخبار ، دونت منفصلة, فنجد كتاباً عن وقعة الجمل أو صفين , أو ما إلى ذلك " (8) .

و ربما كان ذلك هو الشائع في عصره ، لا في التاريخ فحسب بل في سائر الفنون - فعن تدوين الحديث مثلاً يقول الأستاذ محمد محمد أبو زهو : " و كانت طريقتهم تتبع وحدة الموضوع فهم يجمعون في المؤلف الواحد الأحاديث التي تدور حول موضوع واحد كالصلاة مثلاً ، يجمعون الأحاديث الواردة فيها في مؤلف واحد " (9) .

مروياته التاريخية :

وصل إلينا كثير من مرويات عروة التاريخية متناثرة عند ابن هشام في " السيرة " ، و الواقدي في " المغازي " ، و ابن سعد في " الطبقات " ، و ابن شبة النميري في " تاريخ المدينة " ، و الطبري في " تاريخ الرسل و الملوك " ، و في بعض المصادر المتأخرة مثل ابن عبد البر في " الاستيعاب " ، و ابن الأثير في " أسد الغابة " ، و الذهبي في كتابيه " السيرة " " و المغازي " ، و ابن كثير في " البداية و النهاية " ، و السيوطي في " الخصائص ".

و بالنظر في هذه المرويات نجد أنها تناولت :

الفترة المكية من حياة الرسول صلى الله عليه و سلم ، و ذكر فيها الإرهاصات التي سبقت نزول الوحي مثل حادث شق صدر النبي صلى الله عليه و سلم    و تعبده في غار حراء , و نزول الوحي عليه في سن الأربعين , و أول ما نزل من القرآن , و إسلام خديجة بنت خويلد, و تعليم جبريل رسول الله صلى الله عليه و سلم   الوضوء و الصلاة , و إعلان الدعوة و موقف المشركين منها, و فتنة المسلمين تحت العذاب ..

و هجرة المسلمين إلى الحبشة , و سبب اختيارها للهجرة , حيث ذكر أنها كانت متجراً لقريش – أي مألوفة لأهل مكة – و كان بها ملك عادل لا يظلم عنده أحد , و بعض أسماء من هاجر إليها , و محاولة قريش إرجاع المسلمين المهاجرين إلى الحبشة .

و تحدث عن بعض مظاهر إيذاء المشركين لرسول الله صلى الله عليه و سلم   مثل رمي القاذورات عليه , و السخرية منه , و عن خروج أبي بكر الصديق مهاجراً , ثم عودته إلى مكة بعد أن أدخله ابن الدغنة في جواره , و مقابلة الرسول صلى الله عليه و سلم   لوفد يثرب إلى مكة و عرضه الإسلام عليهم , و بيعة العقبة الأولى , و بيعة العقبة الثانية , و في كل ذلك يذكر الآيات القرآنية المرتبطة بكل حادث إن وجدت و يفسرها عند الحاجة .

ثم تكلم عن هجرة المسلمين إلى المدينة , و هجرة الرسول صلى الله عليه و سلم   بعد ذلك مع تفاصيل قليلة عن أحداثها , و كيف تمت مثل خبر اختفاء الرسول صلى الله عليه و سلم   في غار ثور ، و استئجاره رجلاً من بني الديل ؛ ليدله و أبا بكر على الطريق إلى المدينة ، و نزوله قباء ، و انتظار المسلمين و تشوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم   في المدينة و كيفية استقباله .

الفترة المدنية : و تحدث فيها عن إصابة بعض المسلمين بالحمى بعد وصولهم إلى المدينة , و دعاء الرسول صلى الله عليه و سلم   أن يحببها إليهم, و زواج رسول الله صلى الله عليه و سلم   من عائشة رضي الله عنها , و سرية عبد الله بن جحش , و مسألة القتال في الأشهر الحرم ، و ما نزل في ذلك من القرآن , ، و غزوة بدر , و قد تحدث فيها عن دعاء الرسول على المشركين ، و اختلاف كلمة المشركين ، و رغبة بعضهم في العودة ، و ترك القتال ، و بعض أسماء من قتل من المشركين و استشهد من المسلمين فيها ، و قصة إسلام عمير بن وهب .

و غزوة بني قينقاع و ما نزل فيها من القرآن ، و غزوة أحد و تحدث فيها عن رؤيا رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل الغزوة ، و إعطاء رسول الله صلى الله عليه و سلم   سيفه لأبي دجانة يوم أحد و قصة قتل رسول الله صلى الله عليه و سلم   لأبي بن خلف ، و غزوة حمراء الأسد ، و غزوة بئر معونة ، و غزوة الرجيع ، و غزوة بني النضير ، و كيفية تقسيم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أفاءه الله عليه في هذه الغزوة و ما نزل في ذلك من القرآن.

 و غزوة الخندق ، و غزوة بني قريظة , و حكم سعد بن معاذ فيهم ، و غزوة بني المصطلق ، و حادثة الإفك ، و زواج رسول الله صلى الله عليه و سلم   بجويرية بنت الحارث ، و سرية زيد إلى أم قرفة و صلح الحديبية و شروطه , و قصة فرار أبي بصير و أتباعه إلى ساحل البحر الأحمر و تعرضه لتجارة قريش , و غزوة خيبر , و غزوة مؤتة .

و فتح مكة, و غزوة حنين , و حصار الطائف , و إعطاء الرسول صلى الله عليه و سلم للمؤلفة قلوبهم ، و إرسال عروة بن مسعود بعد إسلامه إلى ثقيف، و قصة مقتله على أيديهم, و غزوة تبوك و دور المنافقين فيها, و كتب الرسول إلى الملوك و الأمراء ، و حجة الوداع , و تجهيز رسول الله صلى الله عليه و سلم   بعث أسامة, و مرض رسول الله صلى الله عليه و سلم   و وفاته في بيت عائشة ، و عمره حين توفى، و إشارته إلى فضل أبي بكر و وصيته بالأنصار قبل موته، و هذه الروايات إذا نظرنا إليها مجموعة وجدناها تكون شكلاً أو هيكلاً عاماً لسيرة النبي صلى الله عليه و سلم.

عصر الخلفاء الراشدين : و بدأه بالحديث عن فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، و ذكر الأحاديث التي تؤيد ذلك، و اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة للتشاور في أمر الخلافة .

و حروب الردة، و موقعة أجنادين, و تفرغ أبي بكر لإدارة شؤون المسلمين ، و تركه التجارة ، و مرض أبي بكر الصديق ، و مكان و تاريخ وفاته ، و من خلال مروياته المتفرقة عن أبي بكر نستطيع أن نقول أنه قدم صورة عن أهم الأحداث في عصره.

ثم تحدث عن واقعة اليرموك، و القادسية، و عن ذهاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه   إلى فلسطين, و عن قصة إصابة أبي عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس ، و اشتداد عمر في محاسبة أهله، و بعض الأخبار المتناثرة عن الحياة الاجتماعية في عهد عمر بن الخطاب.

و تكلم في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه   عن مدى الغنى الذي وصل إليه الناس في عصره ، و عن مجيء الثوار إلى المدينة و حصارهم له ، و عن مجادلة أهل مصر له, ثم تحدث عن واقعة الجمل, و عن النزاع الذي وقع بين أهل بيته و بين بني أمية ، و قد حكى قصته بنزاهة تامة دون تحيز لأهل بيته.

أبرز السمات العامة لمرويات عروة بن الزبير :

- الاقتصار على تناول تاريخ الإسلام فقط ، باستثناء حديثه عن بعض إرهاصات النبوة التي سبقت نزول الوحي مثل الرؤيا الصادقة (10) ، و خبر يسير عن زيد بن عمرو بن نفيل و إظهاره الحنيفية ، ذكره عن أمه أسماء بنت أبي بكر (11) .

-     الإيجاز و الاقتصار على الجانب المهم من الرواية أو الخبر ، انظر مثلاً حديثه عن إسلام أبي سفيان بن حرب إذ يقول : دخل عليه – أي رسول الله صلى الله عليه و سلم - أبو سفيان و بديل بن ورقاء و حكيم بن حزام بمنزله بمر الظهران فبايعوه على الإسلام ، فلما بايعوه بعثهم بين يديه إلى قريش يدعونهم إلى الإسلام ، فأخبرت أنه قال : " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن – و هي بأعلى مكة – و من دخل دار حكيم – و هي بأسفل مكة – فهو آمن ، و من أغلق عليه بابه و كف يده فهو آمن " (12)هذه الرواية الموجزة نراها قصة طويلة عند ابن إسحاق و الواقدي تمتد لصفحات .

- النزاهة و الموضوعية و البعد عن التعصب حتى و لو لأقرب الأقربين له ، فقد روى أن سيف الرسول r الذي أعطاه لأبي دجانة رضي الله عنه    يوم أحد طلبه أبوه الزبير رضي الله عنه    فأبى رسول الله أن يعطيه له(13) رغم أنه قد يفهم منها نقصان منزلة أبيه عند رسول الله صلى الله عليه و سلم . و عند حديثه عن مقتل أخيه مصعب بن الزبير يذكر قول عبد الملك بن مروان – رغم أنه قتل على أيدي جنوده " واروه فقد و الله كانت الحرمة بيننا و بينه قديمة ولكن هذا الملك عقيم "(14) .

- الأخذ من مصادر مباشرة إما عن طريق مشاهدته أو من شهود العيان لها.

- أنها لم يهتم تقتصر على الروايات التي تتصل بأمر الحكم فقط , أو ما يسمى في العصر الحديث بالتاريخ السياسي , و إنما تناولت كثيرا من الأمور الاجتماعية.

منهج عروة التاريخي :

و رغم كثرة المرويات التاريخية عن عروة إلا أننا لا نستطيع أن نعرف أو نحدد بإيضاح المنهج الذي سلكه في كتابة مروياته أو جمعها ؛ لأن هذه المرويات كما ذكرت وردت متناثرة في ثنايا الكتب ، إضافة إلى أن المؤرخين الذين حفظوها لنا كانوا في بعض الأحيان لا ينقلون الرواية كاملة ، و إنما يأخذون منها ما يحتاجون لدمجه في مرويات أخرى ؛ ليكون الفكرة التي يريدون عرضها أو تقديمها .

1- أنه كان يجمع الروايات التي ترتبط بالحادثة الواحدة ثم يصوغها بأسلوبه الخاص في دقة و تسلسل ، و هذا ما سمي فيما بعد بالإسناد الجمعي، فكان عروة أول من اتبعه ، و ليس الزهري كما ظن بعض الباحثين المعاصرين .

2- أنه كان يمهد للحادثة التي يتكلم عنها في مقدمة توضح سببها قبل ذكر تفاصيلها(15)و مثال ذلك تمهيده لهجرة المسلمين إلى الحبشة بقوله : " لما دعا – رسول الله صلى الله عليه و سلم - قومه لما بعثه الله من الهدى و النور الذي أنزل عليه ، و لم يبعدوا منه أول ما دعاهم ، و كادوا يسمعون له ، حتى ذكر طواغيتهم . و قدم ناس من الطائف من قريش لهم أموال ، أنكروا ذلك عليه و اشتدوا عليه … ثم ائتمرت رءوسهم بأن يفتنوا من تبعه عن دين الله من أبنائهم و إخوانهم و قبائلهم ، فكانت فتنة شديدة الزلزال على من اتبع رسول الله صلى الله عليه و سلم فافتتن من افتتن، و عصم الله منهم من شاء ، فلما فعل ذلك بالمسلمين أمرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يخرجوا إلى أرض الحبشة … " (16).

3- أنه كان يوضح أحياناً العلاقة بين الأحداث و يربط بعضها ببعض فعند حديثه عن غزوة بدر مثلاً ربط بينها و بين بعض المناوشات التي سبقتها , مثل مقتل ابن الحضرمي ، و إيقاع عبد الله بن جحش ببعض قريش و أسر فريق منهم إذ يقول : " و كان الذي هاج وقعة بدر و سائر الحروب التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين مشركي قريش ما كان من قتل واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي " (17) .

4- أنه كان يجمع الآيات القرآنية التي نزلت في الحادثة التي يتكلم عنها أو التي لها صلة بها ، و يقوم بتفسيرها .

5- أنه كان يحاول رد ما يوجه إلى بعض الصحابة من اتهام بأمور لا تليق بمنزلتهم على ألسنة ذوي الأهواء , مستنداً إلى المكانة الدينية لهؤلاء الصحابة فرد اتهام علي بالمساعدة على قتل عثمان رضي الله عنهما بقوله :" كان علي أتقى لله من أن يعين على قتل عثمان و كان عثمان أتقى لله من أن يقتله علي"(18) عبارة موجزة لو فقهها المسلمون لوفروا ما ضاع من جهد و وقت في بحث خلافات لا وجود لها.

6- أنه لم يكن يكتفي بما يرويه عن غيره ، و إنما سجل الحوادث التي شاهدها بنفسه مثل حديثه عن حصار عثمان بن عفان رضي الله عنه    إذ يقول : " وقفت و أنا غلام أنظر إلى الذين حاصروا عثمان رضي الله عنه    و قد مشى أحدهم إلى الخشبة ؛ ليدخل إلى عثمان فلقيه عليها أخي عبد الله فضربه ... "(19) ، و يقول أيضاً مصوراً حال الناس زمن عثمان رضي الله عنه    : " أدركت زمن عثمان و ما من نفس مؤمنة إلا و لها في بيت مال الله حق " (20) .

7- أنه عند حديثه عن غزوات الرسول صلى الله عليه و سلم أو المعارك الإسلامية كان يقدم مع أحداث الغزوة قائمة بأسماء من شهدها و من استشهد فيها فيقول مثلاً : ممن شهد بدراً أبو حذيفة بن عتبة (21) و ثابت بن حسان (22) و ممن شهد أحداً ثعلبة بن ساعدة (23) ، و ممن شهد جسر أبي عبيد أنيس بن عتيك (24) و ممن استشهد باليمامة بشير بن عبد الله الأنصاري(25) .

8- كما أنه قدم تراجم لكثير من الصحابة , و هذه الترجمة قد تكون وافية أحياناً , و أحياناً موجزة لا تتعدى سطراً واحداً مثل قوله كان صهيب من المستضعفين من المؤمنين الذين كانوا يعذبون في الله "(26) و قوله " كان بلال من المستضعفين من المؤمنين ، و كان يعذب حين أسلم ليرجع عن دينه فما أعطاهم قط كلمة مما يريدون "(27) .

10- أنه حرص على إيراد التواريخ و بدقة تامة فيقول عن نزول الوحي " عرض له جبريل ليلة السبت و ليلة الأحد ثم أتاه بالرسالة يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان و رسول الله ابن أربعين "(28) و انظر إلى وصفه لمرض و وفاة أبي بكر الصديق " كان أول ما بدأ مرض أبي بكر الصديق رضي الله عنه     أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة و كان يوماً بارداً فحُمَّ خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الصلاة . . . . و توفى ليلة الثلاثاء لثمان ليال بقين من جُمادى سنة 13هـ و كانت خلافته سنتين و أربعة أشهر إلا أربع ليال فتوفي و هو ابن ثلاث و ستين سنة "(29) .

تقييم مروياته :

و رغم ما اشتهر به عروة من فضل , و قبول بين المحدثين إلا أنه لا يمكن التسليم بكل المرويات المنسوبة إليه ؛ لأنه بمنزلته العلمية و مكانته من أم المؤمنين عائشة لم يكن بمنأى عن الوضَّاعين أن يستغلوا ذلك ليروجوا عن طريقه بعض أكاذيبهم. و من هذه الروايات :

ما نسبهُ إليه أبو نعيم في حلية الأولياء عن عائشة "النظر إلى علىَّ عبادة "(30) . فقد أشار إلى وضع هذا الخبر صاحب تذكرة الموضوعات ، و قال : إن بعض علماء الحديث أشاروا إلى انه موضوع و متنه ينبئ بذلك.

و ما نسبهُ إليه السيوطي في كتابه الخصائص " أصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم يوماً فجاءه إنسان قدم من ناحية طريق مكة فقال له : هل لقيت أحداً ؟ قال : لا يا رسول الله إلا امرأة سوداء عريانة ثائرة الشعر فقال رسول الله تلك الحمى و لن تعود بعد اليوم أبداً "(31) والمعروف عند أهل الطب أن الحمى تصيب الإنسان نتيجة فيروسات معينة تهاجم الجسم , فينتج عنها الأعراض التي نراها ، فما علاقة ذلك إذاً بالمرأة السوداء ثائرة الشعر ، و كيف تشبهت تلك الفيروسات الموجبة لمرض الحمى بها ، و إنما الصحيح ما جاء عند البخاري:" رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة - و هي الجحفة - فأولت أن وباء المدينة نقل إليها ) (32).

و ما نسب إليه عند ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق " لما نزل طاعون عمواس كان أبو عبيدة معافى منه و أهله فقال : اللهم نصيبك في آل أبي عبيدة قال: فخرجت بأبي عبيدة في خنصره بثرة فجعل ينظر إليها فقيل: إنها ليست بشيء فقال : إني لأرجو أن يبارك الله فيها فإنه إذا بارك في القليل كان كثيراً "(33) فمحال أن يصدر هذا الكلام عن صحابي مثل أبي عبيدة , و هو يعلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان ينهى عن تمني نزول البلاء ، و إذا كان أبو عبيدة رضي الله عنه     يريد الأجر و الثواب ففي رباطه و جهاده ، و إذا أراد الموت في سبيل الله فليس الموت بالطاعون بأفضل من القتل في ساحة القتال .

ثم متى أباح الإسلام الدعاء بالبركة في المرض و رسولنا هو القائل " تداووا عباد الله "(34) ليس هذا فقط بل طالب المسلم أن يقي نفسه من الإصابة بالأمراض – فضلاً عن أن يتمناها – قدر إمكانه فقال صلى الله عليه و سلم : " فر من المجذوم فرارك من الأسد "(35) .

و مما يدل على بطلان هذا الخبر أن ابن عساكر أورد خبراً آخر عنه يتوافق مع ما ذكرت , و يليق بأبي عبيدة و فهمه لمقدور الله و هو " عن أنس أن عمر بن الخطاب أقبل ليأتي الشام , فاستقبله أبو طلحة و أبو عبيدة بن الجراح فقالا : إن معك وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم    و خيارهم , و إنا تركنا بعدنا مثل حريق النار يعني الطاعون فارجع العام فرجع "(36) و قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا سمعتم بالطاعون في بلد فلا تخرجوا منه و لا تدخلوا إليه "(37) .

و لكن ذلك لا يجعل الشك يتسرب إلينا تجاه مروياته , فإن طريق التعرف على الدخيل عليها يسيرا إن شاء الله .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش :

*مدير موقع التاريخ الالكتروني

 (1) ابن الجوزي : صفة الصفوة جـ2 صـ82 و البلاذري : أنساب الأشراف جـ5 صـ284 إصدار مكتبة المثنى ببغداد .

(2) الذهبي : سير أعلام النبلاء جـ4 صـ424 .

(3) ابن كثير : البداية و النهاية جـ9 صـ137 .

(4)ابن الجوزي : صفة الصفوة جـ2 صـ87 .

(5) ابن كثير : البداية و النهاية جـ9 صـ136 و انظر أيضاً : خير الدين الزرِكلي : الأعلام جـ4 صـ226 دار العلم للملايين – بيروت .

(6) الذهبي : سير أعلام النبلاء جـ4 صـ423 .

(7) البداية جـ9 صـ136 .

(8) ا / محمد شفيق غبريال : بحث بعنوان أساليب كتابة التاريخ عند العرب . مجلة مجمع اللغة العربية جـ14 صـ20 ط سنة 1962م

(9) ا / محمد محمد أبو زهو : الحديث و المحدثون صـ129 .

(10) ابن عبد البر : الدرر في اختصار المغازي و السير صـ31 تحقيق د/ شوقي ضيف – دار المعارف بالقاهرة . ط 2 سنة 1983م .

(11) ابن هشام جـ1 صـ225

(12) الطبري جـ3 صـ55 و الحديث في صحيح مسلم جـ3 رقم 1780

(13) الطبري جـ2 صـ 510 .

(14) السابق جـ6 صـ161 .

(15) أ / عبد العزيز الدوري : نشأة علم التاريخ عند العرب صـ76

(16)الطبري جـ2 صـ328

(17) الطبري جـ2 صـ420

(18) المبرد :الكامل في الأدب جـ2 صـ916 تحقيق محمد أحمد الدالي : نشر مؤسسة الرسالة .

(19) ابن عساكر : تهذيب تاريخ دمشق جـ7 صـ

(20) عمر بن شبة : تاريخ المدينة جـ4 صـ1023

(21) ابن حجر : الإصابة جـ4 صـ34

(22) ابن الأثير : أسد الغابة جـ1 صـ266 تحقيق ا / علي محمد البجاوي ط سنة 1970م .

(23) ابن حجر : الإصابة جـ1 صـ200

(24) ابن الأثير : أسد الغابة جـ1 صـ157

(25) السابق جـ1 صـ162

(26) البلاذري : أنساب الأشراف جـ1 صـ181.

(27) السابق : جـ1 صـ185 .

(28) السابق : جـ1 صـ116.

(29) الطبري : جـ3 صـ419 وما بعدها .

(30) أبو نعيم الأصفهاني : حلية الأولياء جـ2 صـ183 .

(31) السيوطي : الخصائص جـ1 صـ 483 .

(32)البخاري : جزء 6 - صفحة 2580

(33) ابن الأثير : أسد الغابة جـ3 صـ 130 .

(34) السيوطي : الجامع الصغير جـ3 رقم 3271 .

(35) البخاري جـ4 رقم 5380 .

(36) ابن عساكر : تهذيب تاريخ دمشق جـ6 صـ6 .

(37) أبو داود : السنن رقم 1130 .

قراءة 2117 مرات آخر تعديل على الجمعة, 07 آب/أغسطس 2015 07:57

أضف تعليق


كود امني
تحديث