قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 24 كانون1/ديسمبر 2015 08:18

لماذا نقرأ التاريخ العثماني؟

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

۞لسنا مختلفين عن الآخرين الذين يدرسون تواريخهم

كثيراً ما نسمع في بلادنا اعتراضات على البحث التاريخي و المناقشة في الماضي: ماذا نستفيد من النقاش عن أحوال العثمانيين ؟ و ماذا يفيدنا تبرئة السلطان عبد الحميد ؟ و ما هي فائدة البحث في اتفاقية فيصل-وايزمان؟ و ماذا يعني لنا الموقف من محمد علي باشا ؟ لنتطلع إلى المستقبل، الغرب يصنع طائرات و يصل إلى الفضاء و نحن مشغولون بما فات.

لو كان هذا الكلام صحيحاً علمياً لوجدنا أكثر الدول تقدماً تلغي أقسام التاريخ من جامعاتها، و يتوقف فيها اهتمام الأكاديميين في النواحي التاريخية، كما يتوقف تأليف الكتب التاريخية لتتجه كل الجهود نحو التقدم في العلوم البحتة و لا تنصرف الاهتمامات نحو ما يسبب تراجع الأمم.

و لكننا نجد أن كل ذلك لم يحدث، و أكثر الدول تقدماً تقنياً، و هي الولايات المتحدة، تولي الاهتمامات التاريخية التفاتاً عظيماً، بل نجدها لإفتقادها البعد الزمني في تاريخها القصير، تحاول نحت تاريخ بأي شكل من الأشكال يصل حد الهوس بتفاصيل غريبة: أين الورقة التي كتب عليها أبراهام لنكولن خطابه ؟ و ما هي النكت التي كان يتداولها ؟ و من هم أبناء جيفرسون غير الشرعيين؟ و أين قضى تقاعده ؟ و ما هي آخر الأبحاث و الحفريات في عظام المشاركين في معركة أو ضحايا مجزرة ؟ و كيف تطورت أطلال معركة ما منذ وقوعها قبل 150 عاماً ؟ و هكذا.

لم يقل أحد إن هذه الاهتمامات تصرف عن التقدم و تؤخر الأمة، لأنه من الطبيعي أن تكون اهتمامات الناس موزعة حتى في أي مشروع نهضوي فلا يقتصر الاهتمام و التوظيف على مصنع الطائرات وحده لتترك بقية مرافق الحياة فارغة، و مع وفرة الدراسات التي ترصد التراجع الأمريكي، لم نجد واحدة منها أشارت و لو من بعيد إلى أن الاهتمام بالتاريخ من أسباب هذا التراجع، فيبدو أن للأمريكيين رأياً غير رأي جهابذتنا الذين يحاولون تقليدهم و يرون أن البحث التاريخي يسبب تخلفنا.

و أرجو ألا تكون الاعتراضات على الاهتمام بالتاريخ دليل كسل فكري يعفي صاحبه من القراءة في التاريخ و من صناعة الطائرة أيضاً كما يبدو ذلك جلياً من حالة المعترضين و الكسل العلمي الذي يغرقون فيه، و لا شك أن من كان آباؤه أبطالاً فعرف حقيقتهم و افتخر بهم و تعلم من دروسهم ليس كمن يظنهم لصوصاً فتثبط عزيمته و يحاول الالتصاق بأي عدو غريب ينبهر به فيتبعه لحتفه، أو من لا يعرف عن آبائه شيئاً فيعيش تائهاً مسلوباً بين الأمم يسهل على أي عابر سبيل أن ينال إعجابه و ما في جيبه أيضاً (!)

۞أهمية قراءة التاريخ العثماني و دراسته:

و من فوائد قراءة التاريخ العثماني على وجه الخصوص إعطاء إجابات عن الأسئلة المحورية التالية في أهدافنا المستقبلية، و ذلك لكون الصيغة العثمانية هي التي دخلت بالأمة الإسلامية إلى العصر الحديث و واجهت المشاكل التي مازلنا نعاني منها إلى اليوم و لكن إجاباتها كانت أكثر تماسكاً مما قدمه عصر التجزئة:

         1-         ما هي أهمية الوحدة الإسلامية لمختلف أقطار و شعوب الأمة ؟ و ما هي مزايا هذه الوحدة حتى مع ضعفها على حالة التجزئة بأبهى صورها ؟

         2-         ماذا كانت أهداف الغرب من علاقاته مع الدولة العثمانية و هجومه المستمر عليها ؟ هل كان يريد نشر الحضارة و التمدن في أقطارها أم مجرد القيام باستغلالها ؟ و ماذا يترتب على هذه النظرة لعلاقاتنا المستقبلية مع الغرب ؟

         3-         ما هي نتائج التغريب الذي دعا إليه المبهورون بالغرب ؟ و هل هناك أمل يرجى من الاستمرار في هذا السبيل ؟

         4-         من هو المتسبب في هدم الخلافة الإسلامية و ماذا كان الهدف من ذلك ؟ و من هي الجهات التي استمرت تحارب وحدة أمتنا ؟ و هل تغير موقفها ؟ و هل يمكن لمن هدم صرح الأمة يوماً أن يؤمل منه إقامته مرة ثانية أو أن يسمح بذلك ؟

         5-         كيف أمكن للخلافة الإسلامية عندما واجهت الهجمة الغربية التصدي لها و ما هي الأسس التي بنت عليها مشروعها ؟

         6-         كيف عالجت الخلافة الإسلامية المشاكل المزمنة التي ابتلينا بعدها بها: مثل التبعية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية و العسكرية و الانقسامات السياسية و المذهبية و الطائفية و القومية و الوطنية و الدينية و اشتعال النعرات و الحروب البينية و فقدان التكامل الاقتصادي و هدر الثروات و الإمكانات و السباق لنيل رضا الأعداء و الانخراط في مشاريعهم المدمرة و الإنفاق عليها من ثروات الأمة و الاستهلاك الترفي المفرط؟

         7-         ما هي الأخطاء التي وقع فيها العثمانيون و ما هي أسباب ذلك و كيف يمكننا تلافيها مستقبلاً ؟

         8-         ما هو حساب الجرد النهائي لحالة الوحدة ؟ هل طغت السلبيات أو الإيجابيات ؟ 

         9-         من هم المستفيدون من الوحدة و من هم المتضررون و ما نسبة كل فئة منهما ؟ و هل يجوز التضحية بمصالح فئة لصالح أخرى ؟ و متى يكون ذلك ؟ و ما هي الصيغة الأكثر توفيقاً بين الجميع ؟

        10-       ما هو موقع التنوع الحضاري لأمتنا في صيغة الوحدة و كيف أمكن لأمة مازال الغرب يعيرها بهوياتها المتعددة من الاجتماع قروناً طويلة في صيغة وحدة تكاملية ؟ و كيف نستفيد من هذا الماضي الثري لمستقبل أفضل ؟

        11-       ما هي العوامل التي أدت إلى التجزئة السياسية و النعرات الانقسامية و ما هو دور الخارج في إثارتها ؟ و كيف يمكن كف أيديه مستقبلاً؟

        12-       كيف يمكن لصاحب مشروع النهوض أن يضم من حوله إلى مشروعه دون استثارة حفيظتهم و دون إعطائهم ذرائع للجوء للحماية الغربية الكفيلة بتدمير المشروع من أساسه و في مهده قبل أن يقف على رجليه متحدياً ؟ و من هم الذين يمكن التفاهم معهم و من هم الذين يجب الحذر منهم ؟ و كيف يمكن التعامل مع الخونة و أصحاب النفوس المتعلقة بالغرب و الذين سيحيطون بأي تجربة واعدة لدفنها حية ؟

        13-       كيف جنت النزعات الاستقلالية عن الكيان الجامع على أمتنا بل على أصحابها أنفسهم ؟ و هل من الحكمة الاستمرار في الاحتفاء بهذه الاستقلالات التي ثبت زيفها في مواجهة الغرب الطامع ؟

        14-       ما هو الفرق بين الاستعمار الغربي و حكم الدولة العثمانية ؟ و هل يجوز إطلاق الصفة الاستعمارية على دولة كانت هي التي صدت الاستعمار زمناً طويلاً و كان رعاياها على اختلاف قومياتهم يحتمون بها من العدوان ؟

        15-       ما هو الفرق بين حكم المسلمين و حكم الغربيين للأمم الأخرى ؟ و كيف تعامل كل منهم مع المختلفين عنه ؟ و أين ارتكبت الجرائم الكبرى في العالم؟

        16-       ما هي الآثار التي ترتبت على انضمامنا إلى "المجتمع الدولي" منذ زمن الدولة العثمانية ؟ و هل من الحكمة الاستمرار في اللهاث خلف قراراته التي مازالت تجني علينا ؟ و كيف يمكننا تحييد هذه الأضرار في مواجهة الغرب التي يتلفع بقناع "الإرادة الدولية" و يسوق العالم بعصاه كما يشاء لتحقيق مصالحه ؟

        17-       ما هي آثار دخول الأغراب في خلافات أمتنا الداخلية ؟ و هل كان حضورهم إيجابياً أم أنه فاقم هذه الخلافات بقناع "الأمم المتحدة" لتحقيق مصالح لا علاقة لأمتنا بها ؟

        18-       ما هي أهمية الاكتفاء الذاتي في استقلالية القرار السياسي ؟ و كيف كان التكامل الاقتصادي دعماً لقوة الجميع في مواجهة الطامعين ؟ و كيف أصبح الاعتماد على الاستيراد الغذائي في بلداننا الزراعية التقليدية نتيجة الاندماج في السوق الغربي سبباً في التبعية ؟

        19-       كيف تفرض الوحدة الكبرى منطق العظمة على ساستها فلا يقبلون بالتبعية حتى لو حدثتهم أنفسهم بذلك ؟ و كيف تفرض التجزئة منطق الصَغار على ساستها بسبب قلة إمكانات كياناتهم فيضطرون للتبعية للكبار حتى لو أرادوا الاستقلال ؟ (مثل منطق القوة الذي يفرض على المصارع القوي عدم الخضوع و منطق الحاجة الذي يفرض نفسه على الطفل الصغير، القوي لا يقبل بالدنية و الضعيف لا يقدر إلا على التبعية).

        20-       ما هو وزننا في الساحة الدولية في حال الوحدة التي نظنها إلغاء لخصوصياتنا ؟ و ما هو وزننا في حالة التجزئة التي توهمنا بالاستقلال ؟

هذا ما خطر في البال من نقاط يمكن للتاريخ العثماني توضيح الإجابات عنها و لا بد أن يجد المتعمقون غيرها و غيرها، فكيف بعد ذلك ندعي أن قراءة التاريخ ترف فكري كحكايات الأطفال قبل المنام ؟

۞من شروط صحة الاعتبار بالتاريخ

نقرأ التاريخ لنطلع على تياراته العامة و توجهاته الرئيسة و لا نغرق في لحظات البؤس العابرة أو الأفراح الموهومة، إذ أن هناك من يستخدم التاريخ ليستدل على غاية سياسية خاصة فيأتي بحدث ما من الماضي ليقول إن هذه الجهة صديقة على الدوام أو عدو منذ الأزل، و يقتنع السامعون و يهزون رءوسهم قبولاً بهذه الحكمة المستقاة من أعماق الزمن، فمثلاً عندما يتحدث داعية سياسي عن المجزرة الأرمنية و كونها دليلاً على وحشية العثمانيين  و تخلف الخلافة و استحالة التعايش في ظل المسلمين، يغرق السامع في تفاصيل الحدث و يخرج مقتنعاً بهذه النتيجة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها، ماذا تبقى بعد ذبح مليون و نصف المليون أرمني من إمكانات المصالحة ؟

يأتي هنا دور قارئ التاريخ العام ليبين الحقائق الأوسع من قراءة التوجهات التاريخية العامة:

1-      أن الأرمن عاشوا مئات السنين مع المسلمين و قروناً طويلة مع العثمانيين في انسجام تام جعل العثماني المهيمن، و ليس المواطن الأرمني الذي ربما وصفت شهادته بالمداراة، يطلق عليهم صفات الإخلاص و الصدق، فما الذي طرأ بعد هذه القرون الطويلة ليؤدي إلى سفك هذه الدماء العزيزة ؟

2-      في الأحداث التي سفك فيها الدم الأرمني سفكت فيها دماء مسلمة أغزر من الدماء الأرمنية، مما يلقي بظلال من الشك على الصورة الشائعة عن حمل أرمني و ذئب عثماني، فمن هو الذي سفك دماء المسلمين الغزيرة و ماذا كان موقف العثمانيين من ذلك ؟

3-      لم يكن التدخل الغربي مخفياً، و لكن العجيب أن الغرب الذي أثار الأرمن و تاجر بقضيتهم إلى درجة تجهيز خرائط الدولة الأرمنية الموعودة، عاد و تخلى عنهم في اللحظة الأخيرة إرضاء لمصالحه الدنيئة.

4-      في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن "إبادة الأرمن"، كانت الأمة الأرمنية آمنة في بقية الدولة العثمانية بعيداً عن جبهات المواجهة مع روسيا، و حتى الذين رُحلوا و تعرضوا للحوادث المؤلمة وصل كثير منهم إلى الأمان في أقطار عثمانية أخرى كبلاد الشام، فالحديث إذن عن إبادة يكون غير دقيق مقارنة بالمفهوم الذي تعرضت له شعوب أخرى لم يتبق منها إلا الفتات كالهنود الحمر في أمريكا و سكان أستراليا.

5-      الغرب الذي سفح دموعه بكاء على الأرمن قتل من شعوب أخرى ملايين عديدة على شكل إبادات جماعية و تصفيات عرقية (في الأمريكتين و أستراليا و الهند الصينية و إفريقيا و شمالها و البلقان و القوقاز) و كانت الإبادة نموذجاً متكرراً في تاريخه و ليست حادثة معزولة، و هو ما يهدد مصداقيته في البكاء على الأرمن.

خلاصة الحديث أن الاستشهاد بالماضي يجب أن يكون شاملاً و ليس مبنياً على الحوادث المعزولة، و عندما نريد الخروج باستنتاج عام لا يكفي أن نقول: فلان عمل كذا، للاستدلال على نتيجة عامة، لأن الصورة الأوسع قد تحتوي على تفاصيل أخرى تقلل من أثر العمل السلبي أو الإيجابي المستشهد به و ربما قلبت الاستنتاج رأساً على عقب.

قراءة 1682 مرات آخر تعديل على الجمعة, 25 كانون1/ديسمبر 2015 06:33

أضف تعليق


كود امني
تحديث