بالأمس...تمكن مني الملل و انا اجلس في غرقتي بين اربعة جدران اخط بعض الخربشات و الخواطر.. عندها قررت أن اتصل بأحد الاصدقاء القدامى ليأتي لزيارتي لنتبادل أطراف الحديث و نعيد أيام زمننا الماضي....
جاء صديقي فرحا بطلبي منه زيارتي.."طبعا ليس حبا بسواد عيوني" و لكن طمعا في عشاء فاخر من صنع امي "رحمها الله"...استعدنا معا الايام الخوالي، و للأمانة لم نترك أحد من شرنا.. خاصة اصدقاءنا القدامى..فلان ابو كرش و فلان الطماع و فلان المصلحجي ووووو..يعني نوينا التزهزه..ثم فاجأني صاحبي بسؤاله: لقد تأخر الوقت و الى الآن لم يحضر العشاء!!...إن كانت الوالدة رحمها الله متعبة فانت تستطيع ان تطلب من مطعم "مشاوينا" عشاء لنا...و هل جئت لأجل العشاء..و هل اتيت لأرى وجهك؟...
و بعد ان انتهينا من العشاء بادرني باقتراح: ما رأيك يا صديقي ان تذهب معي الى حفلة يوم الجمعة في قصر احد هوامير البلد..اقصد اثرياء البلد...و بلا تفكير قلت: يا ليت، اكون سعيدا بذلك....اذن اتفقنا ساهاتفك عصر يوم الجمعة و نتفق و نذهب بسيارتك...حتى السيارة يا صديقي؟..انت تعلم ان البنزين غالي..يكفي، طول عمرك "نتن"...سنذهب بسيارتي...
يوم الجمعة..
الو،هل انت جاهز يا صديقي...نعم، ساستحم حمام العيد و ارتدي ملابسي و انتظرك...
بعد اخذ حمام ساخن ، ارتديت "قمباز"جدي الذي اعتز به..و"حطته و عقاله"..و نزلت الى دكان في قريتنا لابتاع قاروة عطر موزامبيقية فانا لا اضع العطر الفرنسي لان فرنسا امبريالية و انا احب التميز في كل شيء!!
السلام عليكم، كيف حالك عمو غنوج؟...الا تستحي على وجهك..ما هذا عمو غنوج؟..نحن يا عمو غنوج في القرن الحادي و العشرين ولا بد ان تكون متحضرا "كيوت"..حيث ان والدي الشهيد اصبح اليوم بابا غنوج وجدي كذلك اصبح "جدو غنوج" فقلت لماذا لا ادلعك واناديك عمو غنوج...وكيف حال العمة تبولة ،هل لا تزال تزين شعرها بالبقدونس وقطع الليمون..يا ولدي هل تعرف ما معنى كلمة "غنوج"..وكلمة "كيوت"..صدقا ،لا اعرف لكنني اسمعها من جماعة الهاي لايف..وبالتاكيد هي كلمات جميلة،وان كنت تعرف معناها رجاء اخبرني..

يا ولدي ،اعتقد كيوت هو نوع من الشوكولاتة..مثل الكريزة التي تصنعها والدتك رحمها الله..وفي جميع الاحوال هي كلمة عصرية تافهة...دعنا من هذا الهراء ،قل لي ماذا تريد؟..اريد قارورة من العطر الموزامبيقي المميز لاني لا احب العطر الفرنسي الامبريالي...حسنا ،عندي عطر برائحة الكادي مضاف اليه البهارات الهندية وبعض الثوم والبصل الاخضر..ههههههه
انا امازحك ...هو فقط برائحة الكادي والجاردينيا...
اخذت العطر وعدت الى منزلي انتظر صديقي..الو ،انا انتظرك في الاسفل...اصعد يا صديقي لنرتشف فنجانا من قهوة الشعير!!..شعير!!..وهل تريدنا ان ننهق؟..يا صديقي، قهوة الشعير مفيدة جدا وهي اقل ضررا من القهوة العادية..
انت كثير الكلام..ساصعد الان...ما هذا الذي ترتديه؟!..انه قمباز جدي ..اليست حفلة تنكرية...يبدو انك احول..انا قلت حفلة سواريه وليس تنكرية..لماذا تتكلم معي بمصطلحات غريبة..وهل اعطيت الحفلات جنسيات؟!..
في جميع الاحوال،لقد احضرت لك ملابس تتناسب مع الحفلة...ما هذا يا صديقي..انا اكره الجينز،ثم كيف يتناسب الجينز مع هذا الكرش الممتد امامي ؟!..البس فقط لقد تأخرنا...وما هذا ايضا؟..هذا يسمى جوليه..(جاكيت جلد منزوعة اكمامه)..اين اكمامه؟..يا اخي موديله هكذا..وكيف تريدني ان البس هذا الحذاء..كل الوان الطيف الشمسي فيه..اضافة إلى انه براق ولامع..هذا حذاء نسائي؛اضافة أنني لن البس السلسلة،فهذا تشبه بالنساء....يا صديقي البس وابتسم ..انت "كيوت"...انت الان تشبه جون ترافولتا..لا احب هذا الاكلة ترابولتا..انت فعلا فلاح غشيم..هذا ممثل اسمه ترافولتا يا متخلف..ههههه،اعلم مع ذلك لا احبه..اريد ان اشبه "كونتاكنتي"...يا متخلف كونتاكنتي افريقيا اسودا...لا يهم..كلنا عبيد لله..في محاولة للخروج من المأزق حتى لا يقول عني انني لست "كيوت"..!!
هل فرغت؟..نعم،هيا بنا..انطلقنا بسيارتي باقصى سرعة...فانا للمرة الاولى التي احضر فيها حفلة من هذا النوع...
الحمد لله وصلنا،كانت الساعة السابعة ظهرا..وهو موعد اذان العشاء...دعنا يا صديقي نصلي العشاء ثم نذهب للحفلة...تعال هنا ،نتوضأ في القصر ونصلي هناك...وكيف نصلي بهذا اللباس؟..يا اخي عورة الرجل من السرة الى الركبة...حسنا اقنعتني..
لماذا صاحب القصر يضع اشارات مرور داخل قصره؟!..واين هي اشارات المرور؟!..هل انت ابكم لا ترى..الا تراها امامك..كلها تبرق وتلمع...هههههه،يبدو انك سوف تحرجنا بتخلفك هذا...يا صديقي هذه فساتين سواريه للسهرات...اها فهمت ،فساتين صناعة سورية!!..قلت سواريه وليس سورية...وهل سوف نلبسها نحن؟!..اخرس،الا ترى امامك ان النساء يلبسنها للحفلة...واين هن النساء..اقترب وانظر...اعوذ بالله..هل جميعهن زوجات صاحب القصر؟ ..لا،بالطبع لا..اذن لماذا يلبسن هذه الملابس السافرة ..اليس لهن اهل او ازواج...بلى،
هيا بنا لقد بدأت الحفلة...سندخل الى صالة الرقص..وستبدأ الفرقة الموسيقية بالغناء..لقد احضروا المطرب العالمي يوسف الشبح..فهو يغني ويرقص رقصة الجاز..هل للكاز رقصة..يا اخي جاز وليس كاز ..ساندم اني احضرتك معي..هل يمكن ان اسالك سؤالا:لماذا لم يحضروا المنشد يحيى حوى او المنشدة الفلسطينية ميس شلش ثم يختموا حفلتهم بقراءة ما تيسر من القرآن لعبدالباسط او المنشاوي...ممكن تخرس وتسكت..حاضر لن اسال..
صديقي،كل هذه القوارير عصير..اريد ان اشرب من العصير الاحمر..هل هو عصير تفاح..قلت اخرس،فضحتنا..هذا ليس عصيرا ولا تسأل ولا تشرب منه..مفهوم..
بدات الحفلة واختلط الحابل بالنابل واختفت الحمامات بين السنابل..والجميع اصبحوا في عالم اخر ..لا يعرف كل منهم مع من اتى..حتى صديقي الكيوت اصيب بنوبة من الجنون...قررت ان اصعد الى منصة الفرقة الموسيقية واخطف المايك من المطرب لاوقف الجنون...يا اخوان توقفوا..ارجوكم توقفوا ..يخرب بيتكم توقفوا..همس المطرب الكولومبي يوسف الشبح في اذني..تكلم بالانجليزية حتى يفهموك...ولكني لا اعرف الانجليزية...حسنا قل اي كلمة تحفظها...حاضر،وبدات استرجع الكلمات من الصف الخامس الابتدائي..ومن سوء الحظ لم اتذكر الا كلمة dog فقلت فورا dog ثم اتبعتها بكلمة سمعتها في التلفزيون taboo..وكانت المفاجاة ان الجميع توقف واخذوا يرمقونني بنظرات مليئة بالاعجاب..ثم تقدم مني صاحب الحفلة وقال:لمن تقول هذه الكلمات..؟..قلت :هي ما احفظ،حتى تتوقفوا..ولماذا نتوقف ايها الغبي؟..يا اخي اذان العشاء يرفع في المسجد يجواركم وصوت الموسيقى اعلى من صوت المؤذن..هل هذا يجوز؟!..احسنت طبعا لا يجوز..عندما قال هذه الكلمات ارتحت قليلا وشعرت ان بذرة الخير فيه حية..وعندها تشجعت اكثر وقلت:اليس عيبا ان ترتدي النساء هذه الملابس الخليعة ...وتتمايل مع الرجال..ام انه لحم رخيص؟...ابتسم صاحبنا ابتسامة عريضة،ثم غمز لحائط كان يقف بالقرب مني..واذا بضربة اقوى من ضربة رونالدو في شباك المكسيك..واذا بي في المرمى مغشيا علي..افقت واذا به يعد واحد اثنان ثلاثة..ثم رفع يده معلنا فوزه علي بالضربة القاضية؟!