كم من مرة شعرت بأن الناس من حولي الكثير منهم يعاني من حالة إنفصام ...يحملون ملامح الشرق المسلم لكنهم يبذلون جهود مضحكة لتبني أنماط عيش و مفاهيم أخلاقية غريبة عن هويتنا الأصلية و إنتماءنا الحضاري...
فكل شيء في بلادنا المسلمة ينسخ نسخ ما يجود به عقل الرجل الأبيض و الجميع يشعرون بعقدة نقص ناحية هذا الغرب الأبيض المتعال...المثير للإنتباه التنبأ السوداوي لمصير هذا العالم الغربي المتطور من أبناءه المفكرين و بعض سياسييه المتبصرين بينما نحن لازلنا و في جميع القطاعات ننظر إلي الغرب علي أنه بوصلة التقدم و التحضر...
عندما لجأت امريكا إلي الغاز الصخري لتعوض نقص الإمدادات و الأسعار العالية للنفط المستورد، رأينا بعض الحكومات المسلمة تفكر بدورها في إستخراج الغاز الصخري و لم تعير كبير إهتمام للعواقب الخطيرة لإستخراج هذا الغاز علي البشر و البيئة...فالجزائر مثلا لها مصدر طاقة قار رخيص و نظيف، الشمس التي تزور جنوبنا طوال العام و لا تغيب عنه إلا في النادر، لماذا تفكر في اللجوء إلي الغاز الصخري المضر جدا ؟
رأينا قطاع الإعلام الخاص في بلداننا كيف أغرق عقول الناس و أبصارهم بمادة محرمة شرعا و حول الصورة إلي ما يشبه الأوكسيجن، فأصبح الفرد المسلم مدمن التصوير و فضح حياته الشخصية و لم يعد حرمة لنساء بيته بل يصورهم في كل الأوضاع بما فيها الأوضاع المخلة بالحياء، كيف يقدر لهذا المسلم العاص الذي لا غيرة له علي عرضه أن ينصر بالأفعال إخوانه في فلسطين أو النهوض حضاريا ببلاده ؟
حياة الأفراد و الجماعات المسلمة صورة باهتة لحالة إنفصام نفسية خطيرة، فهم يقلدون كل مساويء حضارة غربية محتضرة و عندما ينجر عن هذا التقليد ازمات و مشاكل عويصة يبرز للعيان بشكل جلي مرضهم النفسي. و مثل هذا الحال تعبير واضح للمأزق الفكري و المعنوي و النفسي الذي يلغم وجود المسلمين منذ جلاء قوات الإحتلال المباشر عن أراضيهم.
فالمحتل الغربي إن لم يعد يحتل أرضهم، فهو يحتل عقولهم و أفهامهم و هنا يكمن لب الصراع...