قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 08 كانون1/ديسمبر 2013 20:35

الإسلام و المواطنة

من المفاهيم الأساسية في الفكر السياسي الحديث مفهوم المواطنة أساسا لتوزيع الحقوق و الواجبات في الدولة، فما موقف الفكر الإسلامي منه ؟

1- يرتبط مفهوم المواطنة كما تبلور في الفكر السياسي الحديث بالدولة القومية من جهة و بالديمقراطية من جهة ثانية. و التطور إليهما ارتبط بالعلمانية غالبا، إذ أنه في المجتمعات ما قبل الدولة القومية حيث سادت أوروبا إمبراطوريات جامعة لعدة أعراق و قوميات، كان الرباط الديني هو الرباط الجامع، حتى إذا تفككت تلك الإمبراطوريات وتشكلت على أنقاضها دول قومية بحثت لها عن مصادر بديلة للشرعية تبلورت بعد سلسلة من التطورات الفكرية و الحروب الدينية الطاحنة في معاهدة وستفاليا بين الدول الأوروبية في النصف الثاني من القرن السابع عشر في ما هو متعارف من دول قومية علمانية ديمقراطية، يتمتع فيها كل سكانها على اختلاف الدين و العرق بحقوق متساوية باعتبارهم مواطنين، تنطلق حقوقهم لا من الاشتراك في عقيدة بل في أرض.

مع أن المواطنة لم تكن دائما تعني المساواة في الحقوق مع اختلاف الثروة و الجنس. فلقد ظل حق الانتخاب مقصورا على مالكي الأراضي و الأرستقراطيين، و لم تستكمل المرأة نظريا -على الأقل- حقوق المواطنة مثل الانتخاب إلا في زمان متأخر، و إن ظلت -عمليا- ضحية التمييز في الأجر حتى أيامنا هذه.

السؤال المهم هو: هل هذا الارتباط بين الدولة القومية و العلمانية و الديمقراطية من جهة، و المواطنة من جهة أخرى هو من نوع الارتباط المفاهيمي الضروري كما يزعم البعض؟ أم هو مجرد واقعة تاريخية لا تبرر أي مصادرة على المستقبل، فما حدث في الماضي حتى و إن تكرر لا يحمل دلالة ضرورية على أن المستقبل سيكون على نفس المنوال، حتى مع افتراض أن الماضي كان دائما كذلك، و هو أمر مشكوك فيه.

2- تقديرنا أن هذا الارتباط حتى و لو صح لا يحمل أي دلالة لزومية و إنما مجرد حدث غربي، و الغرب اعتاد في بحثه للظواهر الاجتماعية أن ينطلق من مسلّمة مركزيته الكونية، فما يصح في تاريخه و مجتمعاته يصح قانونا للبشرية في ماضيها و حاضرها و مستقبلها!

و قد تقدم أن الارتباط بين الديمقراطية و العلمانية هو من هذا القبيل هو في أعلاه مجرد واقعة و ليست قانونا، و كذلك الأمر بالنسبة للعلاقة بين فكرة المواطنة و العلمانية أو المواطنة و الدولة القومية. فلقد عرف العالم و منه أوروبا دولا قومية علمانية لا تعترف لكل مواطنيها بحق المساواة بل قد تقترف في حقهم اضطهادا يبلغ حد الإبادة، كما فعلت النازية و الفاشية، و لم يكتسب السود في الولايات المتحدة، مع أنها دولة قومية علمانية، حقوق المواطنة و لو من الناحية النظرية إلا في ستينيات القرن الماضي، و لا يزال المسلمون يتعرضون و كذلك أعراق و ديانات أخرى لضروب بشعة من التمييز و القمع في دول قومية علمانية عديدة. بما يؤكد أن هذا الربط لا يحمل أي دلالة عابرة للتاريخ و إنما هو مجرد واقعة، و مقابل ذلك قامت في الغرب و الشرق حكومات ديمقراطية على أساس المواطنة دون أن تكون علمانية بل تتبنى دينا رسميا مثل المملكة المتحدة البريطانية حيث تجتمع في رئاسة الدولة السلطتان الدينية و السياسية، و كذا حكومات غربية و شرقية أخرى.

3- و في السياق الإسلامي تمتّع أهل ديانات و أعراق مختلفة بحقوق المواطنة أو بكثير منها في ظل حكومات إسلامية عبر تاريخ الإسلام الذي برئ من حروب الإبادة و الاضطهاد الديني أو العرقي، بدءا بدولة المدينة التي تأسست على دستور مكتوب اعترف بحقوق المواطنة لجميع المكونات الدينية و العرقية للسكان باعتبارهم" أمة من دون الناس" حسب تعبير دستور المدينة المعروف باسم "الصحيفة" (سيرة ابن هشام) حيث نصت على أن "اليهود أمة و المسلمين أمة" (أي أمة العقيدة) و أن "المسلمين و اليهود أمة" (هي أمة السياسة أو المواطنة) بالتعبير الحديث أي شركاء في نظام سياسي واحد يخولهم حقوقا متساوية باعتبارهم أهل كتاب و أهل ذمة أي مواطنين حاملين لجنسية الدولة المسلمة من غير المسلمين. قال عنهم أحد أكبر أًئمة الإسلام الخليفة الراشد الرابع علي كرم الله وجهه "إنما أعطوا الذمة ليكون لهم مالنا و عليهم ما علينا".

4- لقد تمتع سكان المدينة من غير المسلمين بحقوق المواطنة و منها حماية الدولة لهم، مقابل أدائهم واجباتهم في الدفاع عنها، و كان إخلال بعض يهود المدينة بذلك الواجب، إذ تحالفوا سرا مع العدو القرشي الذي غزا المدينة مستهدفا الإجهاز على نظامها الوليد، هو مبرر محاربتهم و إجلائهم، و ليس بسبب دينهم، بينما تمتعوا في مختلف إمارات المسلمين على امتداد تاريخ الإسلام بحقوق غبطهم عليها حتى أهل الإسلام، فلم يكن جزاؤهم غير الكيد للمسلمين بأشد مما فعل أوائلهم، و ما فعل صهاينتهم و يفعلون في فلسطين شاهد، و هم أشد الضاربين على طبول الحرب على المسلمين في العالم، مما سيؤول بهم لا محالة إلى نفس المصير.

5- و بينما تمتع كل الأقوام و أتباع الديانات ممن يقيم في أرض الدولة بحقوق المواطنة و منها جنسية الدولة الإسلامية و بذل النصرة و الحماية لهم من كل عدو يستهدفهم، فإن المسلمين الذين لم يلتحقوا بأرض الدولة الإسلامية، مجال سيادتها، لا يتمتعون بهذا الحق بإطلاق، بل إن حق التناصر بين المؤمن و أخيه تأتيه الدولة الإسلامية إذن في حدود ما تسمح به مصالحها العليا و مواثيقها الدولية، و هو ما نصت عليه آية الأنفال التي ميزت بوضوح بين مؤمنين التحقوا بأرض الدولة الإسلامية و مجال سيادتها، فهؤلاء لهم الولاء و الحماية الكاملين و ليس ذلك لغيرهم.

قال تعالى: "إن الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا بأموالهم و أنفسهم في سبيل الله و الذين آووا و نصروا أولئك بعضهم أولياء بعض، و الذين آمنوا و لم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا، و إن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم و بينهم ميثاق، و الله بما تعملون بصير" (الأنفال-72). و هو ما يجعل مقالة الإمام الشهيد سيد قطب الشهيرة "جنسية المؤمن عقيدته" ليست ثابتة، فجنسية الدولة الإسلامية(المواطنة) لا تثبت إلا بالإقامة في أرض الدولة، من قبل المسلم أو غير المسلم، الذمي.

6- و رغم أن مفهوم الذمة شابته شوائب استغلت في تشويهه إلا أنه يظل معلما بارزا من معالم السماحة و التحضر في حضارة الإسلام التي تأسست على مبدأ "لا إكراه في الدين" (البقرة-256) و أيضا "لكم دينكم ولي دين" (الكافرون-6). و مع ذلك فإن هذا المفهوم ليس من ألفاظ الشريعة الملزمة، فإذا غدا يلقي ظلالا من التحقير على جزء من مواطني الدولة غير المسلمين فيمكن الاستعاضة عنه بأي مفهوم آخر تجنّبا للبس، مثل مفهوم المواطنة، مادام يحقق المبدأ الإسلامي في المساواة بين المواطنين، و ذلك على قاعدة "لهم ما لنا و عليهم ما علينا". و لقد ارتضى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قبيلة تغلب العربية النصرانية أن يؤدوا الضريبة تحت عنوان الزكاة لا الجزية، مما يعين على توحيد معايير الاستخلاص الضريبي، كما ارتضى فقهاء معاصرون كبار مثل يوسف القرضاوي و عبد الكريم زيدان اعتبار أن الجزية هي المقابل للخدمة العسكرية، فإذا غدت هذه جزءا من واجبات المواطن بصرف النظر عن دينه فلا يبقى لها مكان، لا سيما و قد قامت دولنا الإسلامية الحديثة على أساس المواطنة أي الاشتراك في امتلاك الوطن من كل سكانه بصرف النظر عن دياناتهم، بعد أن اشتركوا في تحريره من الاحتلال، فقامت شرعية التحرير أساسا لمجتمعاتنا الإسلامية الحديثة بديلا عن شرعية الفتح، التي قامت عليها مجتمعاتنا ما قبل الاستعمار(محمد سليم العوا)، وهو ما أرسى أساسا مشتركا للحقوق و الواجبات بين كل المواطنين على اختلاف اتجاهاتهم و عقائدهم.

7- لا يجد أي دارس منصف للقرآن الكريم و للسنة المطهرة صعوبة تذكر في وضع يده على القيمة المركزية التي يحتلها الإنسان في بنية هذا الدين، و أن البشرية على اختلاف الألوان و الملل و الثروات و المواقع و الأجناس تنحدر من أسرة واحدة، و كل منهم يحمل في ذاته تكريما إلهيا "و لقد كرمنا بني آدم" (الإسراء-70) و أنهم جميعا "عيال الله أحبهم إليه أنفعهم لعياله"و أن "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" (المائدة-32) على اعتبار أن كل إنسان يمثل في ذاته البشرية كلها، فالاعتداء عليه اعتداء عليها جميعا، و نفعه نفع لها جميعا.

و لقد بين المبعوث بالقرآن لبيانه عليه السلام هذا المعنى بمثال عملي مهتبلا فرصة مرور جنازة يهودي، إذ قام لها فتعجب أصحابه. روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه و سلم مروا عليه بجنازة، فقام لها واقفا، إكراما للميت، فقال له الصحابة: يا رسول الله؛ إنها جنازة يهودي و ليست جنازة مسلم، فقال عليه صلوات ربي و سلامه "أليست نفسا؟!" و هو ما يحمل المسلمين على الترحيب بكل ما من شأنه أن يعلي من منزلة هذا الكائن المكرم الذي من أجله خلق هذا الكون و يحفظ حقوقه و يدفع عنه كل ضروب العدوان و يقيم عدل الله في الأرض، فإنما بعث الرسل عليهم السلام من أجل ذلك.

و أجلى معاني العدل، كما ذكر صاحب التحرير و التنوير الشيخ ابن عاشور المساواة، بما يجعل تحقيق هذه القيمة في العلاقات بين البشرية مقصدا أسني من مقاصد الإسلام، و ما يجعل المسلمين أول من يسعد بكل ميثاق لحقوق الإنسان ينتصر لكرامته.

فإذا كانت هذه هي المواطنة قد تحققت في التجربة الغربية في سياق الدولة القومية العلمانية، فتلك واقعة و ليست قانونا لأنها قد تحققت قبل ذلك على نحو أو آخر في سياق التجربة الإسلامية و حسبما سمح به مستوى التطور البشري.

8- و لأن معظم مجالات التدبير لإدارة شؤون الناس هي من أمور الدنيا التي أهّل الله العقل الإنساني لاكتشاف سننها و بالخصوص إذا هو اهتدى بأنوار الوحي، فلا ضير على المسلمين إذن أن "يقتبسوا" من كل التجارب البشرية ما أثّلته من خبراتها مما هو نافع و يصلح لأن يجسد جانبا أو أكثر من مقاصد شريعتنا في العدل و الحرية و المساواة و حفظ الأديان و الأنفس و العقول و الأعراض و الأموال، بما يستبقي مجالات تبادل التأثر و التأثير مفتوحة على مصارعها مع كل الحضارات، و كذا الاستدراك.

9- تقديرنا أنه كما مثلت العلمانية بكل ألوانها ودرجات علاقتها بالمسيحية -حتى لتبدو أحيانا مسيحية متنكرة، كما أكد ذلك الفيلسوف الألماني كارل شميت- مدخل شعوب الغرب إلى الحداثة و ثمارها العلمية و السياسية كالمواطنة و الديمقراطية، فإن سبيل المسلمين إلى ذلك هو الإسلام و ليس غيره بسبب جمعه في منظومة واحدة متماسكة بين ضمير الإنسان و نظامه الاجتماعي، بين المادي و الروحي و الدنيوي و الأخروي، و بسبب عمق قيمه في الوجدان والثقافة، و هو ما يفسر أن تهميشه من قبل النخب العلمانية التي حكمت المنطقة كان العامل الرئيسي في فشل التجارب التنموية على كل صعيد، علمي تقني أو سياسي أو اقتصادي، و منها الفشل في حل القضية الفلسطينية، و كيف ترتجى تنمية على أي صعيد مع استبعاد الروح الجامع و الوقود المحرك للجماهير؟

و إن إنجازات المقاومة في فلسطين و لبنان و العراق و أفغانستان في تعديل موازين القوة على يد حملة مشاعل الإسلام و حلفائهم، بعد أن استسلمت معظم قوى العلمنة، يحمل دلالة على ما يتوفر عليه الإسلام من طاقات تنموية لو أمكن توظيفها لا في الإرهاب و التدمير و إنما في البناء و التعمير. و تمثل المبادرات الذكية الفدائية لنشطاء السلام كما تجلت في سفن الحرية نموذجا لما يمكن أن يحرّكه الإسلام من طاقات و فعاليات في مستوى الجهاد المدني و ليس فحسب في ساحات الجهاد القتالي.

10- كما أننا على تمام الثقة في قدرات الإسلام التنموية على صعيد تأصيل فكرة المواطنة في ثقافتنا و الديمقراطية و المجتمع المدني، و أن السلم هو الأصل في العلاقة مع غير المسلم، و أن الجهاد لم يجعل أداة للدعوة إلى الإسلام أو لفرضه على مخالفيه أو لاستئصال الكفر من العالم، فكل ذلك مباين لنصوص و روح و مقاصد شريعة جاءت لتعلي من حريات الإنسان و تحيله بعد إقامة الحجة عليه مسؤولية مصيره "ليهلك من هلك عن بينة و يحيا من حي عن بينة" (الأنفال-42) و"لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" (النساء-165) و إنما هو سبيل لدفع العدوان و إتاحة حرية الاختيار و العبادة للناس آمنين من كل فتنة و إكراه و حسابهم على الله (انظر المؤلف الضخم المهم للشيخ يوسف القرضاوي "فقه الجهاد".

11- إننا لا نجهل أنه بدوافع رد الفعل على سياسات دولية عدوانية ضد الإسلام و أهله، و ضد حكومات فرضها الغرب على أمة الإسلام، و بأثر الجهل بالإسلام، انبعثت من داخل الإسلام نفسه تيارات مضادة لقيمه الإنسانية العليا تسيء إليه أيما إساءة، و تقدّم وقودا للنار التي يلهبها أعداؤه من حول قيمه لربطها بالإرهاب، و بالعداوة لكل ما ناضلت البشرية من أجله من حريات و حقوق و عدالة و حقوق للنساء و للأقليات و فنون جميلة، و علاقات دولية يسودها السلم باعتباره الأصل في علاقة الإسلام مع غير معتنقيه لا الحرب و القوة. و لكن الإسلام إذا كان رسالة الله الأخيرة إلى خلقه و رحمته بهم فلن يضيّعهم و بالخصوص في زمن ثورة المعلومات و التواصل البشري و الانكشاف المتسارع للحقائق و تزايد الحاجة للرواسي في زمن تزلزلت فيه اليقينيات، و استبدت الحيرة.

12- يبقى العاصم الأساسي من الضلال هو الالتزام بموجّهات الشريعة، و هي موجهات لا تكبل العقل و لا تحد من نشاطه بل تطلقه حرا طليقا مزوّدا بأنوار تهديه و مقاصد تحميه من الضلال و بيقينيات تعمر القلب و تجنّبه الحيرة، "فمن اتبع هداي فلا يضل و لا يشقى" (طه-123)، و لا ينساق مع غرور شيطاني يسوّل له الاستقلال و الاستغناء عن سبب وجوده و وليّ نعمته سبحانه، و تلك الطامة الكبرى الواقعة: غرور العقل بما كسب و زعمه إمكان تنظيمه الحياة و نيل السعادة بمغنى عن الله خالقه سبحانه و رسله، فتألّه، بل أعلن موت الله!! و إنما هو قد أمات نفسه و فقد البوصلة و دخل في مهمه و ظلمات و فوضى بلغت حد تهديد الحياة جملة و تدمير الأسرة حتى "ظهر الفساد في البر و البحر" (الروم-41).

13- كل هذا لا يؤكد الجدوى الإجرائية و القيمية لمفهوم المواطنة و لو في الحد الأدنى من معناه و هو الاعتراف -ولو النظري- لكل سكان بلد بحقهم في امتلاك البلاد بالتساوي، أي بشرعية أن تكون لهم حقوق و فرص وعليهم واجبات متساوية أمام قانون عادل، يقوم على المساواة لا على المحاباة و على الاعتراف بكبرى اليقينيات الكونية أن لهذا الكون خالقا آمرا عادلا رحيما. "و الأرض وضعها للأنام" (الرحمن-10) و"سواء للسائلين" (فصلت-10).

المصدر:

http://www.aljazeera.net/opinions/pages/1da00c65-67d1-4ae7-9635-16c0eb203b4e