قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 09 تشرين1/أكتوير 2023 08:24

لا تفكر.. عش اللحظة!

كتبه  الأستاذ عمار يسري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

“لا تتردد.. لا تفكر.. عِشِ اللحظة” كان هذا أحد شعارات حملة إعلانية لإحدى الشركات الكبرى منذ سنوات عديدة، ولا أعلم حقيقة مقصد العنوان، إلا أنه يمكن القول إنها حملة دعائية بطريقة شبابية طريفة لتحقيق انتشار واسع وبالتالي الحصول على أرباح جيدة..

يشابهه إلى حد ما أيضا اسم الشركة البريطانية (just eat) “كُل فحسب” الذي تشعر معه وكأنه يدعوك لتناول الطعام دون تفكير، فقط خذ قرارك بالأكل ونحن نتكفّل بالباقي، في الحقيقة لا أستطيع التستر هنا على رغبتي في ادّعاء أن هناك تعميمًا لاستخدام وتنزيل مثل هذه الشعارات في حياتنا اليومية، ولعلك تنظر إلى بعض تصرفاتك اليومية التي يتوقف مباشرتك لها أو الإحجام عنها على قرار سريع تتخذه في لحظته، وما إن تفتأ التفكير لدقائق معدودة هل ستباشره أم لا؟ حتى يأتيك هذا الصوت: هيا افعلها لا تُشغل بالك استمتع!!

خصلتان يحبهما الله: الحلم والأناة

أخرج الترمذي في سننه حديثا عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال لأَشجّ بن عبد القيس رضي الله عنه: (إنَّ فيكَ خَصلتينِ يحبُّهُما اللَّهُ: الحِلمُ، والأَناةُ) وأخرجه مسلم مطولا، وقد قال النووي في كتابه المنهاج في شرح صحيح مسلم: “وأما الحلم فهو العقل، وأما الأناة فهي التثبيت وترك العجلة… وسبب قول النبي ﷺ ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إلى النبي ﷺ وأقام الأشج عند رحالهم فجمعها وعقل ناقته ولبس أحسن ثيابه ثم أقبل إلى النبي ﷺ فقَرَّ به النبي ﷺ وأجلسه إلى جانبه… قال القاضي عياض فالأناة تربصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل والحلم هذا القول الذى قاله الدال على صحة عقله وجودة نظره للعواقب”.

انظر إلى الخصلتين اللتين حُمد بهما الأشج، وقارن بينهما وبين ما يحصل الآن من التسرّع واتباع الهوى دون تأنٍ في القرار وبصيرة بالنتائج.

ضغط اللحظة الآنية

لقد أبدع الشيخ فهد العجلان بتناول هذه المسألة في كتابه معركة النص تحت عنوان (سيد الضمانات الفكرية) ومع أن السياق الذي سار عليه الشيخ يتناول الأمر من ناحية الشبهات الفكرية أكثر من قضية الشهوات إلا أن المؤثر فيهما واحد وهو العجلة وترك الأناة، واسمحوا لي بعرض مقاطع طويلة بعض الشيء من هذا الفصل على نفاستها، فمثلا يقول في تعريفها وثمرتها: “الأناة هي صفة خلقيَّة تهيمن على سلوك الإنسان فيغلب عليه الهدوء والاستقرار والتفكير قبل اتخاذ القرار، وتصونه من العجلة والخضوع لضغط نفسي معين.

ما أكثر تلك المواقف التي لو قُدِّر لنا أن نتريث فيها قليلا لما رضينا بها، لكن العجلة وضغط اللحظة الآنية يدفعان الشخص لاتخاذ مواقف غير مقبولة، وهنا تأتي هذه الصفة الجليلة لتجذب النفس عن السقوط في مثل هذه الأخطاء”.

ثم عرض ما ينتج عن غيابها: “ضعف الأناة يفتح على الإنسان ركام التأثيرات النفسية والضغوطات الآنية، فيكون المؤثر ليس هو البحث عن الحق ولا ميزان العدل، بل هي الحالة النفسية التي يعيشها، تدفعه دفعًا إلى تصورات كلية قطعية بصفة سريعة مع قصور ظاهر في استيعاب الفكرة أو تعميمها أو التدقيق في دلائلها”.

أعترف قبل الإكمال بأن مصطلح (ضغط اللحظة الآنية) عجيب ويصف بدقة الحالة الشعورية لمن تَنْقَض عليه أفكاره وشهواته، وذكرني بالمحاضرة البديعة للشيخ إبراهيم السكران (سلطة طرح الأسئلة) والتي ذكر فيها أمثلة لحالات شديدة مرت على الأمة فأنتجت من سطوتها انحرافات خطيرة مثل قضية إنكار المعجزات في فترة من الفترات بسبب الضغطة المادية الغربية حينها التي تُعلي من قيمة المادة وتبخس من التصورات الغيبية، أما الآن بعد مرور هذه الضغطة لا تجد تعاطيًا لهذه القضية كما كانت حينها.

إذن فإن ضعف الأناة يضع الإنسان تحت ضغط التأثيرات النفسية الحالية فلا يرى حقيقة ونتائج قراراته المستقبلية، إنما هي سطوة أتته فضغطت عليه ولم تسعفه أَنَاتُه منها فكاكا ولا فيها تفكيرا.

ثم ختم بلفتة بديعة في الدعاء والاعتصام بالله عند حلول الضغوطات: “ومن أعظم ما تثمره الأناة: الدعاء، فالقضية هنا ليست مسائل يتعامل معها بمنطق رياضي، إنما هي أنفس متقلبة، فيها أهواء وشهوات ورغبات، ويعتريها نقص ونسيان، وتؤثر فيها الضغوط والمتغيرات، فليس بالضرورة أن ما تراه عقلاً هو العقل في حقيقة الأمر، بل ربما هي الأهواء والشهوات التي تحسبها عقلاً وهنا تأتي الحاجة إلى الالتجاء إلى الله، والصدق في مناجاته، والتذلل بين يديه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، ولهذا كان من دعاء النبي ﷺ: (اللهم ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السَّماوات والأرض، عالم الغيب والشَّهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك، إنَّك تهدي مَن تشاء إلى صراطٍ مُستقيمٍ).

يا الله، ما أعظم أن تستخير الله وتطلب هدايته فيما أشكل عليك وما اختلف فيه الناس! إنك تعترف بنقصك وضعفك وأهوائك، وتلتجئ إلى من بيده مقاليد كل شيء، موقف عظيم لن يعرفه إلا ذو أناة، حريٌّ به أن يُهدى إلى الحق وأن يُعصم من الفتن، وحريٌّ بمن اعتمد على نفسه وعقله أن يكِلَه الله إلى قصوره وعيوبه فلا يجد إلا الخذلان والاضطراب ومخالفة العقل”.

فانفذ إلى بوابة الثبات الكبرى الدعاء؛ فليس الأمر بيدك إنما بيد مولاك وسيدك.

الصبر أم اتباع الشهوة؟

وقد أدخل الإمام ابن تيمية اتباع الشهوات في جملة التشبه بالكفار في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم فألحقه بقول الحق، {كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [التوبة: 69]،

 ثم بين وجه المشابهة بين الآية واتباع الشهوات فقال: “فقوله سبحانه {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ} إشارة إلى اتباع الشهوات وهو داء العصاة… ثم قوله {فَاسْتَمْتَعْتُم} و {وَخُضْتُمْ} خبر عن وقوع ذلك في الماضي وهو ذم لمن يفعله إلى يوم القيامة…”

وجعل المسلمين على خلاف هذه الحالة، في الصبر على ما يرد عليهم والتبصر بحقيقته، فقال: “وقد وصف الله أئمة المتقين فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] فبالصبر تترك الشهوات وباليقين تدفع الشبهات. ومنه قوله: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر: 3]، ومنه الحديث المرسل عن النبي ﷺ: (إن الله يحب البصر الناقد عند ورود الشبهات ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات)”.

وليس الإشكال فيما نتحدث عنه في مجرد الفكرة أو الشهوة فهذا أمر إنساني جِبِلي يطرأ على الجميع، ولكن في كيفية التعامل معها، أبالصبر والأناة أم بالعجلة والتهور؟

كيف تواجه لحظة الضغط الآنية؟

ونختم بذكر الحل الذي يراه الإمام الأديب الماوردي لمشكلة الشهوة الآنية في كتابه (أدب الدين والدنيا) فيقول في فصل ذم الهوى: ” فلما كان الهوى غالبا وإلى سبيل المهالك موردا جُعل العقل عليه رقيبا مجاهدا يلاحظ عثرة غفلته ويدفع سطوة بادرته ويوضح خداع حيلته لأن ١- سلطان الهوى قوي ٢- ومدخل مكره خفي، ومن هذين الوجهين يؤتى العاقل حتى تنفذ أحكام الهوى عليه، أعني بأحد الوجهين: قوة سلطانه، وبالآخر: خفاء مكره”.

ولعلنا نكتفي بذكر حل الوجه الأول وهو قوة سلطان الهوى؛ لأنه الأخص بموضوعنا: “فأما الوجه الأول فهو أن يَقوى سلطان الهوى بكثرة دواعيه؛ حتى تستولي عليه مغالبة الشهوات، فيَكلّ العقل عن دفعها، ويضعف عن منعها، مع وضوح قبحها؛ في العقل المقهور بها.

وهذا يكون في الأحداث أكثر، وعلى الشباب أغلب؛ لقوة شهواتهم، وكثرة دواعي الهوى المتسلط عليهم، وأنهم ربما جعلوا الشباب عذرا لهم… وحسم ذلك: أن يستعين بالعقل على النفس النَّفور، فيشعرها ما في عواقب الهوى من شدة الضرر وقبح الأثر وكثرة الإجرام وتراكم الآثام؛ فقد قال النبي ﷺ: (حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات) [أخرجه الشيخان]، أخبر: أن الطريق إلى الجنة احتمال المكاره، والطريق إلى النار اتباع الشهوات”.

خلاصة الكلام

ختامًا؛ فإن من أسوأ التبعات التي تنتج عن العجلة وترك الأناة أن تعيش اللحظة كلحظة واحدة، تستمتع بها وينتهي الأمر، فلا ترى تلك اللحظة في الصورة الكبيرة، بأنها لحظة تُكَون عمرك وتفاصيل حياتك وشخصيتك، فأي فعل سواء كان صحيحًا أم خاطئًا لمّا تفصله عن الصورة الكبيرة وتجعله لحظة صغيرة تعيشها وتنتهي، تجد الذنب عملًا تافهًا يتصاغر في عينيك فلا ترى تأثيره البعيد وعلى العكس ترى الأعمال الصالحة المركزية صغيرة لا تؤثر في حياتك أو شخصيتك.

أما عيش اللحظة الحقيقي يكون بإدراك معناها ورؤية آثاراها ومآلاتها القادمة، أن ترى الصورة كاملة بأن تعلم التغيير الذي سيحدث بتراكم هذه اللحظات في شخصيتك وحياتك، وتعلم أنك محاسب عليها {فَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَیۡرࣰا یَرَهُۥ ۝٧ وَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲ شَرࣰّا یَرَهُۥ ۝٨} [الزلزلة: 7-8]، قال ابن عاشور في تفسيرها: “والذَّرَّة: النملة الصغيرة في ابتداء حياتها”!!

الرابط : https://al-sabeel.net/%d9%84%d8%a7-%d8%aa%d9%81%d9%83%d8%b1-%d8%b9%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ad%d8%b8%d8%a9/

قراءة 258 مرات آخر تعديل على الإثنين, 09 تشرين1/أكتوير 2023 08:30

أضف تعليق


كود امني
تحديث