قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 12 شباط/فبراير 2020 21:14

كيف أضعنا نواة الشورى

كتبه  الأستاذ جودت سعيد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن الله لما ذكر في القرآن وسائل النقل التي كانت معروفة إلى عهد قريب ذكر الخيل و البغال، ثم قال "و يخلق ما لا تعلمون"، و نحن رأينا

وسائل جديدة للنقل في عصرنا لم تكن لتخطر على بال أحد من البشر. بل حتى أن وسائل نقل الأفكار و المعلومات تطورت في العقود

الماضية بسرعة عجيبة. أما وسائل نقل الحكم خلال التاريخ البشري فقد كانت تتم بالعنف و القتل و الوراثة، إلا أن البشر طوروا أيضا

وسائل انتقال الحكم في الغرب بإدخال مفاهيم الشورى و العدل و المساواة. و هي أمور يصعب على كثير من المجتمعات اقتباسها و التكيف

معها لطول المدد التي عاشها الناس على الطرائق القديمة. أي أن المجتمع الذي لا يمارس الديمقراطية الآن هو كالفرد الذي يركب الخيل

والبغال و الحمير في عصر السيارات و الطائرات.

 

ولا يتمكن الناس من التكيف مع الطرق الحديثة، لأن التغلب على المواريث التي ترسخت في نفوس الناس صعب و خاصة أن رصيد

تحصيل هذه الطرق الحديثة جاء بتطور بطيء و بمعاناة شديدة، و دُفعت أثمان باهظة من الحروب و الفتن التي كانت تبدد الموارد البشرية.

وهذا الوعي التجريبي التاريخي المتعمق و الممتد هو الرصيد الذي أوصل البشر إلى إبداع وسائل الحكم بين الناس بالعدل و المساواة

والخروج من العنف و الوراثة الأبدية للحكم.

 

والعصر الإسلامي الأول كان متكيفاً و قدم نموذجاً و لو كان فلتة تمت لمدة قصيرة، و لكن الله وقى شرها باعتراف عمر ثم جعلها شورى

بين الستة أشخاص الذين مات رسول الله و هو عنهم راض. ذكرت في مقال سابق كيف كان الرسول (ص) و أصحابه ينفذون الشورى في

اتخاذ قرارات الحرب بطلب من الرسول و بمبادرة من أصحابه. و سأسوق لكم مقطعا مطولا عن موضوع الشورى في انتخاب الخليفة كما

ورد في البخاري: "عن ابن عباس قال …قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى

أجد سعيد بن زيد جالساً إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر فلما رأيته مقبلأً قلت لسعيد ليقولن العشية

مقالة لم يقلها منذ استخلف فأنكر علي و قال ما عسيت أن يقول: ما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذن قام فأثنى على الله

بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها و وعاها فليحدث بها حيث انتهت

راحلته و من خشي أن لا يعقلها فلا أحل أن يكذب علي، إن محمداً (ص) بالحق و أنزل عليه الكتاب … فذكر أموراً… ثم قال إنه بلغني أن

قائلاً منكم يقول: و الله لو قد مات عمر بايعت فلاناً فلا يفترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة و تمت ألا و أنها قد كانت كذلك

و لكن الله وقى شرها و ليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلاً من غير مشورةٍ من المسلمين فلا يبايع هو و لا الذي

بايعه تَغِرَّةً أن يقتلا و إنه قد كان من خيرنا حين توفى الله نبيه (ص) أن الأنصار خالفونا و اجتمعوا بأَسْرِهم في سقيفة بني ساعدة و خالف

عنا علي و الزبير و من معهما و اجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء الأنصار فانطلقنا

نريدهم فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلنا نريد إخواننا هؤلاء

من الأنصار فقالا لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم فقلت و الله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة… فلما جلسنا قليلا

تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله و كتيبة الإسلام و أنتم معشر المهاجرين رهط و قد دفت دافة من

قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا و أن يحضنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم و كنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن

أقدمها بين يدي أبي بكر و كنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان

هو أحلم مني و أوقر و الله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم من

خير فأنتم له أهل و لن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا و دارا و قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا

أيهما شئتم فأخذ بيدي و بيد أبي عبيدة بن الجراح… فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير و منكم أمير يا

معشر قريش فكثر اللغط و ارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته و بايعه المهاجرون ثم

بايعته الأنصار… قال عمر و إنا و الله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم و لم تكن بيعة أن

يبايعوا رجلا منهم بعدنا فإما بايعناهم على ما لا نرضى و إما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع

هو و لا الذي بايعه تغرة أن يقتلا".

و في مسند أحمد: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام على المنبر يوم الجمعة… ثم قال رأيت رؤيا لا أراها إلا لحضور أجلي … و

إن الناس يأمرونني أن أستخلف و إن الله لم يكن ليضيع دينه و خلافته التي بعث بها نبيه و إن يعجل بي أمر فإن الشورى في هؤلاء الستة

الذين مات نبي الله و هو عنهم راض فمن بايعتم منهم فاسمعوا له و أطيعوا …و إني أشهد الله على أمراء الأمصار إني إنما بعثتهم ليعلموا

الناس دينهم و يبينوا لهم سنة نبيهم و يرفعوا إلي ما عمي عليهم … قال فخطب الناس يوم الجمعة و أصيب يوم الأربعاء".

 

كانت هذه الخطوات تطوراً نوعيا و نواة و كان يمكن أن تتطور إلى مجلس شورى حقيقي. إلا أن المسلمين فقدوا هذا. و لكن البشر تطوروا

و عانوا حتى ظهرت نماذج من الحكم الشوري في اتحادات مثل الاتحاد الأوربي، أي أن الديمقراطية الحديثة نموذج جديد متطور أصله

ثابت في الإسلام و في الكتاب و السنة، و فرعه في تطور العالم باسق.

 

و نحن الآن حين نحلل هذا الفهم الذي به فهم المعاصرون لنزول القرآن، و أضفنا إليه فهم آيات الآفاق و الأنفس، فيمكن أن نفهم منه أمرين

مهمين في مشكلة الحكم و السياسة، و هذان الأمران المهمان جداً هما: أولاً أن يكون الحكم برضى الناس و استشارتهم، أي أن لا يكون

بالقوة و العنف، و ثانياً أن الملك ليس بالوراثة.

 

هذان الأمران ثابتان، و إن حصل قصور في تحقيق ذلك. و حين سمى المسلمون عهد الخلفاء الراشدين بالرشد فهذا لأن الخلفاء الأربعة

الأوائل لم يأتوا بالإكراه و لا جعلوها وراثة في أبناءهم. "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"، فالذي يأتي بالإكراه لا يكون رشداً.

وهذان الأمران واضحان جداً في هذا الحديث الطويل الذي سقناه و يكفي أن لا يضيع الأصل في الإسلام، "و أمرهم شورى بينهم". وعلينا

أن نسرع في نشر هذا الوعي و إدانة العنف و الصبر على تعليم الناس و تحمل ميثاق الله في تبليغ ما أنزل الله و أرانا في الأفاق و الأنفس

بتصميم لا عودة عنه.

 

الرابط : https://www.jawdatsaid.net/index.php?title=%D9%83%D9%8A%D9%81_%D8%A3%D8%B6%D8%B9%D9%86%D8%A7_%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%88%D8%B1%D9%89

قراءة 862 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 26 شباط/فبراير 2020 11:00

أضف تعليق


كود امني
تحديث