قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 22 أيار 2015 15:57

أي نظام سياسي تحتاجه تونس و الأمة؟

كتبه  الأستاذ منصف المرزوقي
قيم الموضوع
(0 أصوات)
 

النظام السياسي بالنسبة للدولة بمثابة الجهاز العصبي بالنسبة للجسم، فهو الذي يتحكم في الأنظمة الاجتماعية الضرورية لتسيير شؤون المجتمع، مثل النظام الاقتصادي و الصحي و الأمني و القضائي و التربوي و الثقافي. إن فسد النظام السياسي فسدت كل هذه الأنظمة و تعرّض المجتمع لجملة من الأخطار، منها انعدام الاستقرار و إهدار الطاقات و تأخر التنمية و العجز عن التعامل مع المشاكل المتفاقمة.

و تاريخنا الحديث أصدق شاهد على الأمر. و من ثم أهمية وضع نظام سياسي لتونس الغد –أو لمصر الغد أو لأي قطر من أقطار الأمة- يحمينا من كل العثرات و يضمن للأجيال المقبلة أقصى قدر ممكن من فرص العيش الكريم.

أمر بمثل هذه الخطورة يتطلب مجلسا تأسيسيا يَكتسب من انتخابه من قبَل الشعب كل الشرعية و الهيبة و المصداقية الضرورية لعملية صياغة دستور يُعرَض على الاستفتاء و يؤسس للدولة و للمجتمع، ربما لقرون عديدة.

يبقى السؤال الضخم الذي يجب على كل مواطن حرّ أن يكون واعيا به و أن يناضل من أجله:

أي نظام سياسي جديد يجب أن نؤسسه نحن -التونسيين، و كل العرب- ليحمي هذا الجيل و الأجيال القادمة من الوضع الذي عرفناه تحت المجاهد الأكبر و الهول الذي عرفناه تحت المجرم الأكبر.

إن طبيعة هذا النظام كامنة في الرفض القطعي لكل ما عشنا إلى حد الآن من هيمنة الشخص و نرجسية الزعيم الأوحد و تغييب الحريات و استغلال القضاء و تنظيم الانتخابات المزيفة و الحكم بأجهزة الدعاية و المخابرات.

يكفي أن ننظر لطبيعة النظام الذي حكمنا منذ الاستقلال الأول و أن نعكسه لكي تتبين لنا ملامح النظام المرجوّ. لكن منهجية "العكس" و إن كانت ضرورية غير كافية، فلسنا أول أو آخر شعب يبحث عن "النظام المثالي" و كم هناك من تجارب سبقتنا نستطيع التعلّم منها و استغلالها لتصوّر ما إن لم يكن النظام المثالي فعلى الأقل يكون النظام الأكثر متانة و الأقل عيوبا.

مثل هذا النظام يتمتع بثلاث خصائص لا مناص منها: الديمقراطية و الاستقرار و الفعالية. لاحظ أننا نستطيع أن نكتب الاستقرار و الديمقراطية و الفعالية أو الفعالية و الاستقرار و الديمقراطية. لماذا؟ حتى ينتبه المرء أن الخصائص الثلاثة وثيقة الارتباط و ليست شروطا مرتبة حسب الأهمية يمكن أن نكتفي بأهمها و نغفل البقية.

فالديمقراطية إذا كانت سببا في عدم استقرار سياسي يتمثل في صعوبة تشكيل الحكومات الائتلافية أو في تساقطها الواحدة بعد الأخرى، تصبح جزءا من المشكل لا من الحل، حيث تضاف لقائمة المشاكل الأخرى التي يعاني منها المجتمع.

أما النظام المستقر دون ديمقراطية فهو لا شيء غير شكل آخر من الاستبداد. و أما الفعالية في غياب الديمقراطية و الاستقرار فغير ممكنة أو حلم تكنوقراط أثبتوا دوما أنهم لا يخدمون إلا مصالح النخبة التي ينتمون إليها.

لنتناول بشيء من التفصيل الأسس الثلاثة لنظامنا المنشود دون أن ننسى لحظة واحدة أنها لا تجزّأ.

1- الديمقراطية:
هي كما نعرف أخلاق جماعية و تقنيات حكم. الأخلاق هي القبول عقلا و عاطفة بالتعددية الفكرية و العقائدية و التنظيمية، كأمر طبيعي داخلَ المجتمع، و بشرعية الخلاف و الصراع على المواقع و المشاريع، لكن بالكلمات لا باللكمات و صدق من عرّف الديمقراطية بأنها حرب لكن بوسائل سلمية.

مثل هذا القبول بدأ يفرض نفسه يوما بعد يوم في مجتمعاتنا العربية المنهكة بتبعات التعصب العقائدي و الحزبي و الطائفي، و لو أنه صعب على من تربوا على فكرة الإجماع بالقوة و الأحادية العقائدية و الحزبية.

أما بخصوص التقنيات فهي أربع:
- الحريات الجماعية و أساسا حرية الرأي و التنظيم (ترجمْ حرية التشهير بالفساد و بسوء التسيير و لو تعلق الأمر برئيس الدولة، دون الخوف من أي قصاص، و حرية تأسيس الأحزاب الساعية للسلطة).

- الحريات الفردية و أساسا الحق في الحياة الخاصة و العيش دون خوف من البوليس السياسي و التنصت الهاتفي و الملاحقة غير القانونية من أجل الأفكار و المواقف.

- الفصل بين السلطات حيث يكون البرلمان وحده المخوّل بإصدار القوانين و يكون القضاء مستقلا (ترجمْ للقاضي قدرة إحالة رئيس الدولة نفسه على المحاكمة هو و من معه، في حالة ارتكاب أية جريمة سياسية أو جريمة حق عام).

- سيادة الشعب عبر تنظيم انتخابات مجهولة النتائج سلفا، حيث يمكن أن تطيح بالسلطة القائمة و ينبثق عنها سلطة تنفيذية يمثلها رئيس لا يرشح لأكثر من فترتين، و عبر برلمان يسنّ القوانين و يراقب حكومة مهمتها تصريف شؤون المجتمع لفترة ما بين الانتخابين.

لا خلاف اليوم حول ضرورة استبدال حرف الغين بحرف القاف و قد اكتوينا طويلا بالقضاء المستغلّ و كلنا عازمون على أن يكون لنا قضاء مستقلّ. كما لا خلاف حول ضرورة أن يكون البرلمان ممثلا للمواطنين و ألا يتشكل من بين أفراد ذلك القطيع من منتحلي الصفة، الذي يعينه الدكتاتور في إطار المهازل الانتخابية المثيرة للاشمئزاز.

المشكل يكمن في توزيع السلطة بين رئيس الجمهورية (أو الملك في الأنظمة الملكية) و بين رئيس الحكومة المنبثقة عن الانتخابات.

ثمة من ينادي اليوم في تونس بنظام برلماني صرف يكون فيه الرئيس مجرّد رمز لوحدة البلاد لا يتمتع بأي صلاحية سياسية، كل هذا كردّ فعل طبيعي على الشطط الذي عرفناه أكثر من نصف قرن.

ما يتجاهله هذا الموقف هو:
- أن تونس أو مصر لم تعرف يوما نظاما رئاسيا كالذي يوجد في فرنسا أو الولايات المتحدة و إنما عرفتا نظاما استبداديا ليس له من الرئاسي إلا الاسم (مثلما لم يكن له من النظام الجمهوري إلا الاسم).

- أن هتلر و موسوليني و سالازار و فرانكو و ستالين لم يكونوا رؤساء و إنما "قنعوا" بمنصب الوزير الأول أو السكرتير العام للحزب. أما أنديرا غاندي في السبعينيات فقد كانت رئيسة وزراء و مع هذا انقلبت على الديمقراطية و لولا اغتيالها لكانت أول دكتاتور هندي.

- أن التقنية الأولى لمحاربة الاستبداد هي توزيع السلطات بين التشريعي و القضائي و التنفيذي، و أحسن ضمان لتعميقها هو توزيع السلطة بصفة محكمة بين الرئيس و الوزير الأول، كي لا يبطش أحدهما بالآخر و لكي يستحيل على أي منهما أن يصبح دكتاتورا. مثلا، لا بدّ من منع وقوع الأمن و الجيش تحت سلطة واحدة فيكون الجيش تحت إمرة الرئيس و الأمن تحت إمرة الحكومة.

كما يجب أن تعود سلطة إدارة الشأن العام للحكومة فقط، لكن يجب أن يكون كل ما يتعلق بالثوابت، مثل السياسة الخارجية و الأمن القومي و الحفاظ على الحريات العامة و الدستور، من صلاحيات الرئيس. بهذه الكيفية يقع التوازن المنشود.

2- الاستقرار:
لسنا بحاجة للتدليل على أهمية الاستقرار حيث لا تستطيع الأنظمة الاجتماعية الكبرى تحقيق أهدافها إلا بالتخطيط على الأمد البعيد، و هذا يتطلب ألا تتغير سلطة الإشراف السياسي باستمرار أو على وتيرة سريعة.

لذلك قد يكون من المجدي أن تحدد الفترات النيابية و الرئاسية بست أو حتى بسبع سنوات، مع إمكانية تدخّل القضاء لفرض انتخابات مبكرة أو إيقاف الرئيس عن مهامه في حال ظهور تهديد للديمقراطية أو نقص فادح في الأداء. لكن الشرعية و تطويل فترة الحكم، هي إجراءات غير كافية لتحقيق الاستقرار.

فتجارب كل الشعوب تثبت أن النظام البرلماني بالتمثيلية النسبية، عنصر كبير من عدم الاستقرار السياسي. مثل هذا النظام الذي يمكّن كل الأحزاب من التواجد بالبرلمان حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها، ينتج برلمانا "فسيفسائيا" يعبرّ أصدق تعبير عن الخارطة السياسية لحظة الانتخاب، لكنه لا يسمح بظهور أغلبية قادرة على تسيير شؤون البلاد حسب برنامج واضح. في مثل هذا النظام يعوّض السياسوية السياسة و تصبح عملية تأليف الحكومة الشغل الشاغل للجميع، و تتميّع البرامج في إطار التحالفات المتغيرة.

الغريب في مثل هذا النظام أن الأقليات السياسية تستطيع فرض برامجها على أحزاب لم تحصل على الأغلبية و بحاجة إلى دعمها، و هكذا ينقلب النظام الديمقراطي من حكم الأغلبية إلى حكم الأقليات. لقد دفعت عيوب نظام التمثيلية النسبية دولا مثل فرنسا للتخلي عنه لصالح نظام الاقتراع الأغلبي.

المشكلة أن هذا النظام ليس ديمقراطيا بما فيه الكفاية إذ لا يعقل أن يلغى من الفعل حزب حصل على 49% من الأصوات. ثمة إذن تناقض هنا بين مطلب الديمقراطية و مطلبي الاستقرار و الفعالية. لا حلّ سوى ما يفرضه المنطق و المصلحة العامة أي أن نجد صيغا تقنية تمكن من إفراز أغلبية لا تبتزها الأحزاب الأقلية، و في نفس الوقت تسمح بوجودها في البرلمان و البلديات لتكون شاهدا و مشاركا.

3- الفعالية:
كيف يمكن قياس فعالية نظام سياسي؟ طبعا بأدائه في الحفاظ على الحريات الفردية و العامة و في القطع المستمر للنباتات المدرّة للفساد التي تنبت باستمرار، و خاصة بتمكين كل الطاقات المشلولة في النظام الاستبدادي من المشاركة الفعلية في أخذ القرار و تنفيذه و تقييمه داخل النظام الصحي و التربوي و الاقتصادي... إلخ.

مثل هذا الوضع لا يتحقق إلا بإشراك المواطنين على أوسع نطاق ممكن في تسيير الشأن الجماعي حيث لا مجال لتركه حتى بين يدي الممثلين الشرعيين، و ما أسهل انزلاقهم نحو الاستبداد أو رداءة الأداء.

لإشراك المواطنين في عملية بناء النظام الرشيد و تعهده و حمايته، هناك مستويات عدة، مثلا:

- تشجيع و تمويل المنظمات المدنية من المال العام و اعتبارها طرفا في البناء يقع التعاقد معها لتحقيق جملة من المهام المكملة لمهام الدولة.

- خلق مجالس عليا للصحة و التعليم و الأمن تتلاقى داخلها كل الأطراف لتقييم أداء المؤسسات و طرح بدائل الإصلاح.

- خلق مؤسسات مستقلة من أهمها المؤسسة المستقلة لمتابعة الفساد، و مهمتها التوعية و التدريب على كشف البؤر و متابعة الفاسدين، يضاف إليها المؤسسة المستقلة لمراقبة التعذيب و المعاملات المشينة داخل مراكز الشرطة و السجون و مستشفيات الأمراض العقلية و مآوي العجّز.

- خلق نظام شعبي موازٍ للنظام السياسي، أي لجان في المدن و الجهات تحت وصاية لجنة وطنية و تعمل على متابعة كل أشكال الفساد و المحسوبية و مراقبة أداء الموظفين. و تكون المؤتمن على تحقيق أهداف الثورة و عدم التفاف أي طرف عليها و هو الخطر الداهم الذي يتهدد دوما كل ثورة.

و في آخر المطاف يمكن القول إن تجربتنا المريرة مع الاستبداد و التجريب الدائم الذي نراه من حولنا بحثا عن أحسن نظام للحكم الرشيد، تفرض علينا ملامح نظام ديمقراطي تتوزع فيه الصلاحيات بين رئيس لا علاقة له بالبعبع القديم و برلمان يتشكل من أغلبية تستطيع الحكم استنادا إلى برنامج واضح، مع حضور كل الأطراف السياسية أيا كان وزنها الانتخابي، كل هذا في إطار مشاركة شعبية واسعة النطاق و في كل المجالات تحت إشراف قضاء أصبح أخيرا الضامن الأكبر لما سماه ابن خلدون أساس العمران: العدل.

مثل هذا النظام الذي تصورناه في يوم من الأيام حلما أصبح اليوم قاب قوسين أو أدنى من التحقيق في تونس، و غدا بعون الله في كل أرجاء وطننا العربي. فإلى الأمل و إلى العمل أيها التونسيون و العرب. حانت لحظة التحاقكم بالتاريخ بعد أن كسر حاجز الثورة السد الاستبدادي الذي جعل من أمتنا مستنقعا نتنا، و ليتدفق من هنا فصاعدا السيل الجارف للماء الزلال... ماء الحياة و الحرية و الكرامة.

المصدر:

http://www.alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=14514

قراءة 1377 مرات آخر تعديل على الخميس, 18 حزيران/يونيو 2015 11:37

أضف تعليق


كود امني
تحديث