بسم الله الرحمن الرحيم سورة البقرة الآية 183 :( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون). في هذه الآية الصيام رديف التقوي و إن الحقه الله عز و جل بلعل و هي كلمة شك تفيد التوقع و الترجي في الأمر المحبوب* و معني ذلك أن شعيرة الصيام ليس كل من قام بها سيبلغ بها مرتبة التقوي، فالصائمون كثر و كثيرون منهم من يصوم و يكذب و يغش و يمشي بالنميمة و هذا الصنف من الناس، لا تنطبق علي صيامه صفة التقوي.
نحن في هذا الشهر الفضيل و الذي نستقبل أيامه المباركة في توقيت دقيق: نقف و منذ حوالي خمسة عقود علي مشاهد محزنة لا تبشر بالخير لأمة الإسلام المكلومة.
أصبح المسلم في ديارنا يصوم لئلا يقال عنه مفطر، هذا و كل ما يتبع فعل الصيام من الإرتقاء و السمو بأخلاق الفرد لا يرد علي بال الصائم المتذمر و هذا النوع من الصائمين يمثلون شريحة هامة من مجتمعاتنا التائهة بل بات بعضنا علي هذا الرأي العجيب : أنهم يتفضلون علي الله بصومهم، هل يعقل هذا الإنحدار و الإنحطاط في مقاربتنا لفعل العبودية لله ؟
نعم يعقل، لماذا ؟
لأن إيماننا نفسه مصاب بلوثة و العياذ بالله. كأننا حصلنا علي صك الغفران و بموجبه نحن في غني عن إفراد الله بالعبودية ثم نتحسر و حالنا علي ما هو علي خيبة مسعانا في كل ما نطمح إليه و كيف لا يخيبنا الله و نحن نمن عليه تعالي بإيماننا و إسلامنا ؟ و هل حقا نحن نوحد ؟ و هل حقا نحن آمنا به ؟
ما هذا الإيمان الذي لا يحرك فينا ضمير الخير و السعي إليه ؟ ما هذا التوحيد الذي لوناه بمختلف اشكال الشرك بالله بحيث صرنا نعبد الدينار و كل شيء سوي الله ؟
كيف نصوم و لا نستشعر عظمة فعل طاعة رب العالمين ؟
و هل هذا الإمتناع عن الأكل نعده صياما ؟
و كيف نعظم من شأن الناس فنتملقهم بالصوم و نستهين بالله العلي القدير، فلا نخاف غضبه و لا نخشي سخطه ؟
كيف نذهل علي الحق و يغيب عنا ان هذا الشهر شهر رحمة و بركات و قد نزل فيه الفرقان و من سئل الله حاجة يجده تعالي مستجيب له، فالإيمان الحقيقي علامة رشد العبد. ألم يقل الله تعالي في محكم آياته من سورة البقرة الآية 186 : ( و إذا سألك عبادي عني فإنني قريب أجيب دعوة الداع إذا ما دعاني فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) ؟
في هذا الشهر يتميز المسلم المؤمن التقي عن ذلك المزيف و كفانا شر النفاق، فإن كان الصائم المزيف قد ينجح في خداع الناس فلن يخادع خالقه تعالي و الله في غني عن صومه في كل الأحوال.
لنا أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا، فالعمر قصير و الأجل وارد في كل وقت و الجحيم حق و أفضل خيار أن نتوكل علي الله و أن نختار رضاه عوض أن نضيع الخلود و نحن نكتوي بنار سقر...
*