في هذه الرواية ناقشت الكاتبة ماري اش، سلطة الكنيسة و سلطة القانون الوضعي و الأعراف الإجتماعية و كيف
أن بعض الأسر المتدينة نبيلة المنبت تقاوم من أجل تربية بناتها تربية قائمة علي مبدأ الحفاظ علي عفتهن وسط
آفات العلاقات الجنسية الحرة و الشذوذ الجنسي و التحرش الجنسي في الإتجاهين و معضلة القيم المادية و
طرحت تصور عبر عملية تمزق نفسية عاشها البطلين الرئيسيين و الأخطار التي تتهدد المجتمع
المسيحي الكاثولوكي و كيف أن صاحب العفة في حالة حرب مستمرة ضد شيطان الهوي.
نبدأ بالمشهد الأول :
"في نهاية الثمانينات من القرن العشرين بروما في كنيسة المسيح المخلص، تقدمت الدوقة ماجدلينا دي
ميسارو أرملة دوق جيانلوكا دي سينارو بثياب الحداد و بوشاح أسود علي رأسها، كان إلي جنبها أب
الكنسية ليورناردو دي فيل في حضور مهيب لرجال العائلتين النبلاء، وضعت يدها و أيدي إبنتيها روزانا و
غابريلا علي تابوت زوجها المتوفي و في حضرة الصمت المهيب/ أقسمت :
اقسم بإسم الرب و يسوع يا أغلي ما أعطاني إياه الرب جيانلوكا أنني لن أتزوج بعدك أبدا و سأسخر حياتي لتربية
بنتيك و أزوجهما بزوجين صالحين، ألقاك جيانلوكا يوم البعث عند الرب."
كانت الوجوه دامعة و حزينة/ تنحت جانبا ماجدلينا ثم تقدم الرجال ليحملوا جثمان الدوق الشاب جيانلوكا دي
سينارو و أتجهوا إلي خارج الكنيسة نحو المقبرة العائلية."
لنسجل كيف وضعت المسيحية الكاثولوكية الدوقة ماجدلينا دي ميسورا يدها و يدي إبنتيها علي تابوت ابيهما و
نوعية القسم الذي اقسمته
لا زواج بعد زوجها المتوفي
تربية صالحة لإبنتيهما
و تزويج البنتين زوجين صالحين.
في إيطاليا في العصر الحديث تعيش أقلية نبيلة كاثولكية، البعض منها متدين و البعض الآخر جد متحرر أو لنقل
منحل أخلاقيا. المتدينون ينظر لهم من عامة المجتمع الإيطالي كأصوليين دينيين، و يتعرضون إلي نوع من
الإزدراء بإعتبار أن تدينهم فيه الكثير من التطرف.
الدوق الشاب جيانلوكا دي سينارو مات في حادث سيارة، مخلفا ارملة شابة في الثامنة و العشرين من العمر مع
يتيمتين روزانا ستة سنوات و غابريلا سنتين.
من أعان الأرملة علي تربية البنتين عمهما بيار لويجي و خالهما الأصغر أنزو دي بنفنيتا و بقت معززة مكرمة في
قصر زوجها المتوفي. إلا أن عملية التربية للفتاتين كانت اصعب مهمة توكل لإمرأة شابة غنية و نبيلة في مجتمع
إيطالي مادي تخلي عن الكثير من تعاليم المسيح عليه السلام.
المشهد الثاني :
في اليوم الذي كان علي الفتاتين الإلتحاق بالنظام الداخلي لمدرسة إيطالية كاثولكية غير مختلطة، إستقبلت ماجدلينا
بنتيها في جناحها :
-روزانا إبنتي أنت الكبري فأرجو منك أن تراعي أختك غابريلا و أعدكما بأننا سنلتقي كل نهاية أسبوع في بيتنا و
سنسافر إلي الريفيرا في عطلة الشتاء و سنمضي مع خالكم أنزو و عائلته أجمل أعياد الميلاد.
كبري بناتها روزانا إبتسمت إبتسامة عريضة و قبلت أمها علي جبينها :
-جيد ماما سنجتهد لنحصل علي أفضل النقاط هذا العام.
إلا أن غابريلا لم تكن فرحة بإنفصالها عن أمها الحبيبة، تعلقت بها و هي تتمتم :
-ماما، لماذا لا نذهب إلي المدرسة العادية لنكون إلي جنبك ؟
-غابريلا المدرسة العادية محرمة، فديننا يحرم إختلاطكم بالذكور الغير المهذبين و أنتن بنات مسيحيات مطيعات
للرب.
نستنتج ما يلي :
البنت في العرف الكاثولكي لا تطلب العلم في نظام مختلط.
و تشرح الدوقة ماجدلينا ما سبب ذلك لبنتيها : البنت المسيحية المطيعة للرب لا تطلب العلم مع ولد غير مهذب.
المشهد الثالث
عند بلوغ البنت الكبري روزانا سن التكليف، جلست معها الدوقة ماجدلينا ذات صبيحة ربيعية مشرقة و شرحت
لها التحولات الفيسيولجية التي بدأت تظهر علي جسمها، قائلة لها :
-ستستمرين في إرتداء اللباس المحتشم. سأسمح لك بمتابعة الموضة شرط أن يكون اللباس الذي تختاريه محتشم
و طبعا لن اسمح لك بإستعمال المساحيق.
ممنوع عليك خلوة مع أي فتي و لن أتسامح معك و لا عمك و لا خالك في هذه النقطة.
تحتفظي بعذريتك ليوم زفافك. ممنوع تناول الخمر و إياك أكل شيء من يد رجل أجنبي عنك إلا عمك و خالك و
زوج المستقبل.
و أفهمت بنتها كيف لها ان لا تسمح لأي فتي بأن يلامسها في أماكن حساسة و محرمة من جسمها كالصدر و
أعلي الساقين و الفخدين و الفرج أكرمكم الله و محرم عليه تقبيلها علي الفم.
و كانت الفتاة روزانا تستمع بحياء لأمها و في نهاية حديث الدوقة، سألتها :
-ماما إنني اريد أن أكمل دراستي قبل التفكير في الزواج، فهل يحق لي ذلك ؟
-الزواج أهم من الدراسة، لهذا بإمكانك أن تتزوجي حينما يتقدم لك الزوج الصالح و تشترطي عليه إكمال دراستك
في عقد الزواج، فالرب أوصانا نحن النساء بحسن التبعل و سيكون ثوابنا علي ذلك أكبر من أي شيء آخر. شرحت
لها الدوقة ماجدلينا
كم من أم مسلمة تجلس هذه الجلسة مع بنتها ؟
كم من أم مسلمة تحرص علي سمعة بنتها في مجتمع مسلم مختلط حيث إنهارت فيه قيم العفة و الإستقامة
الأخلاقية ؟
كم من أم مسلمة تقول لبنتها الزواج أهم من طلب العلم ؟
كم من أم مسلمة تربي بنتها علي الحشمة في الملبس و المظهر.
المشهد الرابع
عند بلوغ روزانا سن الثامنة عشر و غابريلا السادسة عشر، نظم عمهما حفل تعارف في قصره بين خيرة
شباب الطبقة الأرستقر اطية و بنات أخيه، فقد حان موعد زواجهما و حرصا علي أن يكون التعارف بين الشباب
الذكور و بنات أخيه تحت عينيه و حراسته.
فقدر الله لروزانا الزواج في اقل من ستة أشهر بعد حضورها حفل التعارف في قصر عمها بيار لويجي بشاب
إيطالي ثري و صاحب نسب طيب و قد قابلها في حضور أمها و طلب يدها هكذا :
-تتزوجيني روزانا ؟
فأحمرت وجنتيها و سعدت بعرضه لأنها كانت تبادله نفس مشاعر الإعجاب و في حضرة أم زوجة المستقبل،
إشترط عليها هذه الشروط :
-أكملي دراسة الطب لكن بعد نهاية الدراسة، أريدك أن تبقي في البيت، فتكوني ملكة جمال زوجة رائعة و أم
مثالية، هل تقبلين بشروطي ؟
-قبلت.
فتقدم رسميا الشاب إلي عمها و حرص هذا الأخير علي أن يكون زفاف بنت أخيه في مستوي الطبقة التي
تنتمي إليها.
يتبع...
البقية في الحلقة الثانية القادمة إن شاء الله